المقا.ومة في الانتخايات: الكبار يصنعون التاريخ ويستوعبون الصغار

الإثنين 19 أيار , 2025 11:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في المشهد اللبناني المتقلب، تبقى المقاومة ظاهرة فريدة لا يمكن تجاهل حضورها أو تبخيس دورها. هي الأكبر شعبياً، ليس فقط من حيث العدد، بل من حيث الثقة التي زرعتها في قلوب الناس منذ أن قررت أن تكون في طليعة من تصدى للاحتلال، يوم غابت الدولة وتراجعت المؤسسات، ووقف الوطن على حافة الضياع.

هذه المقاومة لم تكن بندقية مجردة، بل مشروعاً متكاملاً صاغه الوعي الشعبي والتاريخي والكرامة الوطنية، فكان لها شرف المبادرة في الدفاع عن الأرض والسيادة. ولولاها، لما تحررت الأرض، ولما تحقق التوازن مع العدو، ولما أمكن للبنان أن يفرض إرادته السياسية والسيادية في كثير من المحطات المفصلية.

حين دخل البلد في فراغ دستوري قاتل، وكانت المؤسسات مشلولة والإرادات متصادمة، كانت المقاومة حاضرة بدورها الوطني، في تأمين التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، بعيداً عن الفوضى والانهيار. لم تسعَ إلى مكاسب خاصة، ولم تفرض شروط المنتصر، بل قدمت مصلحة الوطن على أي اعتبار.

وما يلفت، أن بعض من يتطاولون اليوم على المقاومة، هم أنفسهم ممن استفادوا من غطائها الوطني في العاصمة، حيث وفّرت لهم مساحة للتمثيل والوجود السياسي، رغم اختلاف الخيارات والمواقف. وهذا يؤكد مرة أخرى أن الكبار يستوعبون الصغار، لأنهم أكثر نضجاً وحكمة وثقة بالنفس، كما علمتنا أخلاق الأجداد.

لقد صمدت المقاومة أمام آلة إعلامية ضخمة، وأمام أموال أنفقتها ممالك ودويلات لتشويه صورتها وتفكيك بيئتها. لكنها بقيت على عهدها مع الناس: تدافع، تصبر، وتبني. لم تتأثر بمال ولا بإغراء، لأنها تأسست على القناعة واليقين.

وفي بلد متعدد ومعقّد كلبنان، ليس المطلوب أن يتفق الجميع على كل شيء، ولكن المطلوب أن يُحترم من كان له شرف الدفاع عندما انسحب الآخرون، وأن يُقدَّر من حافظ على الكرامة الوطنية حين تهاوت بعض الرؤوس في حضرة السفراء.

إن المقاومة ليست حزباً أو طائفة، بل قضية سكنت وجدان شعب، وتجربة تستحق الاحترام. ومن لا يرى فيها إلا خصماً، فربما عليه أن يتعلم شيئاً من أخلاق الكبار، وأن يدرك أن في السياسة كما في الحياة، من يملك الثقة والحكمة، لا يُستدرج إلى الصغائر.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل