من سينقذ المسيحيين ولبنان من مغامرات «الخائب»؟ ــ د. نسيب حطيط

الجمعة 19 كانون الأول , 2025 11:17 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يقع المسيحيون في لبنان ضحية مغامرة وخطيئة جديدة ترتكبها أحزابهم وقياداتهم التي لا تزال تعمل وفق استراتيجية التبعية والتعامل مع العدو "الإسرائيلي"، هذه الاستراتيجية التي بدأت  مع البطريرك أنطوان عريضة والرئيس إميل إده عام 1937، بالتعاون مع الوكالة اليهودية للهجرة، وتابعها حزب الكتائب اللبنانية، ثم القوات اللبنانية التي لم تتخلَّ عن قناعاتها وتصر على تكرار أفعالها الخاسرة، ظنًا منها أن التبعية والتناغم مع "إسرائيل" هما السبيل الوحيد للبقاء في السلطة وحماية معادلة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، خصوصاً بعد تناقص أعداد المسيحيين ليصبحوا الثلث مقابل الثلثين للمسلمين قبل توطين اللاجئين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين.
لم يتعظ كثير من "مسيحيي لبنان" من تجاربهم السابقة مع "إسرائيل"، التي ورطتهم في حرب الجبل ضد الدروز ثم تخلّت عنهم، مكتفية بتأمين الحافلات والشاحنات لإخراج المقاتلين والمدنيين من الجبل، كما أنهم لم يتعلّموا من تجربة مسيحيي جنوب لبنان وجيش لحد الذين تخلت عنهم "إسرائيل" بعد فرارها من الجنوب، ولم تؤمّن لهم اللجوء الآمن، وكما هي عادة «الخائب» وحسابات اليمين المسيحي المغامرة ورهاناتهم الخاطئة، اعتقدوا بعد سقوط سوريا وانسحاب إيران وتلقي المقاومة ضربات قاسية، أن ساحة لبنان قد سقطت بأيدي أمريكا و"إسرائيل"، مما سيتيح لهم التحكم بالشارع والتشريع والسلطة، لذلك أشهروا خناجرهم وصوّبوا بنادقهم لارتكاب «مجزرة الشيعة»؛ تكراراً لما فعلوه في «مجزرة صبرا وشاتيلا» ضد الفلسطينيين والشيعة اللبنانيين بعد اجتياح عام 1982، وأعلنوا حربهم على الشيعة لإقصائهم من النظام ونزع سلاحهم ومنع إعادة إعمار بيوتهم، وطالبوا بإجراء الانتخابات الرئاسية دون مشاركة الشيعة، ورفضوا إعادة إعمار بيوت الشيعة التي دمرتها "إسرائيل"، مدّعين أنهم ليسوا مسؤولين عن الحرب، بينما أجبروا اللبنانيين، بمن فيهم الشيعة «الذين لم يشاركوا في الحرب الأهلية»، على دفع التعويضات للمهجّرين من الحرب الأهلية التي أشعلوها وكانوا مسؤولين عنها.
إنهم يطالبون، كما تطالب "إسرائيل"، بنزع سلاح المقاومة، وإغلاق المؤسسات المالية والتربوية، وتجريد المقاومة وأهلها من الشرعية، واعتبار الشيعة جماعة لاجئة بلا حقوق، بالتوازي مع المطالبة بالتضامن وحماية النازحين السوريين!
مَن سينقذ المسيحيين اللبنانيين، آخر مسيحيي الشرق، من قياداتهم الفاشلة وأحزابهم المتحالفة مع "إسرائيل"، والتي انضمت إليها قوى سياسية جديدة، ليصبحوا بذلك حلفاء لداعمي "إسرائيل"؟
 مَن سيحميهم من الوقوع في فخ حرب أهلية ثانية قد تكون نهايتهم وتهجيرهم من لبنان، بعد أن تسبّبت مغامرات قياداتهم في تهجيرهم خلال الحرب الأهلية الأولى وجمعهم في رقعة جغرافية لا تتجاوز 1000 كيلومتر مربع، بانتظار طردهم منها في حرب ثانية تهدف إلى توطين اللاجئين والنازحين السوريين مكانهم؟ 
لم يعد المسيحيون اللبنانيون ورقة رابحة أو ذهبية "لإسرائيل" وأمريكا، ولا رأس جسر للمشروع الأمريكي "الإسرائيلي" بعد سقوط الجغرافيا العربية وتحوّلها إلى جغرافيا أمريكية - "إسرائيلية"، ومع تنافس العرب نحو التطبيع والسلام لم تعد للجغرافيا المسيحية في لبنان ولا لمواقفهم قيمة سياسية أو أمنية يستثمرها الغرب، كما كانوا في الماضي. لقد انخفض 'سعر' عمالة أحزابهم وقياداتهم، وربما امتنعت "إسرائيل" وأمريكا وبعض الدول العربية عن 'شراء' بضاعتهم السياسية.
نناشد من تبقى من العقلاء من الإخوة المسيحيين، من رجال دين وسياسة وثقافة، أن يساعدونا لإنقاذ المسيحيين من أحزابهم وقادتهم المغامرين، ونحن الذين حميناكم في مؤتمر "وادي الحجير" بقيادة السيد عبد الحسين شرف الدين، وحميناكم في الحرب الأهلية الأولى، حيث اعتصم الإمام الصدر لحماية المسيحيين في البقاع، وحميناكم في الجنوب بعد الانسحاب "الإسرائيلي"، وحماكم أبناؤنا وإخوتنا في صيدنايا ومعلولا وبقية المناطق السورية ضد الجماعات التكفيرية، ورغم جراحنا النازفة وطعناتكم الغادرة: نحن مستعدون لحمايتكم ومساعدتكم. 
نناشدكم أن تأتوا إلى كلمة سواء لنبقى معًا، وألا تقيموا الحواجز الطيّارة في الحكومة ومجلس النواب ووزارة الخارجية والإعلام للإجهاز على طائفة مقاومة لا يزال العدو يقصفها ويمنعها من إعادة بناء بيوتها.
نناشد العقلاء أن يتصدوا 'للخائب المغامر' الذي أهلكهم وهجّرهم من دير القمر وشرق صيدا والجنوب وزحلة والشوف، لحماية من تبقى من مسيحيي الشرق ولبنان، ونحن قادرون ومستعدون للمساعدة، خلافًا لما يظنّه الأغبياء بأننا هُزمنا وخسرنا وبإمكانهم فرض شروطهم علينا.
 فلنتعاون مع العقلاء والوطنيين لـ'بتر' 'الجعجعينا' التي أصابت الجسم المسيحي بالالتهابات "الإسرائيلية"، حتى لا تمتد العدوى إلى المقيمين في الوطن.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل