الأقليات يقودون سوريا نحو الصيغة الاتحادية النهائية _ أمين أبوراشد

الجمعة 19 كانون الأول , 2025 02:30 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ثلاثة استحقاقات تزامنت خلال أسبوعٍ واحد، تتناول قرارات وجودية ترتبط بالأقليات السورية الثلاث: الأكراد والعلويين والدروز، يجد معها الرئيس المؤقت أحمد الشرع نفسه يتحرك بردَّة الفعل لأنه بات عاجزاً عن الفعل، وقرارات الانفصال عن سوريا المُوحَّدة قد اتُّخذت على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، بشأن ثلاثة أقاليم: الشمال الشرقي الكردي، وسط وغرب سوريا العلوي والجنوب الدرزي.

١) وضع الأكراد في الشمال الشرقي: 
يقول "جوشوا لانديز" رئيس معهد الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما الأميركية أن تفاهماً بين حكومة دمشق المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تشير إلى أن قسد ستحتفظ بهيكلها السياسي والعسكري ككتلة واحدة، مع إعادة تنظيم أدوارها.
وبحسب المعلومات الواردة، ستواصل قوات سوريا الديمقراطية عملها كقوة موحدة ومنظمة ضمن ثلاثة أقسام رئيسية:
- قوة حرس الحدود، وتتولى مهام تأمين الحدود الشمالية الشرقية لسوريا.
- القوة النسائية، وهي التي تحافظ على التشكيلات القتالية النسائية الحالية ضمن قوات سوريا الديمقراطية.
- قسم مكافحة الإرهاب، ويُعنى بالتنسيق مع الحكومة السورية في العمليات المتعلقة بمواجهة الجماعات المتطرفة.

وتشير هذه المعلومات إلى أن التفاهم ينص على عدم دخول وحدات السلطة الانتقالية أو أجهزتها الأمنية إلى مناطق شمال شرق سوريا، بما يضمن استمرار الإدارة الذاتية لحكومة شمال شرق سوريا في إدارة شؤون مناطقها.
بالتزامن مع هذه التسريبات، أعلن مجلس الشيوخ الأميركي، عدم سحب القوات الأميركية من شمال سوريا إلا بموافقة الكونغـ.ـرس، وإلزام وزيـ.ـري الدفـ.ـاع والخارجـ.ـية بالتشاور لتلـ.ـبية احتياجات شمال سوريا، وتقييم حجم الدعم، ومطالـ.ـبة وزيـ.ـر الدفـ.ـاع بتقـ.ـارير دورية حتى عام 2028 عن الوضـ.ـع في شمال سوريا ومنطقة "روجا آفا" بشكلٍ خاص، وهي مؤشرات على بقاء القـ.ـوات الأمـ.ـيركية حتى 2028 مع مواصلة محـ.ـاربة تنظيم "داعش"، وترافقت هذه القرارات مع تعزيز الدوريات الأميركية المشتركة مع قسد في أماكن تمركز قوات سوريا الديمقراطية.

وفي الوقت الذي باتت فيه الأمم المتحدة تعتبر (قسد) القوة الأكبر التي يُعتمد عليها في مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية، في تجاهل واضح لجيش أحمد الشرع، اكتملت مشهدية ترتيب "الأقلمة الاتحادية" في سوريا، عبر خطابين هامَّين: الأول للمرجع الأعلى للمجلس الإسلامي العلوي الشيخ غزال غزال، والثاني للشيخ حكمت الهجري من السويداء.

٢) وضع العلويين في الساحل:
إثر نجاح اعتصام العلويين في محافظتي طرطوس واللاذقية الذي دعا إليه الشيخ غزال غزال في الثامن من الشهر الجاري ولمدة خمسة أيام، رفضاً للانتهاكات والاعتداءات على أبناء الطائفة، ارتأى الرئيس أحمد الشرع الاجتماع بنحو مئة شخصية علوية في محاولة منه لشق الصف العلوي واحتواء الراغبين في الاستفادة من إمكانيات وتقديمات السلطة، فأصدر الشيخ غزال غزال بصفته المرجع الديني الأعلى للعلويين، بياناً شديد اللهجة طالب فيه بحق تقرير المصير، وأن هذا الحق ليس شعاراُ تعبوياُ أو تهديداً سياسياً، بل هو حق قانوني يُستدعى حين تفشل السلطة في أداء وظائفها الأساسية.
وبيان الشيخ غزال غزال، جاء بمثابة رفع لسقف الخطاب وصولاً إلى الإشارة الصريحة لحق تقرير المصير، ويوحي بعدم رضا المجلس الإسلامي العلوي الأعلى عمّا أتاحه لقاء الشرع بشخصيات علوية من حيث التمثيل والمضمون، من دون الدخول في سجال مباشر مع السلطة أو التشكيك باللقاء ذاته، لكنه أكد مجدداً على وجوب تطبيق الفيدرالية واللامركزية السياسية بوصفهما نتيجة لفشل النموذج المركزي القسري، لا خياراً تفاوضياً قابلاً للأخذ والرد. وعلى مستوى التمثيل، شدّد البيان على أن العلويين "لا يمثلهم شخص واحد"، واضعاً بذلك خطاً فاصلاً ضد اختزال الجماعة أو مصادرتها، ومؤسساً لفكرة أن التمثيل فعل جماعي مفتوح، لا وكالة دائمة ولا تفويضاً مطلقاً.
 
٣( الوضع الدرزي في الجنوب:
 بدوره أصدر الشيخ حكمت الهجري؛ الرئيس الروحي للموحدين الدروز في سوريا بياناً مع اقتراب نهاية العام، تناول فيه الأوضاع الراهنة وما وصفه بـ"العام الصعب" على الأهالي، مؤكداً الاستمرار في السعي نحو "برّ الأمان" عبر الصبر والوحدة وتبادل الثقة.

وقال الهجري إن سقوط النظام السابق قبل عام لم ينعكس تحسناً على الواقع، معتبراً أن المرحلة الانتقالية شهدت "ويلات ومجازر" على أيدي "فصائل مسيسة وعصابات تكفيرية"، مشيراً إلى ما وصفه بـ"فجائع تموز الأسود" التي طالت المدنيين، وما رافقها من حرق للمنازل ونهب للأرزاق ومنع الأهالي من العودة إلى قراهم لأسباب أمنية ودولية.

وأكد البيان أن "رجال باشان" تصدّوا لما أسماه حملة إبادة، معلناً التمسك بطلب الاستقلال وتطبيق حق تقرير المصير وفق القوانين الدولية، ومشدداً على عدم التراجع ما دامت الإرادة موحدة.

على هذه المشهدية تُغلق سوريا الستارة عن عامٍ من إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وسقوط سوريا معه، وتنتقل إلى المشهدية الثانية التي يحاول فيها أحمد الشرع لعِب دور البطولة ولكن، أدى دوره كممثل ثانوي على الخشبة، لا بل بات أحياناً من مُشاهدي مسرحية لا دور له فيها، إنما الثابت أننا في اللحظات الأخيرة للدولة السورية الواحدة الموحَّدة، وإذا كان الطلاق جائزاً لدى الأكراد والعلويين والدروز، فإنه بات حلالاً حلالاً لدى أهل السنة المُعتدلين وهم الغالبية في المجتمع السوري، لكن مع الأسف ما زالت الإجراءات بحاجة إلى المزيد من الدماء!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل