لإسقاط الحكومة قبل إسقاطها للبنان بعد جنوب الليطاني _ د. نسيب حطيط

الأحد 21 كانون الأول , 2025 09:07 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
نجحت الحكومة اللبنانية وأجهزتها الأمنية في إخلاء منطقة جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين، والقضاء على ما تبقى من السكان المدنيين، بسبب استمرار العدوان "الإسرائيلي" والقصف والاغتيالات، وتعاونت الحكومة مع أمريكا و"إسرائيل" لمنع إعادة الإعمار، "فإسرائيل" تدمّر حتى الغرف الجاهزة، بينما الحكومة تمنع المساعدات!
احتفلت الحكومة اللبنانية بعيد ميلادها الأول بإنجازها هذا، والذي تحقق في زمن قياسي، وهو ما عجزت عنه "إسرائيل" في اجتياحاتها، وقوات المارينز، والقوات متعددة الجنسيات، وجميع الحكومات اللبنانية السابقة، والمتمثل في إخلاء جنوب الليطاني من المقاومة منذ اتفاق القاهرة عام 1969، وتُوِّجت احتفالاتها بتنظيم جولات للإعلاميين والسفراء والدبلوماسيين للإعلان عن انتصارها على المقاومة وإنجاز كل المهام التي كُلفت بها من قبل أمريكا بناءً على طلب العدو "الإسرائيلي"، وأعلنت الحكومة بدء المرحلة الثانية لاجتثاث المقاومة شمال الليطاني وصولًا إلى النهر الكبير الجنوبي شمالًا، دون أن تقبض من "إسرائيل" أي شيء حتى أي تعهد كلامي وإعلان  أمريكا أنها لم تقدم أي ضمانات وأنها لا تستطيع الضغط على "إسرائيل" مقابل قرار نزع السلاح والاستعداد للسلام وبدء مفاوضات مباشرة، بعدما أعلنت السفارة الأمريكية ومكتب نتنياهو رسميًا تقدم المفاوضات على محاور السياسة والاقتصاد، دون صدور أي بيان رسمي لبناني ينفي ذلك.
أعطت الحكومة اللبنانية "لإسرائيل" كل ما تملكه وما لا تملكه من سلاح المقاومة، ومنشآتها، وإنجازاتها، وانتصاراتها السابقة، وكل ما يملكه اللبنانيون من سيادة وأمن ومعنويات، وصولًا للتفاوض لتشريع التنازل عن المياه والنفط والغاز والمنطقة الاقتصادية ضمن المفاوضات، وربما مزارع شبعا لإلحاقها بالجولان السوري الذي منحه ترامب "لإسرائيل".
أعلنت الحكومة عن نيتها الانتقال إلى إسقاط بقية لبنان بعد نجاحها بإسقاط منطقة جنوب الليطاني، أي المنطقة الواقعة شمال الليطاني، وإذا كانت المقاومة قد التزمت بوقف إطلاق النار، وتعاونت وتجاوبت في جنوب الليطاني استجابة لضرورات ميدانية وإقليمية أجبرتها على قبول هذه التنازلات "مؤقتًا"، فإن واجبها يحتّم عليها عدم السكوت إذا ما انتقلت الحكومة إلى شمال الليطاني، وعليها أن تبادر "للصراخ" والتصدي لمنع إسقاط لبنان ككل، وليس لها أي عذرٍ للتهرب من المواجهة مع الحكومة لردعها، فإذا كان صمتها طوال عام قرارًا حكيمًا لشراء الوقت، فإن التأخر في مواجهة الحكومة ينذر بالكارثة، ويستدعي الرد الفوري بإسقاط الحكومة عبر المقاومة السلمية المدنية، من خلال المظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني، فإذا لم تُسقَط هذه الحكومة المكلفة بإسقاط لبنان وإنجاز التطبيع والسلام والقضاء على المقاومة، فإنها ستنجح في مهمتها، ولن يتم إنقاذ أي شيء بعد فوات الأوان.
إن إسقاط الحكومة الآن هو الخطوة الأولى الضرورية لمنع التطبيع والسلام، ولمنطقة الاقتصادية التي تتطلب توقيع العدو "الإسرائيلي" ولبنان، ويجب إلغاء أي توقيع لبناني محتمل.
فلتبادر قوى المقاومة لرفع صوتها داخل الحكومة ومجلس النواب، والانسحاب منها ان لم تستطع تغيير سياستها، لأن بقاءها بات يمثل ضررًا وخسارة أكبر من أي مكاسب يمكن أن تحققه، بالبقاء بالتوازي مع بدء التحرك الشعبي الرامي إلى منع الحكومة وردعها وتقييدها وتعديل مساراتها، فإذا أصرّت الحكومة على مواصلة مشروع إسقاط لبنان، فإن الواجب الوطني والديني والأخلاقي، والوفاء للشهداء وحفظ مستقبل أجيالنا، يقتضي المبادرة لإسقاط الحكومة، لحفظ ما تبقى من لبنان.
ندعو إلى تأسيس جبهة مقاومة وطنية لبنانية، تحتشد فيها قوى المقاومة وما تبقى من القوى والشخصيات الوطنية، لأن الدفاع عن لبنان واجب كل الوطنيين، وليس واجب طائفة أو حزب أو حركة محددة.
إذا سقطت المقاومة بعد جنوب الليطاني، فلن ينجو أي لبناني، وسيدخل لبنان في فوضى على غرار ما حدث في ليبيا والسودان، وكما ستدخل سوريا عاجلاً أم آجلاً.
استفادت "إسرائيل" من تجربتها بعد اجتياح عام 1982، فامتنعت عن الاجتياح البري الشامل واستبدلته بالاجتياح السياسي والجوي، بينما امتنعت أمريكا عن التواجد العسكري المباشر، لتحقيق أهدافهما دون خسائر وعلى قوى المقاومة، الاستفادة من تجربة انتفاضة شباط 1984 حينما استطاعت تأخير سقوط لبنان ومنعت أمريكا و"إسرائيل" من حكمه قبل 40 عامًا وعليها  المبادرة لإعلان المقاومة المدنية السلمية (الشعبية، والثقافية، والإعلامية، والسياسية) في مواجهة الحكومة كضرورة حتمية، لأن التأخر في إسقاطها سيكون خطيئة قاتلة وبإمكان قوى المقاومة تأخير سقوط لبنان 40 عامًا أخرى إذا تخلت عن التشتت والخوف والتردد والانهزام، ووهم الواقعية، والمقاومة الدبلوماسية. 
أسقطوا الحكومة.. واحفظوا الجيش... قبل أن تسقطوا أنتم ويسقط لبنان، "فإسرائيل" لن تشبع من التنازلات مهما كانت كبيرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل