مقالات مختارة
في المرحلة الثالثة تدخل عروس المدن بيروت إلى الانتخابات البلدية والاختيارية مع اخواتها من المدن اللبنانية في البقاع، ويصل فيها عدد الناخبين لهذه الدورة (2025) الى حوالي 511 الف ناخباً، يتوزعون بين 66.5% مسلمين و33.5% مسيحيين، مع توقعات بمنافسة شديدة بين الأسماء المرشحة خمس لوائح غير مكتملة وسادسة مكتملة، فيما الانظار تتجه الى العرف الذي ساد قبل ثلاثين سنة، اي "المناصفة" التي تعرضت للكثير من التشويه من خلال التحريض المذهبي والطائفي من اصحاب المطالبين بها انفسهم، ولغايات مرفوضة منذ الاستقلال، وهي انشاء بلديتين: بيروت الأولى ذات الأكثرية من المسيحيين، وتضم الأشرفية والصيفي والرميل والمدور والمرفأ، وبيروت الثانية ذات الأكثرية من المسلمين، وتضم ميناء الحصن والباشورة ورأس بيروت والمصيطبة وزقاق البلاط والمزرعة وعين المريسة، ليصبح الفرز الطائفي بين المسلمين والمسيحيين نتيجة الحرب الاهلية امرا واقعا يرفضه كل بيروتي وحدوي، وواجهه في اصعب الظروف لتبقى بيروت واحدة موحدة تجمع الطوائف والمذاهب تحت سقفها، وتعزيز العمل في الإنماء المتوازن بين مختلف مناطقها يمثلان السبيل الأمثل لتعزيز الاستقرار والتنمية في العاصمة، وبالتالي في لبنان بأكمله، من خلال تحسين الخدمات واصلاحات شاملة تعزز الوحدة الوطنية، مع الإشارة الى تخوف عند عدد كبير من المرشحين ان تتعمد بعض الماكينات الانتخابية المسيحية الناشطة لتشطيب اسماء مرشحين مسيحيين لضرب المناصفة، والانطلاق من النتائج نحو المطالبة الجدية بتقسيم العاصمة بلدياً الى بلديتين.
عملياً، تتصدر لائحة "بيروت تجمعنا" المشهد برئاسة إبراهيم زيدان، وتضم احزاباً متناقضة سياسيا تقول انها اجتمعت لحماية المناصفة، وهي الثنائي الوطني - والحزب التقدمي الاشتراكي - والتيار الوطني الحر- وحزب الكتائب- وجمعية المشاريع الإسلامية- والقوات اللبنانية- وحزب الطاشناق- وحزب الهنشاك، مدعومة من بعض النواب الحاليين والسابقين وشخصيات بيروتية سياسية ودينية، ومنهم مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة.
في المقابل، تخوض لوائح "ائتلاف بيروت مدينتي" برئاسة فادي درويش، و"بيروت بتحبك" يرأسها العميد المتقاعد محمود الجمل - ولائحة "اولاد البلد" برئاسة رولا العجوز- ولائحة "مواطنون ومواطنات في بيروت"، واللائحة الأخيرة "بيروت عاصمتنا" برئاسة عدنان الحكيم، وجميعهم يراهنون على تحقيق خروقات محددة.
في قضائي بعلبك والهرمل، يبلغ عدد الناخبين حوالي 358,310، وابرز اللوائح "تنمية ووفاء" المدعومة من الثنائي الوطني، ويسجل هنا نقطة ايجابية لـ"الثنائي"، حيث يلاحظ بوضوح اصرارهم في مدينتي بعلبك والهرمل والبلدات الكبرى على اختيار مرشحين يمتلكون كفاءات علمية بارزة، فقد وضع شرط للعائلات ان يمتلك المرشح شهادة جامعية، خلافاً للاستحقاقات السابقة، مما ينعش الآمال في تحسين الأداء البلدي من جهة، ويخفف من التنافس كما يؤسس لثقافة جديدة في انتقاء الممثلين المحليين من اصحاب العلم والكفاءة، مع التأكيد على العيش المشترك وتمثيل مختلف الطوائف.
في قضاء زحلة يصل عدد الناخبين فيه الى 68783 والتنافس بين لائحة "قلب زحلة" لحزب القوات اللبنانية في مواجهة لائحة "رؤية وقرار" المكونة من العائلات الزحلاوية برئاسة اسعد زغيب، مدعومة من شخصيات ونواب حاليين وسابقين، ومن حلفاء "القوات" القدامى.
في البقاع الغربي بمختلف بلداته وقراه، تشتد المنافسة العائلية في ظل انكفاء الأحزاب خلفها ويبلغ عدد الناخبين 106.010 وتشكل فيه عدد من اللوائح المدعومة ايضا من شخصيات سياسية تقليدية ونواب حاليين وسابقين.
شهد البقاع عموما فوز عدد لا باس به من البلديات بالتزكية ما جنبها خوض غمار التنافس السياسي، وقد أصبح مفهوم الفوز بالتزكية شائعا في لبنان، وتحدث التزكية عندما يتساوى عدد المرشحين مع عدد المقاعد المتاحة في المجلس البلدي بعد انتهاء فترة الترشح، ليتم اعلان فوز المرشحين تلقائيا من دون الحاجة الى اجراء انتخابات، ونشير هنا الى ما يتداول في اوساط البلديات عن دفع اموال للبلديات بسبب "التزكية" الامر الذي نفته مرجعيات بلدية التقت وزير الداخلية، وقالت "لا اساس له من الصحة".
من جهته، وضمن الجهود المستمرة لمختلف القوى الأمنية بهدف انجاح هذا الاستحقاق، ترأس وزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار، في مكتبه اجتماعا لغرفة العمليات المركزية الخاصة بالانتخابات البلدية والاختيارية وفريق عمل الوزارة في حضور محافظي بيروت القاضي مروان عبود، والبقاع القاضي كمال ابو جوده وبعلبك الهرمل بشير خضر والقضاة المعنيين، جرى خلاله مناقشة التحضيرات للانتخابات، وشدد الحجار على "ضرورة استتباب الأمن خلال اليوم الانتخابي والعمل على انجاحه بشفافية تامة وحيادية مطلقة".
فتحي جعفر