خاص الثبات
في زمن تكثر فيه التحديات وتُثقل فيه الأزمات كاهل المواطن اللبناني، لا يزال بعض المسؤولين في الدولة يسلكون مسارًا لا يمتّ إلى المصلحة الوطنية بصلة، ويغردون خارج سرب السيادة والكرامة.
من المؤسف أن نجد وزراء يفترض أن يكونوا خدامًا لمصلحة لبنان العليا، يتحوّلون إلى أدوات لحسابات حزبية ضيقة، ويساهمون في تضييع البوصلة الوطنية، بل ويتجرأون على اتخاذ مواقف تتنافى مع الدستور والميثاق، وتُسيء إلى موقع الدولة ودورها المتوازن.
الاعتداءات التي يتعرض لها لبنان، جنوبًا من العدو الصهيوني، وشمالاً من التهديدات الإرهابية، تفرض على كل صاحب ضمير حيّ أن يعيد ترتيب الأولويات. الأولوية ليست للارتهان لصندوق النقد الدولي وشروطه المسمومة التي تهدد ما تبقى من سيادة لبنان الاقتصادية، بل الأولوية لوطن قوي، لجيش يدافع، وشعب يعي، ومقاومة تحمي. هذا الثلاثي هو ما أثبت جدواه عبر السنين، وحرر الأرض، وصان الكرامة، وردع العدوان.
ما نراه اليوم من صمت رسمي تجاه الاعتداءات الإسرائيلية، وتخاذل واضح في التصدي للدور التخريبي لبعض السفارات الأجنبية، يقابله حماس زائد في استدعاء سفراء بعض الدول الصديقة، بحجج واهية، وبمعايير مزدوجة، وكأن لبنان أصبح مرتعًا للكيد السياسي. هذا السلوك لا يبني دولة، بل يهدم ما تبقى من أسسها. إن من يديرون العمل الدبلوماسي مطالبون بأن يتصرفوا بما يليق بلبنان، لا بما يرضي طموحاتهم السياسية أو الحزبية.
إن استهداف سلاح المقاومة اليوم هو استهداف مباشر لحصن من حصون لبنان. المقاومة لم تكن عبئًا على الدولة، بل كانت درعًا لها حين تخلّت عنها الكثير من الأنظمة، وسقطت رهانات بعض الساسة في لحظات الشدة. من هنا، فإن أي خطاب يُضعف المقاومة، أو يشكك بشرعيتها، إنما يوجه طعنة في خاصرة الوطن، ويخدم العدو الصهيوني دون أن يدري أو عن سابق قصد.
في الختام، إن لبنان بحاجة إلى صوت عاقل، وإلى ساسة يملكون من الوعي ما يكفي ليفهموا أن الكرامة الوطنية لا تُقاس برضا الخارج، وأن قوة الوطن ليست في ضعفه أمام الابتزاز الدولي، بل في تماسك جيشه وشعبه ومقاومته. فليكن هذا الثلاثي هو أولويتنا، وليصمت من لا يريد الخير لهذا الوطن.