نتانياهو بين الغزوات الخائبة وخيبة غزَّة _ أمين أبوراشد

الخميس 26 حزيران , 2025 05:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

خلال مقابلة تلفزيونية تَلَت قرار وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل"، علَّق ناشط سياسي كويتي بشيء من السخرية والكثير من الحكمة قائلاً: "الضربة الإيرانية لقاعدة العديد في قطر، مطلوب أن تبلعوها وتسكتوا، لأننا نحن في الخليج لا نحتمل مخاطر تعريض منشآتنا لخطر التدمير، ولذلك أكرر نصيحتي لمن دبٌَت فيهم الحميَّة رفضاً للاعتداء على العديد أن يسكتوا".

كاد هذا الناشط الكويتي يقول: "في فمي ماء"، وكلماته، على قِلَّتها، تحمل كل الدلالات على الأسباب التي فرملت الحرب، لأن قاعدة "العديد" التي أُفرِغت من عديدها وعتادها قبل الضربة، كانت الإخراج المسرحي لحربٍ لو استمرت إلى ما بعد الضربة الإيرانية لأشعلت آبار النفط الخليجية قبل القواعد العسكرية الأميركية. 

وليس من قبيل الصدفة أن تُضرب قاعدة "العديد" في قطر فارغة، لأن أهميتها في اسمها كأكبر قاعدة أميركية خارج الأراضي الأميركية، وليس أيضاً من قبيل الصدفة أن إيران أبلغت الولايات المتحدة عن الضربة قبل حصولها، وهذا ما اعترف به الرئيس ترامب، وشكر إيران عليه، لأنها وفَّرت سقوط ضحايا من خلال اتصال "الإنذار المُبكر"، وإنذار مبكر أن هناك أهدافاً إيرانية نفطية وعسكرية على امتداد الخليج ما لم يرتدع ترامب ونتانياهو، ومعهما دول التطبيع، عن اللعب مع إيران، التي حفظت نحو 400 الى 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصَّب بدرجة 60% في أمكنة آمنة منذ فترة طويلة، بدليل عدم حصول أي تسرب إشعاعي حول المواقع النووية التي قصفتها أميركا وادَّعت تدميرها في أصفهان ونطنز وفوردو.

وأكَّد أكثر من خبير دولي، قدرة إيران الآن على إنتاج أكثر من عشرة رؤوس نووية باليورانيوم المخصَّب الذي تمتلكه حالياً، وأن الضربة الأميركية "حررتها" من رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بقرار إيراني سيادي، قضى بتجميد أنشطة هذه الوكالة على الأراضي الإيرانية لأسباب ترتبط بالأمن القومي الإيراني، لأن هذه الوكالة عجزت عن حماية المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاقية المُوقَّعة معها.

وبالفعل، اعترف اللواء "الإسرائيلي" المتقاعد إسحق بريك، في مقالة له بصحيفة "هآرتس"، أن الأهداف العسكرية لا تكفي لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية، خصوصاً أنها تملك بالفعل كميات كافية من اليورانيوم المخصَّب، معتبرًا أن اتفاقًا سياسياً هو السبيل الوحيد لمنع طهران من بلوغ هذا الهدف.

وتابع بريك في مقالته: "كان لدى الإيرانيين نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب حتى مستوى 60 في المئة، ومكانه غير معروف، وحسب شهادة الموساد يمكن لهذه الكمية أن تنتج بضع قنابل نووية في غضون أسبوعين، وأنه حتى بعد أن ضربت الولايات المتحدة بشدة منشأة فوردو، فليست هذه نهاية قاطعة للبرنامج النووي الإيراني. ويرى بريك أنه ستبقى لإيران قدرات نووية وقدرات لإطلاق الصواريخ، ولا حلّ سوى باتفاق سياسي معها يمنع وصولها الى قنبلة نووية.

وإذ انتظر "الإسرائيليون" بعد مشهديات التهجير والنزوح التي عاشوا مرارتها على مدى 12 يوماً تحت وابل الصواريخ الإيرانية، أن يحمل إليهم قرار وقف إطلاق النار مع إيران شيئاً إيجابياً، انتشر فيديو لنتانياهو وهو يصرخ غاضباً ويضرب على الطاولة من ضربات الأسلحة الإيرانية "المُدمِّرة"، حسب وصفه، لتأتيه بعد ساعات الضربة الأقوى له وللشعب "الإسرائيلي": عملية نوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة قتلت 7 عسكريين صهاينة حرقاً داخل مدرعتهم؛ في واحدة من أدَقّ وأجرأ العمليات، التي أعادت بعض الوعي إلى "عقل نتانياهو النووي"، أن غزواته الخائبة في لبنان وسوريا واليمن وإيران عادت وانتهت في غزة الصامدة، التي بدأت منها وانتهت فيها خيبة عمره وحياته السياسية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل