أقلام الثبات
"حقًا، لقد دخلت سورية في نفقٍ مظلمٍ بعد سقوط الدولة فيها، في أواخر العام الفائت، وهذا ما يثبته استشراء الانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان، من قتلٍ وتنكيلٍ واضطهاد للأقليات، ناهيك باستفزازهم. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية هذه الممارسات موّثقة لدى ناشطين وصحافيين وجمعيات ومراكز إعلامية مهتمة في هذا الشأن، وتنشر بدورها هذه الانتهاكات عبر وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي المتاحة، كـ"المرصد السوري للحقوق الإنسان المعارض"، على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم كل محاولات تلميع صورة "حاكم دمشق أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة"، فإن ذلك لا ينزع عنه وعن جماعته الإرهابية، وفقًا للتصنيف الدولي، سمة الإرهاب، لأن الطبع دائمًا يغلب التطبع. ولا بد "للزبد أنه سيذهب جفاءً"، لأنه خفيف، ليس له قواعد ولا أساسات ولا مبادئ.
ولم يعتد الشعب السوري من جهةٍ ثانيةٍ على حال الفوضى التي تمر فيها بلاده راهنًا على الإطلاق، كونه عاش في كنف دولةٍ مركزيةٍ قويةٍ، حاضرةٍ في كل التفاصيل، على مدى نحو ستة عقودٍ.
وأمام هذه الحال الشاذة من تاريخ سورية الحديث، يعتبر مرجع سياسي مخضرم أن "أفق المرحلة الراهنة يسوده الغموض والترقب". ويقول: "علينا انتظار أول آذار المقبل، موعد ولادة "الحكومة الجديدة"، التي يفترض بها أن تطبّق القوانين في البلاد، بحسب وعود "إدارة الحكم في دمشق"، لذلك ليس بوسعنا أن نضع أي تصورٍ للمرحلة المقبلة، قبل ولادة "الحكومة" المرتقبة، ومراقبة أدائها، في حال مرت هذه الولادة بسلامٍ".
ويؤكد المرجع: "غياب مؤسسات الدولة شبه الكامل في سورية، حتى أنها باتت شبه خاليةٍ من مخافر الدرك، وشرطة المرور، وعناصر الأمن الجنائي، وهذا ما لم يعتد عليه السوريون أبدًا". ويختم بالقول: "حتى المجموعات المسلحة المنتشرة على الأراضي السورية راهناً، ليس لها قيادةً موحدةً، وبعض عناصر هذه المجموعات هم من التكفيريين المتطرفين، لا أحد يمون عليهم". إذًا، لا سلطة مركزية في البلاد السورية، لذا كل شيءٍ متوقع، ولا يمكن وضع تصوّر معيّن لسورية الجديدة من الآن.
وهنا، يطرح السؤال الآتي: "هل تسمح الدول العربية وسواها، بقيام دولة ديموقراطيةٍ حقيبةٍ في سورية؟". لأن "تجربة الديمقراطية" لم يكتب لها النجاح في هذه المنطقة، تحديدًا لدى العرب، وخير مثالٍ على ذلك لبنان، عندما حاول منذ خمسينيات القرن الفائت، أن يبني دولةً ديمقراطيةً عصريةً، فلم يسمح له. فالنظام السياسي اللبناني اليوم، قائم على تقاسم السلطة، أي الاعتراف بالآخر، والرأي الآخر على مضض، وليس من منطلق الاقتناع بالقيّم الديمقراطية واحترام تنوع الآراء والثقافات.
مرجع سوري: علينا انتظار أول آذار ــ حسان الحسن
الثلاثاء 18 شباط , 2025 09:58 توقيت بيروت
أقلام الثبات

