الحرب الأميركية على الجيش والشعب والمقاومة _ د. نسيب حطيط

الأحد 16 شباط , 2025 11:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تواصل أميركا حربها على ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" لاجتثاث المشروع المقاوم في لبنان، ضمن مخطط إنهاء الصراع العربي - "الإسرائيلي" بالقوة، واجتثاث المشروع المقاوم الذي يعيق مشروع السيطرة الأميركية على المنطقة، دون ان تتدخل أميركا عسكرياً، ودون خسائر؛ وفق مخطط ذكي وهادئ يذبح المشروع المقاوم بالحرب الساخنة تارة والناعمة طوراً.
رفع اللبنانيون شعار ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" وتم اعتمادها في البيانات الوزارية وفي الخطاب الرسمي والحزبي، ولأن أميركا لا تقبل الهزيمة وتصر على عدم خسارة الساحة اللبنانية وثأراً لهزيمة مشروع التوسّع "الاسرائيلي" الذي أُصيب بنكسه كبرى على مستوى المفاهيم والميدان، بتحرير المقاومة لجنوب لبنان بالقوة عام 2000، ودون مفاوضات، مما سخّف مقولة العرب وأميركا أنه لا يمكن استرجاع الأرض العربية المحتلة وفلسطين إلا بالمفاوضات، فكان لابد من هجوم أميركي معاكس، بدأ "بالربيع العربي"، وتركّز في لبنان منذ عام 2019؛ وفق خطه وزير الخارجية الامريكيه بومبيو، وفق الآتي: 
- الهجوم على الشعب اللبناني: والذي بدأ عام 2019، مستغلا فساد السلطة  والمسؤولين، وتقصير قوى المقاومة في حماية مصالح وحقوق الناس، فأنتج الانهيار الاقتصادي والمؤسسات العامة وسرقة ودائع الشعب اللبناني من المقيمين والمغتربين، وضياع الرواتب، وإعدام القطاع العام وموظفيه، وكذلك المتقاعدين ، وحرب المجاعة التي دفعت الشباب للتهجير القسري للعمل في الخارج، وكان هذا الهجوم على الركن الأساس في المعادلة؛ الشعب اللبناني الذي يحمي المقاومة والجيش، ومارست اميركا العقاب الجماعي للمؤيدين لهذا الشعار والمعارضين له، بسبب سكوتهم وعجزهم عن مواجهات قوى المقاومة.
- الهجوم على المقاومة والذي وصل الى ذروته في الاجتياح البري "الإسرائيلي" وحرب ال66 يوما ً، والذي اعتمد التوحش والإبادة الشاملة للعمران والبشر، واغتيال "السيد الشهيد" وقادة المقاومة، والذي لا يزال مستمراً من طرف واحد عبر هدنة الخداع والقرارات الدولية والحصار السياسي ، وصولاً إلى الحرب المعنوية والنفسية بعدم دفن الشهداء، او عرقلة تشييعهم، ومنع الإعمار، سواء المباشر الدولي او المساعدات الإيرانية، وقطع ذراعي المقاومة (سوريا وإيران)، واللتين كانتا جبهة الإسناد والدعم لقوى المقاومة، لتكون المقاومة "يتيمة" إقليميا ومُحاصرة داخلياً، لتسريع عملية القضاء عليها.
- الحرب على الجيش اللبناني، ضمن مخطط القضاء على الجيوش العربية، فبعد إنهاك الجيش العراقي بالحروب ضد ايران والكويت حلّت اميركا بعد غزوها للعراق ما تبقى من قواه العسكرية وتدمير مخزونه، ثم حلّت الجيش السوري ودمّرت "إسرائيل" ترسانته العسكرية بالتلازم مع تحييد الجيوش العربية او استعمالها للقتال ضمن المشروع الأميركي، كما هو الحال في اليمن، تتجه أميركا الآن لإلغاء دور الجيش اللبناني الوطني الذي يحمل عبء إطفاء الفتن الداخلية ويعمل كقوات فصل وردع بين الطوائف والمذاهب والأحزاب ويؤمن الحد الأدنى الممكن من الأمن الاجتماعي، والأهم انه سيلعب دوراً اساسياً بالانتشار في الجنوب بعد الانسحاب "الإسرائيلي"، ولأن "اسرائيل" لا تريد الانسحاب بحجة عدم قدرة الجيش اللبناني او التباطؤ والتقصير في الانتشار، بادرت أميركا بإشغال وإرهاق الجيش اللبناني بالمواجهة مع المقاومة وصولاً الى انقسامه مذهبياً، (اذا اقتضت المصلحة الأميركية ذلك) والغاء دوره في الجنوب وفق الطلب "الإسرائيلي"، مما يؤمن المبررات "الإسرائيلية" التي تغطيها أميركا بعدم وجود جيش لبناني موثوق وقادر على ملء الفراغ في الجنوب، وبالتالي تكون اميركا قد نجحت في حربها على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة (والتي ستضغط لتغييبها عن البيان الوزاري)   للسيطرة واحتلال لبنان دون غزو مباشر.
على قوى المقاومة ، حماية الجيش اللبناني من الفخ المنصوب وعدم توجيه الاتهام له، بل التصويب على أميركا ،بشكل أساسي وعدم المواجهة مع الجيش والمسؤولين الرسميين اللبنانيين الذين لا طاقة لهم على التمرد على أميركا وانقاذ لبنان من المواجهة بين الجيش والمقاومة ،وسقوط  القتلى من (الجيش والشعب والمقاومة) وليسوا أميركيين ولا "إسرائيليين".
لا تتعاملوا مع الجيش انه خصم وعدو... بل رفيق سلاح ونحن وإياه ضحايا المشروع الأميركي... وعلينا مسؤولية حمايته كما نحمي المقاومة والناس وعدم خسارته لأنه أحد اركان المشروع المقاوم، سواء بالانتشار في الجنوب او منع الفتنة الداخلية التي تمثل الكارثة الكبرى لقوى المقاومة ،والتي تسعى أميركا لإشعالها .
ان أطلق الرصاص ..فلا تطلقوا عليه، بل احضنوه واسقوه الماء؛ كما فعل الامام الحسين (عليه السلام) مع الحر بن يزيد الرياحي، الذي كان يحاصره ويريد اعتقاله، فانتهى المشهد بأن صار "الحر" شهيداً مع الحسين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل