أقلام الثبات
تنظر أوساط متابعة بعين الرضى إلى نتيجة جلسة مجلس النواب الأخيرة، والتي سجلت فشلاَ ذريعاً للهجمة السافرة والضارية التي شنها فريق طائفي وعنصري معروف، بغية فرض مشيئته وقيادة أكثرية نيابية تحقق هدف الأميركيين و"الإسرائيليين" وبعض العرب، بالوصول إلى انتخابات نيابية، تعزل فيها المقاومة وبيئتها، عبر خرق تمثيلها النيابي، إن لم يكن في الداخل اللبناني؛ وهو أمر صعب ويشبه المستحيل، فليكن بالخارج عبر تعليب أصوات المغتربين واستغلال العداء الغربي وبعض الخليجي للمقاومة، الذي يمنع مؤيديها المغتربين من الاقتراع لمرشحيها، تحت طائلة التضييق عليهم وربما ترحيلهم وقطع أرزاقهم.
فما جرى في هذه الجلسة، مثلما كشف أوراق أعداء المقاومة في تبعيتهم الخالصة للموقف "الإسرائيلي"؛ وتنفيذهم كل ما يطلبه منهم، بيّن كذلك عن تراجع رهانات "الرماديين" بهزيمة المقاومة؛ وبالتالي عن فشل تشكيل أكثرية نيابية "زرقاء" (تمثُّلاً بلون علم الغزاة الصهاينة) تفرض مشيئة "الإسرائيلي" وحماته وداعميه، في واشنطن وغيرها من عواصم التسلط والهيمنة.
وترى الأوساط المذكورة في ما جرى دليلاً جديداً على وضاعة الوظيفة التي تؤديها جماعة أميركا و"إسرائيل" في الداخل اللبناني، الذين أصاب البعض في وصفهم، بأنهم "خدام السبت" و"يهود الداخل" و"المتصهينين"؛ فهم مجرد ضباع ينتظرون الجيف ليأكلوها؛ لكنهم لم يكونوا ولن يكونوا يوماً صيادين وسباعاً، يحصلون على فريستهم بقوتهم، لأنهم تعودوا على التغذي بفتات ما يرميه لهم سيدهم وولي امرهم: الأميركي و"الإسرائيلي" حالياً؛ وقبله كان الفرنسي والبريطاني وغيرهما من محتلين ومستعمرين. ووظيفتهم الحالية هي محاولة جمع أسلاب ما خلفته الحرب الأخيرة، لعلهم ينفخون حجمهم بها؛ ويعززون وجودهم وتمثيلهم الشعبي والنيابي، بما يحقق حلما يهجسون به وهو ترؤس السلطة والجلوس على كرسي قصر بعبدا.
فتلك الهجمة النيابية الفاشلة لم تراعِ استمرار العدوان "الإسرائيلي" اليومي على مناطق الجنوب اللبناني وصولا حتى شمال البقاع؛ بل على العكس من ذلك، هي تحاول دائماً استغلال وحشية التهديدات "الإسرائيلية" بتوسيع الاعتداءات وتصعيدها؛ وتحرض على استمرارها، بالترافق مع وجود حلف عالمي تقوده أميركا وفرنسا والمملكة السعودية، يتبنى المطالب "الإسرائيلية"، حرفياً، في إزالة كل عناصر القوة اللبنانية، إن كان بالسعي لنزع سلاح المقاومة، أو بوضع سقف لتسليح الجيش اللبناني، بما يبقيه قوة أمن داخلي، عاجزة عن الدفاع عن أرض لبنان وشعبه، لتحويل أكاذيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنه حقق السلام في "الشرق الأوسط"، بعد ثلاثة آلاف عام. في تعبير من المؤكد أن ترامب تلقنه من اللوبي الصهيوني في واشنطن، لكنه لا يدرك مدى صدق روايته، لأنها ترتبط بتاريخ الديانة اليهودية في المنطقة. فترامب يقول بخفة، أنه حقق لليهود نصراً فشلوا في تحقيقه طوال ثلاثة آلاف عام، من الصراع ضد من يختلف معهم في العقيدة. وهذا غير صحيح، فالقدس ليست "أورشليم" كما يؤكد المؤرخون الصادقون. واليهود لم تكن لهم مملكة في فلسطين، في يوم من الأيام. لكن العقل الوحشي المتغطرس لترامب، يجعله يتعاطى بهوس متسلط مع كل القضايا، من أوكرانيا إلى فنزويلا وفلسطين وغيرها من مناطق العالم، التي يحاول الرئيس الأميركي فرض منطقه فيها.
كما تستغل هجمة "ضباع الداخل"، تحوّل أنظمة الدول العربية الفاعلة، بعد تخليها عن دعم الشعب الفلسطيني، إلى وسيط بين الفلسطينيين والعرب المقاومين، من جهة و"إسرائيل" من جهة ثانية، ثم إلى سمسار يروج للمطالب "الإسرائيلية" وللإملاءات الأميركية ويضغط على لبنان ليخضع لها. لأن كل ما شهده لبنان منذ العام 2019، مالياً وسياسياً وأمنياً، هو تنفيذ لمخطط أميركي وضع منذ سنوات، للانقضاض على لبنان ومقاومته، سبق أن تحدّثت عنه بالتفصيل، معاونة وزير الخارجية الأميركية السابقة باربرا ليف، أمام مركز ويلسون للأبحاث، كما ذكرت بعضه في ذلك الوقت، صحيفة "ذا هيل" الأميركية، إن كان عن الحرب "الإسرائيلية" ضد حزب الله وصواريخه وأنفاقه، المحفورة باتجاه الجليل، أو عن تحريك الشارع اللبناني (ثورة الرقاصات في 2019)، أو في سرقة أموال اللبنانيين؛ وإفلاس لبنان وتجفيفه من العملات الصعبة، أو صياغة سلطة لبنانية مطواعة للمشيئة الأميركية المتطابقة مع المشيئة "الإسرائيلية". كل ذلك، لإقامة ما سمى بـ"شرق اوسط جديد"، تديره أميركا و"إسرائيل"، تحت خيمة البدعة "الإبراهيمية" اليهودية، التي انضم إليها بعض أدعياء العروبة والإسلام. وهم يقاتلون حالياً مع هذا الحلف الشيطاني. لكن هذه الهجمة تتكسر أمام صمود روح المقاومة في لبنان والمنطقة. وما جرى في توازنات مجلس النواب اللبناني، أو ما بدأت تتعرض له قوات الاحتلالين الأميركي و"الإسرائيلي" في جنوب سورية وشرقها، يؤكد أن روح الاستشهاد ومنطق "عليّ وعلى أعدائي" سيطيح بالمخطط الأميركي وبالاحتلال "الإسرائيلي" وأدواتهما.
لدى "سلطة دمشق" أولوية واحدة: استرداد الإرهابيين والمجرمين من لبنان _ حسان الحسن
لإسقاط الحكومة قبل إسقاطها للبنان بعد جنوب الليطاني _ د. نسيب حطيط
أوقفوا جريمة تدمير الأنفاق... وليقصفها العدو _ د. نسيب حطيط