أميركا.. ونزع الحقوق المدنية عن المقاومين ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 07 نيسان , 2025 11:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تتواصل الحرب الأميركية على المقاومة وأهلها ومؤيديها لاجتثاثها وإعدام الفكر المقاوم، ونزع سلاحه ضمن مهلة زمنية قصيرة، والتهديد بعودة العدوان "الإسرائيلي" بشكل أكبر وأوسع جغرافياً، مع شريك جديد من الجبهة الشرقية بقيادة جبهة "النصرة".
 يشرف الحاكم الإداري الأميركي على كل التفاصيل السياسية والإدارية، ويقوم بجولاته على الوزراء والموظفين الإداريين، والتي ستشمل القيادات الأمنية وربما مأموري النفوس والمخاتير ورؤساء البلديات.
ان تصريحات وأفعال الحاكم الإداري الأميركي تبعث على الخوف، لجهة تجريد المقاومين من حقوقهم المدنية، وإدانتهم "بجريمة الملعب" والمشاركة بتشييع "السيد الشهيد"، والتي ستتطور لتكون المشاركة بتشييع اي شهيد مقاوم.
والسؤال: هل ستبادر أميركا إلى منع قبول ترشيح مقاومين للانتخابات النيابية ما لم يسلّموا سلاحهم؟
يمكن ان يكون السؤال مستغربا ومرفوضاً، لكنه سؤال جدي، فَمن مَنع المصارف من فتح حساب مصرفي لأي متهم او مًشتبه به بدعم المقاومة، او أنه من المقاومين، والذي أغلق "بنك الجمال" بحجة أنه يموّل المقاومة، ومن يعتقل اللبنانيين في دول العالم بحجة تمويل المقاومة او وجود صور على هاتفه او تغريدة، فلن يتردّد بمنع قبول ترشيحهم وسيعطي أوامره لوزارة الداخلية برفض ترشيحاتهم وفي أحسن الأحوال، القبول مرشحين "بالنيابة عنهم"؛ مثل ما تم تعيين وزراء بالنيابة!
لقد قامت أميركا بهذه الإجراءات منذ غزو العراق عام 2003 وفق التالي :
- اجتثاث "البعث العراقي" وحل الجيش ومنع البعثيين من التوظيف .
- اجتثاث البعثيين والعلويين والأقليات بعد إسقاط النظام في سوريا، وحل الجيش، وتفكيك الدولة، وتعيين الطاجيك والأوزبك والمتعدّدي الجنسيات التكفيريين بدلاً عنهم، وإعطاؤهم الجنسية السورية.
-  أيدت أميركا التجنيس السياسي في البحرين، لتغيير الديموغرافيا البحرينية وجعل الشيعة أقلية، بالتلازم مع سحب الجنسية من القادة والمؤيدين للمعارضة البحرينية.
- تشترط أميركا تنازل حماس عن السلطة وتسليم سلاحها وابعادها عن إعادة الإعمار ونفي قادتها ،كشرط لوقف الحرب والإبادة الجماعية.
   إن طرد موظفة "محجّبة" من تلفزيون لبنان ليس قضية عادية وفردية، بل بداية تنفيذ مشروع الإقصاء واجتثاث الفكر الديني المقاوم، حيث تم إظهارها كنموذج تأديبي لكل المحجّبات ،ووضعهن امام خيارين: إما نزع الوظيفة، او نزع الحجاب، وهي الخطوة الاولى في الحرب الشاملة على المقاومة التي أدّت لفسخ عقود بعض العمال في المطار، ومنع أموال إعادة  الإعمار، والتهديد بإغلاق القرض الحسن، وسيمتد تجريد المقاومين من حقوقهم المدنية الى الجامعة اللبنانية (العمداء والمديرين) والإدارة والمؤسسات العامة، وإقصاء أي لبناني يؤيد المقاومة او ينتسب اليها من الوظيفة العامة، لبناء نظام سياسي وإداري وأمني وعسكري وفق المواصفات الأميركية؛ يحاصر المقاومة ويفرض التطبيع لعقود قادمة، ونزع السلاح أولى خطوات التطبيع ،لأنه  الوسيلة الوحيدة لمنع الاجتياح العسكري والسياسي والثقافي.
الصبر الشجاع والعاقل وضبط النفس الذي تمارسه المقاومة أمام الحرب "الإسرائيلية" المستمرة قرار عاقل وشجاع، ويجب ان يستمر حتى اللحظة التي تستطيع المقاومة فيها استعادة قوتها، وانتظار التوقيت المناسب للانتصار في الجولة القادمة من الحرب التي يهدّد بها الحاكم الأميركي ، لكن لا عذر ولا مبرر للمقاومة والقوى الوطنية من الصمت أمام الاجتياح السياسي والإداري الأميركي الذي يحاصر المقاومة واهلها من الداخل ووضعها بين فكي كماشة الجيش "الإسرائيلي" و"الجيش المدني" الأمريكي في الداخل.
من يقبل بطرد محجّبة من تلفزيون رسمي، ويصمت ، لن يستطيع حفظ موظفيه من أصحاب اللحى والوشم والفكر المقاوم.
التقصير والتأخر ببدء حراك مدني شعبي وإعلامي ضد "الانتداب الأميركي" الجديد ،سيفتح الباب أمام الموظفين والمسؤولين اللبنانيين وحتى التجار واصحاب المصالح ،للتواصل مع "الحاكم الأميركي" الذي سيصبح مرجعية، للتوظيف والتجارة ،كما كانت "عنجر" مرجعية للتوزير والنيابة وعقود المقاولات ...وسيصبح الزعماء والأحزاب وكلاء عنه ونوافذ اتصال وأدوات تنفيذ لمشروعه!
للمبادرة ،"بمقاومة مدنية" ضد "الانتداب" الأميركي الذي يشكل خطراً على لبنان ،يتكامل مع الإسرائيلي قبل فوات الأوان .
  للمبادرة بالتحرك لمقاومة "الحرب الناعمة" التي يقودها الحاكم الأميركي، قبل تثبيت جذوره ورجاله وأياديه في الإدارة اللبنانية.
المقاومة ليست سلاحا ًفقط، بل مظاهرة واعتصام ومقالة وكلمة وكل وسائل الاحتجاج السلمية .
فلننقذ لبنان وشعبه حتى لا تضيع التضحيات والدماء..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل