"والي الشام".. بين "الباب العالي العثماني" والبوابة الصهيونية _ أمين أبوراشد

الإثنين 24 آذار , 2025 11:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

الأحداث التي تحصل في الشارع التركي على خلفية اعتقال رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يُعتبر الخصم الأقوى للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، هذه الأحداث قد تكون اختطفت الأضواء عن ما يحصل في سورية، ولو أنها لن تحجب الدور الذي قام به "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا في المجازر التي حصلت بحق العلويين في الساحل السوري.

وإذا كان الإعلان الدستوري الذي وقَّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، قد مدد بموجبه عهده الانتقالي الى خمس سنوات، فإن تمديد الأزمة السورية غير محدد لغاية الآن، لأن التعليمات يبدو أنها تصدر من أنقرة والضربات من تل أبيب، ولا يختلف وضع أحمد الشرع عن أيِّ والٍ عثماني مَدين بالطاعة للباب العالي، في زمنٍ اشتدَّ فيه أيضاً ساعد "والي عكا" الذي يتطاول في عدوانه على كل الجوار العربي ويكاد يقتطع الجنوب السوري لصالح "ولاية فلسطين المحتلة".

الأحداث في تركيا على خلفية اعتقال رئيس بلدية اسطنبول، وإن كانت اتخذت يوم الأحد منحى بغاية الخطورة نتيجة انتقال الاضطرابات الاحتجاجية إلى العاصمة أنقرة وسواها من المدن التركية، فإن هذه الانتفاضات على سياسات أردوغان وحزب العدالة والتنمية، يُعتبر العلويون والأكراد في تركيا ضمنها، بل أنهم معنيون بها أكثر من حزب الشعب الجمهوري وأحزاب المعارضة التركية، نتيجة الأذى الوجودي الذي تتسبب به سياسة أردوغان في الداخل السوري وعلى مرأى وموافقة أحمد الشرع، الذي لا يمتلك سوى دفع "الميرة" للباب العالي، حتى ولو كانت من دماء السوريين ومن الأرض السورية، ومن السيادة الوطنية التي ستكون مُنتهكة تركياً بالكامل من شمال حلب حتى قلب حمص، حيث ستُبنى القواعد العسكرية التركية لتدريب الجيش السوري الجديد ورعايته!

وما يحصل في الجنوب السوري على البوابة الصهيونية لمحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، لا يقل خطورة عن هيمنة "الباب العالي" في الشمال، ولعل ما ورد على لسان رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست "الإسرائيلي"  بوغاز بيسموث، ما يختصر النوايا الصهيونية تجاه سوريا.

مما قاله "بيسموث": "لن تمتلك سورية القوة العسكرية بعد سقوط الأسد".
"ستكون سورية مثل الأردن تابعة لأوامرنا، تماماً كما نستطيع أيقاظ ملك الأردن من نومه لتنفيذ هذه الأوامر".
"دمشق يجب أن تكون تحت سيطرتنا، ولا مسلحين أجانب في دمشق وجنوب سورية".
واختتم "بيسموث" تصريحه بالقول: " سورية هي جسر "إسرائيل" نحو نهر الفرات".

من الواقع الإقليمي الذي يتعاطى برمادية مع الوضع السوري، تظهَّر الموقف الغربي ببيان الإتحاد الأوروبي حول رفض الدول الأوروبية دعم حكم انتقالي عاجز عن منع الأعمال العنفية كالتي حصلت بحق العلويين في الساحل، وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال زيارتها دمشق لإعادة افتتاح سفارة بلادها لدى سورية: "أوروبا لن تعطي مساعدات للهياكل الإسلامية الجديدة". 

وفي الداخل السوري، الوضع الاقتصادي والاجتماعي بات غاية في البؤس، لدرجة أن أبناء الطبقة الوسطى في دمشق، باتوا خلال شهر رمضان يحسدون النازحين من سكان المخيمات الذين يتلقُّون المساعدات من المنظمات الأممية، فيما أوضاع العسكريين السابقين والمتقاعدين والموظفين الحكوميين في الحضيض، وباتوا بلا رواتب منذ أربعة أشهر، وطالتهم تدابير التطهير الإداري بذريعة مكافحة الفساد ما يزعزع كيان الدولة السورية بالكامل.

- تسريح الموظفين بهدف خفض النفقات حصل لغاية الآن على الشكل التالي:
90% من موظفي وزارة الاتصالات، و50% من وزارة النفط، و30% من وزارة الإعلام، و80% من وزارة الصحة، و90% من كل من وزارتي الداخلية والدفاع، و100% من الضابطة الجمركية وإلغائها.

- ارتفاع الأسعار بنسب جنونية: 400% للمشتقات النفطية، و500% على الغاز المنزلي، و300% على الخبز، و100% على فواتير الاتصالات.
- الفلتان الأمني: إرتفاع في معدل جرائم القتل بنسبة 200% (مجزرة الساحل ليست ضمن الإحصاء)، و600% في عمليات السلب والنهب وانتشار الأسلحة الفردية، إضافة الى اعتقال 9000 جندي من الجيش السابق بعد تسجيل أسمائهم للتسوية، وعشرات الآلاف من القتلى في مجازر طائفية.

خبراء في التنمية والتشريع، أبدوا مخاوفهم من تفاقم كبوات الوضع العام، وعلَّقوا على مخرجات المؤتمر الوطني الذي لم تستغرق جلساته أكثر من 6 ساعات من ضمنها غداء العمل بالقول: كان المؤتمر مسرحية ذات سيناريو سخيف وإخراج باهت، وختامها بطولة منفردة بقوة السلاح لرئيس انتقالي ولايته الأولى خمس سنوات، لا يمثل أحداً من مكونات المجتمع السوري.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل