أقلام الثبات
تستمر أميركا في العمل باستراتيجية تفكيك الدول وإسقاط الأنظمة عبر "المارينز التكفيري" الذي استطاعت تأسيسه من الأفعان العرب لمواجهة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، وبعد نجاحها بهذا المخطط الذي انتهى بالانسحاب وتفكيك الاتحاد السوفييتي وسقوطه كقوة عالمية عظمى، انتقلت أميركا الى منطقه الشرق الاوسط واستخدمت الجماعات التكفيرية في ليبيا والعراق وسوريا، مع تأسيس نقاط تجمع لهذه الجماعات في افريقيا، لاستخدامها في الوقت المناسب ضد الوجود الصيني والروسي.
تعمل روسيا لإنهاء الحرب مع أوكرانيا بالمفاوضات السياسية او المقايضة على ملفات عالمية مع أميركا، بسبب استنزاف هذه الحرب لها، والتي ظهرت فيها القوة الروسية ضعيفة وعجزها عن حسم الأمور بعد ثلاث سنوات من الحرب، والتي لم تسجل فيها انتصارات بارزة.
بعض مؤشرات المقايضة بين اوكرانيا وسوريا ظهرت لكن بشكل غير حاسم او مؤكّد، بانتظار ان تُثبت الأشهر القادمة صحة هذه المعلومات او عدمها ،فإذا كانت صحيحة، ستكون روسيا قد ارتكبت خطأً قاتلاً على مستوى التخلي عن الحلفاء وعن حضورها في المنطقة، بعد غياب دام اكثر من 30 عاماً مقابل ان تُوقف أميركا الحرب الأوكرانية - الروسية، لتخفيف الأعباء المفروضة على اوروبا، خصوصاً لناحية اللاجئين الأوكرانيين والدعم المالي والعسكري الذي استنزف أوروبا، لكن أميركا لن توقف مشروعها للسيطرة على العالم وتثبيت نفسها كقطب واحد يأمر وينهى وينفذ ما يشاء، وقد أعطى "ترامب" نموذجاً عن التسلّط الأميركي على العالم وتصرّفه على اساس شركة خاصة، ووصل به الأمر ان يبيع غزة على "الخريطة" مع شعبها، لتحويلها لمشروع اقتصادي - سياحي خاص.
المشروع الأميركي ستكون وجهته القادمة الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وعددها سبعة دول (طاجكستان واوزبكستان وداغستان وتركمانستان والشيشان وغيرها) والتي شكّلت خزاناً بشرياً ،لاستيراد الجماعات التكفيرية، باتجاه سوريا والعراق واكتسبت خبرة ميدانية، يمكنها بالتعاون مع الجماعات اليهودية في روسيا أن تعيد سيناريو تفكيك الإتحاد السوفييتي وتنفذ مشروع "تفكيك" الاتحاد الروسي وتحويل روسيا من قوة عظمى مقيّدة، تتعرّض للحصار ، كما تتعرّض الدول النامية، دون ان تستطيع الرد وبدل روسيا الكبرى ستكون روسيا الصغرى وستربح أميركا واوروبا الثروات الطبيعية الضخمة في هذه الجمهوريات التي تعاني من اقتصاديات فقيرة، تعيش في جغرافيا غنية!
ان الاستثمار الأميركي ،بالجماعات التكفيرية كان أكثر ربحاً من الاستثمار الأميركي بالدولة الوظيفية" إسرائيل" وحقّق أرباحا ًأكبر وبوقت أسرع وبخسائر قليلة ، فلو قارنّا المساعدات الأميركية العسكرية والمالية "لإسرائيل"، وما تتحمّله أميركا من مسؤوليات قانونية وأخلاقية عن التصرفات الإسرائيلية، فإننا نرى ان الجماعات التكفيرية تعمل لصالح أميركا بشكل مجّاني تقريبا عبر ما يسمى الغنائم والسلب والأموال التي تتلقاها من دول الخليج وفق ارتباطاتها .
لقد أسقطت أميركا ،سوريا بالجماعات التكفيرية والإدارة التركية وهي التي عجزت عن إلزام سوريا بتوقيع اتفاقية سلام بواسطة القوة "الإسرائيلية".
كادت أميركا ان تُسقط العراق بغزوة "داعش" الأقل كلفة من الغزو الأميركي للعراق.
تحاول أميركا إسقاط المقاومة في لبنان بالجماعات التكفيرية وتعتقد ان المشروع يمكن ان ينجح أكثر من مشروع القضاء على المقاومة بالجيش "الاسرائيلي".
تحاول أميركا، إسقاط اليمن بالجماعات التكفيرية بعد فشلها بإسقاطه بالحرب.
ستكون روسيا هي الهدف المقبل للجماعات التكفيرية انطلاقاً من الجمهوريات الإسلامية وبإدارة تركية وستقاتل روسيا في موسكو وداخل حدودها وستدفع ثمن خطأها الاستراتيجي، بإسقاط سوريا الذي سيهدّد العراق وإيران الحليف الاستراتيجي لروسيا.
تتساقط الدول المناهضة للمشروع الأميركي ،كأحجار "الدومينو" واحدة بعد الأخرى دون ان تغزوها اميركا ،بسبب أوضاعها الداخلية الضعيفة اقتصادياً او اجتماعياً وعدم وحدتها وتفاوضها بشكل انفرادي على حساب حلفائها ،فتربح اميركا كل التنازلات..
كل من تخلّى عن سوريا ، سيدفع الثمن عاجلاً أم آجلاً ..فسوريا كانت المتراس الأول للمواجهة وخط الدفاع الأول الذي سقط أو تم إسقاطه ،بطريقة غريبة وغير مفهومة ...تحتمل التأويل ما بين الخيانة او الخداع..!
أميركا... ومشروع تفكيك الاتحاد الروسي _ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 11 شباط , 2025 02:09 توقيت بيروت
أقلام الثبات
![](https://athabat.net/static/images//800x450/d8c8afe397ff96860f8eea523396a20b1739275770.jpeg)
![](https://athabat.net/assets/images/category-icon.png)