أقلام الثبات
قبل 1400 عاماً، كان العرب قبائل تغزو وتنهب وتقتل بعضها، ولم يوحّدهم إلا الشعر، وكان هدفهم الأول البقاء على قيد الحياة دون جوع، ومازلنا نحفظ من مدرستنا "انهم كانوا يبحثون عن الماء والكلأ".
أكرمهم الله بالإسلام وبرسول الله (صلى الله عليه وآله) فتوحّدوا وصاروا "أمة" ولهم حضارة وعلماء ومفكرون وفلاسفة، واستطاعوا الدفاع عن بلادهم حتى غزوا الروم والفرس، ثم تفرّقوا شيعاً ومذاهب وخلفاء وملوك وأمراء وقتلوا واغتالوا بعضهم وتحول دواؤهم "الإسلام" الى دائهم الخبيث والقاتل.
غزاهم الصليبيون واستعمرهم العثمانيون ثم فرنسا وبريطانيا وقسّموهم دولاً وامارات، بما عُرف باتفاقية "سايكس_بيكو"، ولقّحوا الوطن العربي بالفيروس "الاسرائيلي"، فكانت النكبة عام 1948 ثم توسّع هذا الفيروس الاحتلالي، فكانت النكسة عام 1967.
بعد النكبة والنكسة وُلدت حركات التحرر الفلسطيني والعربي بداية مع أنظمه قومية ضد الاستعمار، الى اجتياح عام 1982 للبنان، حيث تم القضاء على أول حركة مقاومة فلسطينية ونفيها وتشتيتها وَوُلدت المقاومة اللبنانية البديلة التي تجاوزت في تأثيرها وتهديدها للاحتلال "الاسرائيلي" كل حركات المقاومة في داخل فلسطين او خارجها، وتجاوزت بتأثيرها الوطني لتصبح حركة مقاومة إقليمية وانتقلت من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي انتصرت عليه مرتين عام 2000 وحرب تموز 2006 لتكون بمواجهة المشروع الأميركي في المنطقة ضمن محور المقاومة.
لأول مرة يشعر التحالف الأميركي - "الاسرائيلي" بتهديد وجوده في المنطقة ومصالحه، عبر حركات محور المقاومة، وفي لحظة انفعال وقهر وغضب وجوع فلسطيني في غزة، ومراهنة على القوة والتباس في تقدير قوة العدو المحلية في "اسرائيل" او العالمية بقيادة اميركا، بدأ "طوفان الأقصى"، وبعد 14 شهرا من حرب الإسناد اللبنانية واليمنية والعراقية، والتي انزلت خسائر مادية ومعنوية ونفسية في العدو وتطلب استيعابه مشاركة اميركا وكل الغرب وأغلب العرب، والبدء بطوفان "أميركي - اسرائيلي - تركي" مضاد لاستيعاب الهجوم والبدء بهجوم مضاد متوحّش استطاع حتى الآن، اسقاط وتحييد ثلاث ساحات اساسية مجاورة للعدو "الاسرائيلي" فسقطت غزة ويبدو ان الضفة ستلحقها وتم تحييد ساحة لبنان وتقييدها والتي منعت العدو من اسقاطها بصمودها الأسطوري والاستشهادي وضرباتها النوعية وسقطت سوريا (البلد الثاني التي تحتله "إسرائيل" بعد فلسطين على طريق "إسرائيل" الكبرى) مخزن سلاح المقاومة وعقدة الربط وآخر قلعة عربية ضد التطبيع وتم تحييد العراق بالتهديد والوعيد واعطائه الأمان في حال التزم الصمت والحياد ولم يبق من محور المقاومة، إلا ساحة اليمن ورأس المقاومة في إيران.
بعد 80 عاما على استقلال الدول العربية من الاستعمارين الفرنسي والإنجليزي يبدو ان العالم العربي أمام خريطة تقسيم جديدة بدون "فلسطين" وسَيستولد دولاً أكثر واستعمار اميركياً - اسرائيلياً جديداً سيحكم خمسين عاماً قادمة.
بعد أكثر من 70 عاما على النكبة واحتلال فلسطين، تُقاد القضية الفلسطينية الى مقصلة التصفية وتذويب شعبها في البلاد التي لجأ اليها ونقل غزة وأكثر الضفة الى الوطن البديل في الاردن مع نقاش لم ينته بعد...
هل يبقى الملك الأردني ملكاً على وطن فلسطيني - أردني او أردن "فيدرالي" او إعلان أردن "فلسطيني" بدون ملك هاشمي؟
تَنقّل العرب من أمة متنازعة في الجاهلية الى استعمار غربي، ثم نكبة ثم نكسة ثم الى أمة مفكّكة مهزومة وحّدها الإسلام القرآني الأصيل ورفعها ثم مزّقها الإسلام الأميركي - التكفيري وشتتها واذلّها.
على المقاومة في لبنان ان تحفظ نفسها، لتكون خميرة حركات المقاومة التي يجب ان تُولد، لتحرير الأمة ولتقصير الزمن التي تحتاجه ، لتحرير نفسها ثانية ولتحرير فلسطين وليس هذا مستحيلا، بل يحتاج بعض الوقت والأمر الأساس ان لا تتوسّع ثقافة الانهزام والاستسلام او الحرية الخادعة والكاذبة...
لنقاوم ثقافة الاستسلام التي تبحث عن "الماء والكلأ"، وتعميم ثقافة المقاومة والصمود.
العرب.. من الاستعمار إلى النكبة ثم النكسة فالهزيمة _ د. نسيب حطيط
الإثنين 16 كانون الأول , 2024 02:48 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة