تطرف الانتخابات الأمريكية: حين تصبح المقدسات وقوداً للصراعات السياسية

الجمعة 19 كانون الأول , 2025 12:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

لم تكن الخطوة التي أقدم عليها المرشح الأمريكي "جيك لانغ" بإقحام المصحف الشريف في مشهد انتخابي مهين مجرد سقطة دعائية، بل هي تجسيد حي لحالة "الإفلاس القيمي" التي وصلت إليها بعض النخب السياسية في الغرب. إن استخدام الرموز الدينية المقدسة في إطار "بروباغندا" الكراهية يضع العالم أمام تساؤل حقيقي حول الحدود الفاصلة بين حرية الرأي وبين "الإرهاب الثقافي".

صناعة الكراهية.. من التحريض إلى التنفيذ

إن هذا السلوك المشين لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق العام الذي تغذيه ماكينات إعلامية وسياسية منذ عقود. فالشحن الممنهج ضد الإسلام، وتصويره كخصم حضاري، لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج غرف سوداء تديرها لوبيات الضغط (الصهيونية وغيرها) التي تجد في "صناعة العدو" وسيلة مثالية لتمرير مشاريع التوسع والسيطرة. هؤلاء المتطرفون ليسوا سوى "واجهات" لمشروع أكبر يهدف إلى زعزعة الاستقرار العالمي عبر إشعال الحرائق الدينية.

إزدواجية المعايير والغطاء الرسمي

المثير للريبة ليس فقط فعل التدنيس نفسه، بل هو الموقف "المتفرج" للإدارة الأمريكية. فالتذرع بقدسية التعبير عند المساس بمقدسات المسلمين، في مقابل الصرامة القانونية عند المساس بقضايا أخرى، يكشف عن "ازدواجية معايير" تمنح المتطرفين ضوءاً أخضر للاستمرار في غيهم. إن هذا الغطاء الرسمي يحول الدولة من حامية للحقوق إلى شريكة بصمتها في تأجيج الصراعات بين الحضارات.

القرآن الكريم كحائط صد قيمي

إن الحرب المستعرة ضد المنظومة الإسلامية لا تستهدف النصوص في حد ذاتها فحسب، بل تستهدف ما تمثله هذه النصوص من "ثبات أخلاقي". في عالم يندفع نحو التحلل من القيم والروابط الأسرية والإنسانية، يبرز الإسلام كمنظومة صلبة ترفض الانصياع لهذا الانفلات. ومن هنا، يصبح الهجوم على المصحف محاولة يائسة لكسر هذا الصمود المعنوي أمام موجات "التغريب القسري" والإفساد الأخلاقي الممنهج.

المسؤولية الجماعية في المواجهة

إن الرد على هذه الجرائم لا يجب أن يتوقف عند حدود الاستنكار العاطفي. نحن أمام استحقاق يتطلب من المرجعيات الدينية، والمؤسسات الثقافية، والشعوب الواعية في الشرق والغرب على حد سواء، بناء جبهة إنسانية موحدة ترفض تحويل الأديان إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية.

إن حماية المقدسات هي في جوهرها حماية للسلم العالمي، وأي تساهل مع هذه النماذج المتطرفة هو بمثابة رصاصة تطلق على قلب التفاهم البشري والتعايش السلمي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل