أقلام الثبات
ترتكز استراتيجية الحكم في أميركا على ثابتة أساسية هي السيطرة على العالم والتحكم باقتصاده ونهب ثرواته، ولا تتغير، سواء كان الحكم جمهورياً او ديمقراطياً، إنمل تتغير الوسائل والخطط بين الحرب الساخنة بالغزو والاحتلال، او بالحرب الناعمة، بما يعرف بالحرب البديلة عبر جيوش ودول تابعة لأميركا، او عبر الحرب الناعمة طويلة المدى، التي تعتمد على الحصار الاقتصادي او تغيير المباني العقائدية والثقافية والأخلاقية للشعوب، وتعمل على تحقيقها على محاور ثلاثة؛ وفق الامكانات او الموقع الجغرافي وقوة الخصم وفق التالي:
- المحور العسكري الذي يعتمد الحرب الكلاسيكية بالقصف والاحتلال والغزو، وهذا ما اعتمدته أميركا في حروب فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها، وتتجه للتخلي عنه واعتماد الحروب البديلة؛ بجيوش الدول او الجماعات التكفيرية وغيرها.
- محور تغيير الأنظمة بالانقلابات الداخلية والثورات الخضراء والبرتقالية، او ما عرف بالثورات الملوّنة في الربيع العربي وغيرها.
- محور تغيير الثقافات والعقيدة عبر التهجين والتلقيح، لتغيير المفاهيم والقواعد الأخلاقية والسلوكية (الديانة الإبراهيمية - الإسلام التكفيري..)، مما ينتج مجتمعات جديده مفكّكة وجاهزة للخضوع عن بعد عبر ثقافه التبعية والاستسلام، لتحقيق العيش وفق النظرة الأميركية
استطاعت أميركا هزيمة الإتحاد السوفياتي، وكان قوة عظمى يمتد على مستوى العالم، بما يسمى منظومة الدول الاشتراكية وأحزابها الشيوعية وحلفها العسكري "وارسو"، وذلك عبر خطة "البيريسترويكا - إعادة البناء"، والتي أطلقها رئيس الاتحاد السوفياتي "غورباتشوف" وأدّت إلى تفكيك الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، وتهميش وغياب الأحزاب الشيوعية عن المسرح السياسي العالمي، خصوصاً في منطقه الشرق الاوسط، دون غزو عسكري او حرب ساخنة.
أسقطت أميركا الكثير من الأنظمة في العالم العربي وأوروبا بالثورات "الملوّنة" التي أدارتها أميركا، مُستغلة الأخطاء والإدارة السيئة للأنظمة والأحزاب الحاكمة على المستوى الاقتصادي او السياسي والفساد وعدم الإصلاح، ونجحت أميركا في السيطرة على الأنظمة الجديدة دون حرب او عمل عسكري.
بدأت أميركا حرباً عالمية جديدة على مستوى الاقتصادي والثقافي والقانوني، لإسقاط المجتمعات العالمية بيدها والسيطرة على الدول دون غزو، فألغت القوانين الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وأعلنت عدم اعترافها بسيادة وأحكام هذه المؤسسات الدولية، وان سيادة أميركا و"اسرائيل" فوق كل سيادة وغيّرت المرجعية العالمية لحل النزاعات او إعطاء الضمانات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الى القوانين والسلطة في أميركا، فكانت تفرض الحصار خلافاً لقرارات الأمم المتحدة وتُلزم الدول بتنفيذه، وهكذا كان في عاصفة الصحراء وغزو العراق وقانون قيصر وحصار روسيا وإيران وكوريا الشمالية وسوريا ولبنان وغيرها، فصارت أميركا مصدر السلطات والمحكمة العالمية التي تفرض صفة الإرهاب والإرهابي على من تشاء وتنزع عنه هذه الصفة متى ارادت وفقاً لمصالحها.
مواجهه أميركا لا تقوم على المواجهة العسكرية فقط، والتي تتفوق فيها على أي دولة بشكل منفرد، وعلى الشعوب والدول المُستباحة والمظلومة تحصين مجتمعاتها على المستوى الثقافي والعقائدي والاقتصادي والاخلاقي حتى لا تتفكّك بشكل بطيء وتتحول الى مجتمعات مصابة بمرض المخدرات والرقص والترفيه والأمور الهامشية وتبتعد عن الصناعة والزراعة والعقيدة والتقاليد وتتحول الى مجتمعات هجينة لا هوية لها ولا أهداف ولا انتماءات وطنية، فتذوب في العولمة الأمريكية وتعيش على مساعدات القمح والغذاء.
تعيد أميركا مشروع استقدام العبيد من إفريقيا، كما كان في بدايات تأسيس الدولة الأمريكية، مع تعديل بسيط هو بقاء العبيد في أوطانهم والعمل لصالحها، دون ان تتحمل أميركا مصاريف معيشتهم وحياتهم، بل تتقاضى بدل استعبادها لهم كل ثرواتهم طوعاً او اكراماً، ونحن الآن في عصر الاستعباد الأميركي المتعدّد التسميات والوسائل.
فلنبادر لتحرير أنفسنا وبلادنا.. ولنعمل لعدم الغرق في المعارك الدينية والمذهبية والقومية التي تزيدنا ضعفاً، فتزداد أميركا قوة وسيطرة مع وكيلها في المنطقة "إسرائيل والجماعات التكفيرية".
السيطرة الأميركية على العالم... باستبدال الأنظمة أو العقائد _ د. نسيب حطيط
الأحد 09 شباط , 2025 12:00 توقيت بيروت
أقلام الثبات

