أقلام الثبات
بدأت الشكوك حول أهداف إبقاء النازحين السوريين في لبنان تتحوّل الى أدلة واقعية لتوضيح أهداف إبقائهم في لبنان؛ ليس لدواع إنسانية وحفظ حياتهم وحمايتهم من النظام السابق ،بل لأهداف سياسية وأمنية ،يتم تكليف السوريين النازحين بها في اللحظة التي تراها أميركا مناسبة ،لاستثمار وجودهم في لبنان، بعدما فرضت على الدولة اللبنانية قبولهم وعدم ترحيلهم، وعلى والهيئات الدولية ومفوضية اللاجئين دفع رواتب شهرية لهم، وإصدار إفادات سكن، وفتح المدارس بدوام خاص للسوريين، وإلزام السلطات بإصدار شهادات ولادة، لاستغلالها قانونياً وفرض تجنيسهم.
انتفت أسباب النزوح ،فقد سقط النظام الذي يخافون منه، وفق ادعاءاتهم، واستلمت السلطة فصائل المعارضة التي يؤيدونها، او التي أرسلتهم الى لبنان، وانتهت الحرب في سوريا، وانتفى عامل التهديد الأمني ،فلا اشتباكات في المدن والقرى، والسبب الأهم الغاء الرئيس الامريكي "ترامب" للعقوبات عن سوريا، وبالتالي فإن كل متطلبات الشعب السوري ستكون مؤمّنة؛ اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، ولا مبرّر لبقاء النازحين إلا بانتظار تكليفهم بعمل أمني وديموغرافي..
ان الدولة اللبنانية متواطئة في حال تأخرها في ترحيل النازحين، وهي التي تقول انها تعمل لاسترجاع سيادتها، وهي ليست بحاجة إلى إذن دولي لترحيلهم، ومع ذلك تستيقظ كل صباح لتصرّح بوجوب نزع سلاح المقاومة، دون الإشارة الى نزع فتيل وخطر النازحين السوريين الذين يهدّدون الأمن والديموغرافيا اللبنانية، ويستنزفون الاقتصاد اللبناني، فيستهلكون الكهرباء والماء دون أن يدفعوا ما يترتب عليهم من ضرائب على الدخل او البنى التحتية كما يدفعها اللبنانيون.
ان الأحزاب اللبنانية ،باختلاف انتماءاتها الطائفية ،تشارك في جريمة ومؤامرة إبقاء النازحين السوريين، لأنها تصمت عن هذا الاحتلال الدولي للبنان "بقوات سورية" من السوريين الذين ينتحلون صفه "النازحين" بعد سقوط النظام ورفع العقوبات.
لا يمكن التعامل مع السوريين الآن على انهم نازحون، بل مقيمون بوجه غير شرعي ،ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، حتى لا نعطي الفرصة لأميركا و"إسرائيل" وحلفائهم للاستعانة بهم ضد المقاومة مرحلياً ولا لتغيير الديموغرافيا الطائفية في لبنان، التي ستزيد فيها عدد المسلمين أكثر من مليوني سوري بعد تجنيسهم بقرار أميركي، سواء رغب اللبنانيون او رفضوا مع وجوب التفريق بين السوريين الذين ينتحلون صفة" نازح" والعمال السوريين الذين اعتاد الاقتصاد اللبناني للاستعانة بهم قبل الحرب السورية، والذين كانت أعدادهم تتراوح بين 300 ألف الى 400 الف عامل، وفق المواسم، دون عوائلهم .
ليبادر مجلس النواب، الذي يجمع كل القوى السياسية والطائفية، لإصدار قانون مكرّر معجّل، لترحيل النازحين السوريين الى بلدهم الآمن وسلطتهم الجديدة التي ترعاهم وهم من مؤيديها، وأن تقوم الحكومة اللبنانية مع الأجهزة الأمنية والإدارية بإصدار المراسيم اللازمة لتنفيذ هذا الترحيل خلال الأشهر القادمة ،كما فعلت تركيا وأوروبا ،فلا يمكن للبنان الصغير المديون والمُحاصر ان يتحمّل تكاليف ما يقارب نصف عدد سكانه من النازحين واللاجئين .
النازحون السوريون سلاح تخريب وتهديد دائم بيد أميركا واللاجئون قنبلة موقوتة ستتفجر "بالتوطين"، ليتم تغيير معالم الكيان اللبناني ،ضمن مشروع تغيير معالم الشرق الأوسط وتذويب النسيج اللبناني بالتجنيس السوري، ويتم تدمير الصيغة اللبنانية الهشّة ولا يمكن المحافظة على المناصفة غير الواقعية الآن ،فإذا تم تجنيس الفلسطينيين والسوريين (المسلمين) سيتحوّل المسيحيون في لبنان الى أقلية غير منظورة، ولا يمكن حفظ "المناصفة"، وربما لا يمكن حفظ الوجود المسيحي في لبنان "الباقي الوحيد" من الوجود المسيحي في فلسطين وسوريا والعراق، بانتظار ولادة دولة "الأقباط" في مصر ،بعد تقسيم السودان واستحداث دولة "جنوب السودان" المسيحية.
لماذا إبقاء النازحين بعد إسقاط النظام ورفع العقوبات؟ _ د. نسيب حطيط
الجمعة 16 أيار , 2025 08:28 توقيت بيروت
أقلام الثبات

