معركتنا مع أميركا... وليست مع الدولة اللبنانية ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 21 نيسان , 2025 12:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 تعتمد أميركا في حروبها المعاصرة على  استراتيجية "استخدام الأطراف" المحلية او الإقليمية للتصادم مع بعضها ،فتتبنى دعم أحد الأطراف المتحاربة دون أن يكون حليفها وثقتها الاستراتيجي، بل أداة مرحلية لتنفيذ ما تخططه ولا تريد تنفيذه بالغزو المباشر، لعدم دفع الأثمان من قتلى ونفقات، ولا حليف لها في منطقة الشرق الأوسط، بشكل حقيقي ،إلا "إسرائيل"؛ الدولة الوظيفية التي تؤمن مصالح اميركا والغرب منذ 70 عاما، والتي ستقوم بحماية هذه المصالح لخمسين عاماً قادمة او ربما قرنٍ كامل في حال استمر الانهيار العربي والاسلامي أمام المشروع الأميركي، وذوبان الأمتين العربية والإسلامية وتحوّل دولهم الى جماعات من المرتزقة تخدم المشروع الأميركي بالمال والسياسة  والمقاتلين، وبالفتاوى الدينية التي تمنع المسلمين من قتال اميركا و"إسرائيل"، وتشجع على قتل "المسلمين الكفّار"!
تتغيّر السياسات الأميركية وتتنوّع أدواتها لتحقيق هدفٍ واحد هو تأمين  المصالح الأميركية، فمرة تدعم الأنظمة ضد المعارضة للقضاء عليها إذا كان النظام موالياً وتابعاً لها وتارة تدعم المعارضة لإسقاط النظام المعارض لها وتحاول أميركا ، تكرار تجربتها في لبنان بعد اجتياح 1982 باستخدام النظام (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) والجيش بمواجهة المقاومة الآن ، دون ان يلحق بها أي خسائر وتأمل ان يقوم "الحاكم الإداري الأميركي" الجديد اليهودية - الصهيونية مورغان  أورتاغوس بدور المبعوث الأميركي" فيليب حبيب" عام 1982 الذي قاد مفاوضات طرد المقاومة الفلسطينية من لبنان تحت النار ،بالبواخر والشاحنات وهذا ما تعمل له أميركا ضد المقاومة اللبنانية  مع تعديل بسيط ،يتمثّل باجتثاث المقاومة اللبنانية ونزع سلاحها وطردها من المنظومة السياسية والثقافية والإعلامية اللبنانية، بالمفاوضات  تحت النار الإسرائيلية والبعبعة السياسية والإعلامية لبعض الأحزاب والشخصيات اللبنانية  .
على المقاومة والقوى الوطنية ، الالتزام بالوعي والعقلانية وضبط النفس ،وعدم الوقوع بالفخ الأمريكي وارتكاب خطأ المواجهة والمعركة مع الجيش اللبناني وحتى مع النظام خاصة "رئيس الجمهورية  الذي لا يشبه "نظام أمين الجميل"  الذي وُلد من رحم حزب الكتائب الذي تحالف مع اسرائيل  للوصول الى السلطة وحتى لو ارتكبت السلطة في لبنان بعض الأخطاء، نتيجة الضغوط الأمريكية والعربية او قلة الخبرة او بسبب بعض الاختراقات الموجودة فيها المتمثلة بوزراء الأحزاب  التي تتحالف مع العدو "الاسرائيلي" وتستعين به للقضاء على خصومها الداخليين .
على المقاومة والقوى الوطنية توجيه معركتها ضد السياسة والوجود الامريكي ومواجهة الحرب الأميركية الناعمة والساخنة دون الانشغال، بالمعارك الثانوية مع النظام "المغلوب على أمره" وبدل ان تكون الساحة اللبنانية، ساحة قتال بين الدولة وقوى المقاومة ،فلتكن ساحة قتال بين قوى المقاومة والوجود الأميركي والاحتلال "الإسرائيلي" ، لإنقاذ الدولة والجيش والشعب من المخطط الأميركي الذي تنفذه أميركا بالنار الإسرائيلية ،للثأر من فشل مشروعها بعد اجتياح عام 1982.
إن مواجهة المشروع الأميركي للسيطرة على لبنان، يتطلّب إعادة تجميع القوى الوطنية من أحزاب وشخصيات وطنية ورجال دين وإعلاميين وشعراء وفنانين ونقابات وطلاب ،لتشكيل "جبهة مقاومة مدنية وطنية" عابرة، للطوائف تحاكي تجربة الإمام موسى  الصدر المتمثّلة بتشكيل "جبهة نصرة الجنوب" من رؤساء الطوائف الروحيين وتجربة أحزاب اليسار اللبناني العابرة للطوائف ، لأن المشروع الأميركي ،لا يستهدف "الشيعة" فقط، بل يجعلهم هدفاً أولياً، لحربه، لما يشكله الشيعة الآن من  قوة رادعة، للمشروع الأميركي_ الإسرائيلي وعندما تتخلّص أميركا من "المقاومة الشيعية" سيسقط لبنان بأحزابه ودولته وجيشه وثرواته ،بالقبضة الأميركية ويفرض التوطين وتجنيس النازحين والتطبيع مع إسرائيل وسيتعامل مع السياسيين اللبنانيين المعارضين بأنهم غير مؤهلين بسبب "تعاطيهم المخدرات " وبالتالي فإن رؤوس الوطنيين  مطلوبة لأميركا، واحداً بعد الآخر وحتى الذين يوالون ويتبعون أميركا، ستتركهم أميركا عندما تنتهي وظيفتهم على بوابه "عوكر" كما تركت إسرائيل عملاءها من جيش لحد على بوابة فاطمة بعد فرار الجيش "الإسرائيلي" من الجنوب.
ندعو لعقد "مؤتمر وطني" بعيداً عن المنظومة الحالية الباردة والغير مؤثرة لاجتماع "الأحزاب والقوى الوطنية" ،للدفاع عن أمن وسيادة ومصالح لبنان وعدم البقاء في دائرة المقاومة" الشيعية" التي فرضتها ظروف الجغرافيا والعقيدة والتغييرات السياسية على مستوى المنطقة والعالم ،بالإضافة الى قصور او تقصير البعض عن المشاركة في المقاومة.
 إن معركتنا الميدانية مع العدو الإسرائيلي ومعركتنا السياسية والاقتصادية مع أميركا وليست الآن مع أي طرف لبناني حتى لو كان أداةً أمريكية او إسرائيلية، فعندما نطرد اميركا وإسرائيل، سينتهي دور الأدوات الداخلية، كما انتهى دورها في مراحل سابقة.
ستتزايد الضغوط الأميركية ،عبر النار الإسرائيلية أو قرارات الحكومة المغلوبة على أمرها او الجيش الذي تُلزمه القرارات السياسية لتنفيذ ما يرفضه ....
نحن قادرون ،بإذن الله على استعادة القرار والأمن وكما رحلت "المدمرة الأميركية "نيوجرسي" والمتعدّدة الجنسيات وجيش الاحتلال.. سيرحلون مجدّداً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل