أقلام الثبات
مع انتهاء الجولة الاولى من المفاوضات الاميركية - الايرانية في سلطنة عمان، والتي بددت اوهاما كثيرة بشان الملفات المأمول طرحها من الجانب الاميركي ,وبالتالي ,انحسارها بالملف النووي , وربما تبادل سجناء لاحقا كإثبات لنوايا غير خبيثة , اطلق "الاسرائيليون" العنان لتفجعهم بعد سنوات من وضع العصي في دواليب الادارة الاميركية , لا بل دفعها باتجاه عدوان واسع على ايران , او على الاقل منح الكيان الصهيوني الغطاء كي تشن وحده عدوانا يكون كفيلا وفق التصور "الاسرائيلي" بتدمير القدرات الايرانية , ليست النووية غير العسكرية فحسب , بل كل ما يتعلق بالأنظمة الصاروخية, يلي ذلك اشعال فتن في ايران.
الطرفان المفاوضان , اي اميركا وإيران , وكذلك البلد المضيف والوسيط أبدوا جميعا وصفا جيدا لنتائج المفاوضات , بانها خطوة ايجابية ما يعني ان الاستنتاج ايجابي , وهو ما سمح ان باجراء جولة اخرى بعد اسبوع, (السبت 19 نيسان ) ,الا ان "اسرائيل" وحدها من دون العالم اعتبرت ان اي تقدم او ايجابية هو امر مقلق , وفي السياق اعتبرت الأجهزة الأمنية والسياسية أن أي تطور إيجابي في المفاوضات بين واشنطن وطهران من شأنه أن يؤدي إلى رفع جزئي للعقوبات، وهو ما سيوفر مليارات الدولارات للسلطات الإيرانية، وتخشى تل أبيب أن يُوظف جزء من هذه الأموال في دعم ما تصفه بـ"الأنشطة المعادية" "لإسرائيل" في المنطقة، والخشية الأخرى التي تحضر بقوة في التقديرات "الإسرائيلية" تتعلق بمكانة "إسرائيل" الاستراتيجية في الشرق الأوسط، إذ تخشى الأجهزة الأمنية من أن تفضي المحادثات إلى تحسّن في العلاقات بين طهران وواشنطن، الأمر الذي قد يؤثر على الشراكة الخاصة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل".
بلا شك ان القلق "الاسرائيلي" هو جزء من الدعاية الكاذبة , درجت على تسويقها سلطات الاحتلال امام الادارات الاميركية , والادارة الاميركية سواء السابقة – اي ادارة جو بايدن "الديمقراطية" او الحالية الجمهورية برئاسة دونالد ترامب الاكثر تشددا ,يدركان ذلك الا ان ترامب ,الباحث عن صفقة مربحة على المدى الطويل ,يعمل ضمن سياق أبرز ما يستهدف فيه , إذا كتب للمفاوضات ان تنجح ,مسألتين مع ملحقات .
الهدف الاول : ازاحة الصين , حليف إيران الاقتصادي والسياسي الى حد بعيد , مع السعي الى حيازة استثمارات اميركية واسعة, في إيران يعتقد انه من خلالها يصبح صاحب تأثير سياسي وازن, يمكنه من ان يعالج "العداء العقائدي" الايراني - "الاسرائيلي"، وهذا امر لا ينتهي مع مرور الزمن، رغم الوهم .
الهدف الثاني : ان اوروبا واتحادها ليسا من حيث التأثير من دون الولايات المتحدة باي مكان , ويثبت ذلك هي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا، والتي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، والتي بدأت المجموعة عملها في عام 2006عطلتها الولايات المتحدة وترامب شخصيا عام 2015 في ولايته الاولى .
اوروبا الحالية بأغلبيتها , ولا سيما اكبر قوتين فيها المانيا وفرنسا , اي عضوي لجنة 5+1 وهما اللتان حلمتا بمشاريع اقتصادية هائلة في ايران عندما كانت الاتجاهات ايجابية ومتراكمة بشأن الملف النووي , لم يخرجا عن طاعة واشنطن بالنحو الى السلبية , رغم يقينهما بالتزام ايران بموجبات الاتفاق , وعدم التزام الولايات المتحدة بالموجبات , خلافا للمواقف الاوروبية اليوم المتناقضة مع الولايات المتحدة بشأن الملف الاوكراني , وانقلابهما اصلا بدفع اميركي على اتفاق مينسك عشية الحرب في اوكرانيا , ومواصلة تمويل النظام الفاشي في كييف من اجل استمرار الحرب ضد روسيا .
رغم كل التطمينات الاميركية لنتياهو وعصابته , وفرض عقوبات اميركية على كيانات ايرانية قبل ساعات من انطلاق المفاوضات ,وتمرير خبيث للمرحلة اللاحقة بان اسرائيل يمكن ان تكون على الطاولة في حال التوصل الى اتفاق , لم تتفاعل قيادات الكيان وأطلقت تساؤلات ومخاوف لزرع الشك بان طهران ستصر على مواقفها المتشددة , وبالتالي تمنح المفاوضات لطهران شرعية دولية رغم استمرار تصريحاتها ضد" إسرائيل".
وفي ما يتعلق بالملف النووي، فإنّ هناك تباينًا في التوقعات الإسرائيلية. فمن جهة، قد تُفضي المحادثات إلى اتفاق يُقيّد قدرات إيران النووية، إلا أن هذا الاتفاق نفسه قد يُضفي شرعية على بعض مكونات البرنامج النووي الإيراني، ما يثير القلق في الأوساط الإسرائيلية.
واعتبرت مصادر "إسرائيلية" أن توقيت المحادثات يثير التساؤلات، لا سيما وأن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بمعدلات مرتفعة، وهو ما يترجم في إسرائيل على أنه محاولة لكسب الوقت. كما عبّرت إسرائيل عن خشيتها من أن تُقدِم واشنطن على تنازلات في مسائل جوهرية تتعلق بالنووي الإيراني مقابل تقدم دبلوماسي رمزي.
ويُضاف إلى ذلك "انعدام الشفافية" في المحادثات التي تتم خلف أبواب مغلقة، دون تنسيق أو مشاركة فعلية من إسرائيل، ما يزيد من حالة التوتر في الأوساط الأمنية في تل أبيب. وتستحضر إسرائيل تجربة اتفاق عام 2015، والذي ترى أنه مكّن إيران من مواصلة تطوير قدراتها الصاروخية وفتح قنوات لدعم لفصائل مسلحة دون أن يُلزمها بتقييدات فعلية.
وفي السياق تحذر أوساط إسرائيلية من "منح إيران غطاء دوليًا"، وهو ما تعتبره مسًّا مباشرًا بأمنها القومي. وترى تل أبيب أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وانعكاسات ذلك على أمن إسرائيل، وعلى موقعها الإقليمي، وعلى علاقاتها بالولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب.
من الطبيعي ان لا تركن إيران الى صدقية ما تحاول واشنطن اظهارها , فالمفاوضات في بداياتها , والمناورات ليست خفية , ولذلك تريد إيران ان يكون كل شيء كتابة حتى النفس, مع اصرار طهران على انه "ستظل المفاوضات غير مباشرة. ستبقى عمان الوسيط مع مناقشة مكان المفاوضات المقبلة". وأكد أن المحادثات ستركز فقط على "الملف النووي ورفع العقوبات" ليس الا . "لا نريد نحن ولا الطرف الآخر مفاوضات عقيمة، ومناقشات من أجل المناقشات، وإضاعة للوقت ومفاوضات تستمر إلى ما لا نهاية".
هكذا قال وزير خارجية إيران عباس عرقتشي ، وهو الدبلوماسي الخضرم وأحد مهندسي الاتفاق النووي الإيراني في 2015.
المفاوضات "النووية": تطمينات واشنطن لنتياهو خلّبية.. والهدف الصين وأوروبا _ يونس عودة
الأحد 13 نيسان , 2025 07:15 توقيت بيروت
أقلام الثبات

