أقلام الثبات
كان لافتاً موقف نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط؛ مورغان أورتاغوس، بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى السعودية ولقائه أحمد الشرع، حيث اعتبرت أنه "يمكن للبنان أن يتعلم درسًا من الشرع"، وأضافت "كان الشرع لينًا كثيرًا، وأعطيناه قائمة بالأشياء التي نريده أن يقوم بها".
لا شكّ، تشير أورتاغوس هنا الى مطالب باتت معروفة من لبنان، وهي تريد من اللبنانيين أن يكونوا بليونة الشرع والقبول بما هو مطلوب منهم أميركياً و"إسرائيلياً"، والبدء بالتنفيذ بدون اعتراض. فبالإضافة الى نزع سلاح حزب الله، وهو مطلب أساسي يريده الأميركيون من لبنان، يتقاطع مطلبين من المطالب التي تقدم بها الأميركيون الى الشرع مع لبنان، وهي ترحيل الفصائل الفلسطينية، ومطلب التطبيع مع "إسرائيل".
وكان الرئيس الأميركي - بحسب ما صرّح مسؤول في البيت الأبيض لوكالة رويترز - قدم لائحة بمطالب أميركية عليه أن يقوم بها مقابل "وقف العقوبات" عن سوريا، وهي على الشكل التالي:
1. الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام مع "إسرائيل".
2. مطالبة جميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا.
3. ترحيل "الإرهابيين" (بحسب التعريف الأميركي) الفلسطينيين.
4. مساعدة الولايات المتحدة على منع عودة تنظيم داعش.
5. تحمل مسؤولية مراكز احتجاز أفراد تنظيم داعش وعائلاتهم في شمال شرق سوريا.
1) بالنسبة لترحيل الفصائل الفلسطينية:
إذا أخذنا مطلب ترحيل الفصائل الفلسطينية من سوريا، فهذا الطلب كان الأميركيون والغربيون قد طالبوا به في وقت سابق، وقد أبدى الشرع تجاوباً حينها، بحيث تمّ نزع سلاح الفصائل واغلاق مكاتبها.
وأرسل أسعد الشيباني في 14 نيسان/ أبريل 2025 رسالة الى الأميركيين يبلغهم فيها بأن السلطات في دمشق شكّلت لجنة خاصة لـ"مراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية"، مع تأكيد أن الدولة السورية "لن تسمح للفصائل المسلحة غير الخاضعة لسيطرة الدولة بالعمل داخل أراضيها"، وتعهد الشيباني بعدم السماح باستهداف "إسرائيل" من خلال الأراضي السورية. وقبيل زيارة الشيباني الى نيويورك بأيام قليلة، قامت السلطة الجديدة في سوريا باعتقال مسؤولين فلسطينيين تابعين لحركة الجهاد الإسلامي، كبادرة إيجابية تلاقي ما يطلبه الأميركيون.
لكن، المطالب الأميركية اليوم ارتفعت، وبات الطلب الأميركي - "الإسرائيلي" أن يتم إخراج الفصائل الفلسطينية كلياً من سوريا، وهو طلب من المتوقع أن يطلبه الأميركيون من لبنان في وقت لاحق.
2) الانضمام الى اتفاقيات التطبيع:
قال ترامب في لقاء مع الصحفيين إن الشرع أبدى استعداده للانضمام الى تلك الاتفاقيات حالما تستقر الأمور في سوريا. وهذا البند من المتوقع أيضاً أن يتم طلبه من لبنان، الذي سيصرّ على الالتزام بسقف المبادرة العربية عام 2002، والشرط الذي وضعته المملكة العربية السعودية للتطبيع، وهو إنشاء الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ويبقى السؤال المركزي بالنسبة لسوريا هو: كيف يمكن لأي حكم في سوريا أن يعقد اتفاقية "سلام" وتطبيع مع "إسرائيل" بدون استعادة الجولان السوري المحتل، وبدون خروج الاحتلال "الإسرائيلي" من الأراضي السورية التي احتلها بعد 8 كانون الأول / ديسمبر 2024؟ وهل يملك الشرع في هذه المرحلة الانتقالية صلاحية عقد مثل هذه الاتفاقية التاريخية، وهو رئيس غير منتخب من الشعب السوري، وفي ظل عدم وجود برلمان سوري منتخب ليقرّ الاتفاقية قانونياً؟