خاص الثبات
ما شهدناه في مطار بيروت مؤخراً لم يكن استقبالاً دبلوماسياً عادياً، بل كان مشهداً فاضحاً لانحدار ما تبقّى من كرامة الدولة اللبنانية. استنفرت الأجهزة، نُشرت الورود، وفُرشت السجادة الحمراء لطيران الإمارات، بعد سنوات من الجفاء والمقاطعة الخليجية للبنان، وكأن البلد خرج لتوه من العزلة، لا من الإهانة.
كيف لبلدٍ يزعم السيادة أن يتحول إلى لجنة تشريفات لإرضاء محمد بن زايد، الذي حرد لسنوات، كيف تفرح الدولة بعودة من طعنها وأهانها وعاقب شعبها اقتصادياً وسياسياً؟، بينما تُمنع الطائرات الإيرانية التي عرضت الدعم والإعمار من الهبوط على أرضها، بقرار خارجي فوقي، أميركي المصدر، خليجي الترجمة، لبناني التنفيذ؟
السؤال الجوهري هنا: هل لبنان دولة فعلًا، أم مزرعة مأجورة تدار بأوامر السفارات؟
أي "حُضن عربي" هذا الذي يُقدَّم له لبنان على طبق من التبعية بينما يهرول للتطبيع مع العدو الصهيوني ويحرّض على المقاومة التي حمت لبنان من الإرهاب والاحتلال؟
الوقاحة في المشهد ليست في استقبال الطائرات فقط، بل في صمت الدولة أمام هذا الانحدار، وتبجّح بعض ساستها بأن لبنان "عاد إلى الحاضنة العربية"، وكأن الذلّ إنجاز. هذا الحضن الذي ما احتضن لبنان إلا ليُحطّمه أو يجرّه نحو التطبيع والخضوع، ملعون.
لبنان اليوم بلا قرار، بلا كرامة، بلا سيادة. القرار يُصنع في الخارج، ويُنفَّذ على أرض المطار، وأرض السياسة، وحتى في عقول الإعلام المأجور.
إذا كانت هذه هي عودة العرب، فليبقَ لبنان في وحدته.
وإذا كانت الدولة بهذا الانحدار، فصحيح ما يُقال: نحن في مزرعة... لا في وطن.