رسالة الجولاني للبغدادي: تطهير بلاد الشام من الأقليات _ أمين أبوراشد

الإثنين 05 أيار , 2025 04:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
خلال إطلالة تلفزيونية، يقول الصحفي والباحث اللبناني في شؤون الجماعات "السلفية"؛ نضال حمادة، المقيم في باريس، إنه يمتلك نسخة من رسالة "أبو محمد الجولاني" إلى أبي بكر البغدادي عام 2013، وهي تقع في خمسٍ وخمسين صفحة، اقترح فيها الجولاني على البغدادي وجوب البطش بالأقليات السبع، عبر القتل والتنكيل والتهجير، وعلى أساس هذه الرسالة أمر البغدادي بتعيينه أميراً للدولة الإسلامية في بلاد الشام.
هذه الأقليات تنتمي إلى الطوائف التالية: 
العلوية، والدرزية ،والإسماعيلية، والمرشدية، والأيزيدية، والشيعية والمسيحية. 

ويضيف الباحث حمادة أنه اشترى نسخة الرسالة من شخص "سلفي" في جنيف عام 2017 بمبلغ 600 دولار أميركي، وهو بصدد إعداد كتاب يسرد فيه ما ورد في رسالة الجولاني إلى البغدادي عن اقتراحاته في ما يُسمى "التمكين" لدى المنظمات الإرهابية، للسيطرة على المناطق، واعتماد العنف بمختلف أشكاله ضد القرى والبلدات بشراً وحجراً، وإحراق المحاصيل والمزروعات، بهدف اقتلاع فكرة التمسُّك بالأرض من أهلها، ودفع الناجين منهم للرحيل.

وإذ يضيف حمادة أن الجولاني بدَت عليه ملامح التغيير الإيديولوجي عام 2021، خلال زيارة صحفي أميركي له، حيث أباح له أنه كتب تلك الرسالة وهو يافع، فإن الجولاني / الشرع اليوم، لم يتغيَّر كما يدَّعي، سواء من خلال الأداء العدواني لهيئة تحرير الشام بحق الأقليات، سواء كانوا من العلويين أو الدروز، أو من خلال أسلوب القمع السياسي الذي اعتمده في فرض المؤتمر الوطني "المسرحي" على السوريين، أو في الإعلان الدستوري الذي منح فيه نفسه سلطات "الخليفة" الحاكم بأمر الله.

الشارع السوري اليوم، وفي طليعته الجمهور السني الحرّ، على امتداد الخارطة السورية، يعتبر أن وجود أحمد الشرع والفصائل المتحالفة معه تحت لواء وزارة الدفاع، أخطر على سورية من "داعش" والفصائل الإرهابية الأخرى، لأنه أعطى لنفسه شرعية السلطة على مكونات الشعب السوري الأعزل، ويمارس القمع والبطش عبر ما يسمى "الأمن العام"، الذي يضمّ جماعات إرهابية لا تشبه الشعب السوري، ولا تنتمي إلى تاريخه وحضارته.

اللافت في أداء أحمد الشرع، أنه يعاني من "التصلب العقلي" و"الشلل الحركي"، بحيث إن إعلانه الدستوري مرفوض من الكرد شمالاً، ومن الدروز جنوباً، وتقسيم البلاد واقعٌ واقع بعد مجزرة الساحل بحق العلويين، وملحمة الجنوب بحق الدروز، لكن المسألة ليست فقط في ديكتاتورية سياسية ظالمة ينتهجها، بل في مشهديات الانحلال الحكومي و"الحكم الذاتي" غير المُعلن في كافة المناطق، حتى داخل كل حيّ في العاصمة دمشق والمدن الكبرى من حلب إلى حماه وصولاً الى حمص، حيث لا أمن ولا عمل ولا اقتصاد، في ما يشبه "صمت القبور" الذي سيولِّد الانفجار الشعبي ما لم يبادر الشرع إلى إقالة "حكومة الفصائل"، وإجراء مشاورات عاجلة وشاملة لتشكيل حكومة ذات صفة تمثيلية سياسية عادلة للمكونات الموالية والمعارِضة، وأن يعلِّق أنشطة وزير خارجيته أسعد الشيباني، لأن لا ترحيب خارجي به على المستوى الإقليمي والدولي قبل التعديل الحكومي ونسج علاقات ثقة مع الأقليات العرقية والدينية في الداخل، رغم صعوبة استعادة هذه الثقة مع أبناء الساحل العلوي والجنوب الدرزي ودمشق المتنوعة بجمالية نسيجها الاجتماعي، الذي لن يحتمل المزيد من الوجود الأجنبي المرفوض في شوارعها.

وإذا كان الرئيس الشرع قد تغاضى لغاية الآن عن مطالب الشعب السوري في تطهير مؤسسة "الأمن العام" ونواة الجيش الجديد من الأجانب (الأوزبك والإيغور والشيشان وسواهم)، وتغاضى أيضاً عن المطالب الدولية في هذا الشأن، تحت طائلة عدم الاعتراف بنظامه وعدم رفع العقوبات عن سورية، فإن وفداً أذربيجانياً وصل إلى دمشق منذ ساعات، يحمل رسالة شديدة اللهجة من رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتانياهو، فيها كل عبارات التهديد والوعيد لسورية، بعمليات برية وجوية، ما لم تبادر حكومة الشرع إلى وقف تمويل الجماعات التي تعتبرها "إسرائيل" إرهابية وتهدد أمنها القومي، على خلفية ما حصل في محافظات الجنوب السوري، فإن الشرع سيجد نفسه بلا سورية، يعيش ناسكاً خلف جدران قصر الشعب، فيما الغريب والقريب يُمزِّق كيان الدولة، بانتظار ثورة جديدة من الشعب السوري لاستعادة زمام المبادرة والقضاء على باطل الإرهاب والترهيب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل