أميركا... وتنصيب "طالبان" و"جبهة التحرير الشام" ثم "جبهة تحرير العراق" _ د. نسيب حطيط

الخميس 12 كانون الأول , 2024 07:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تواصل اميركا هجومها المضاد، لتثبيت سيطرتها على الشرق الأوسط وغرب آسيا، وإخراج إيران من ساحاتها العربية، وروسيا من الساحة السورية، وابتزاز الصين، إما بإفشال مشروع "طريق الحرير"، او الشراكة فيه، بالإضافة إلى السيطرة الأميركية على موارد الطاقة؛ من الغاز والنفط، وكل خيرات المنطقة.
بعد نجاح المشروع الامريكي ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان "بالأفغان العرب"، بدأت اميركا بتكرار التجربة، فسقطت ليبيا ولم تقم حتى الآن، وترنّح العراق في غزوة "داعش" الأولى، الذي انتصر عليها، لكنها اثخنته بجراح التقسيم المذهبي والجغرافي، فنقلت اميركا تجربتها الى سوريا واسقطت النظام وكرّرت خطة حلّ الجيش العراقي الذي دمرته على طريق الكويت حين انسحابه، بينما كلّفت "اسرائيل" بتدمير الجيش السوري في مطاراته ومصانعه ومخازنه وثكناته ومياهه!
يتقدّم الهجوم الامريكي بعد إبادته لغزة وتحييد ساحة لبنان (مؤقتا)، ثم إسقاط سوريا وتسليم الحكم لتحالف الإسلاميين المتعدّدي الجنسيات والمنضوين تحت "جبهة التحرير الشام "(جبهة النصرة سابقا).
تحشد أميركا احتياطها الاستراتيجي المسمّى "داعش" لبدء الهجوم على العراق، لإسقاط ما تبقى منه في الجغرافيا التي يقيم فيها الشيعة، ولتدمير الحشد الشعبي بعد تدمير "حماس" وإنهاك المقاومة في لبنان، بانتظار العودة اليه إما عبر التكفيريين او بعض القوى السياسية اللبنانية، بعد سيطرة اميركا على النظام؛ من رئاسة الجمهورية والحكومة والأجهزة.
لا يحتاج العراق الى جهد كبير وفق المشروع الاميركي، فنصف العراق مع اميركا؛ إقليم كردستان والأقاليم السنية والوجود الاميركي الحاكم سياسياً وامنياً واقتصادياً، وبالتالي فإن غزوة اخرى "لداعش" بعد تغيير اسمها الى "جبهة تحرير العراق" او أي اسم اخر يتناسب مع الواقع العراقي في ظل الانقسام الشيعي والتنافر العراقي - الإيراني كفيلٌ بإسقاط العراق في أيام او اسابيع. 
والسؤال: هل تبادر اميركا لمهاجمة العراق قبل استقرار الوضع في سوريا، لاقتناص لحظة الصدمة والارتباك داخل ما تبقى من محور المقاومة، أم تتنظر للاستعانة بالجماعات التكفيرية ونقلها إلى العراق؟
هل تقفز اميركا لمهاجمة إيران مباشره، والقفز عن العراق الذي سَتسقطه تركيا الموجودة فيه وتعيش الآن لحظة النشوة والنصر باستعادة سوريا، وستعيد العراق أيضاً؟
لن يدمّر التكفيريون مقام السيدة زينب (عليها السلام) في الشام كما دمّروا العتبة الكاظمية سابقاً في غزوة "داعش" الاولى للعراق، فقد استفادت اميركا من التجربة الأولى؛ عندما هدد "داعش" باحتلال النجف الاشرف وقال: "النجف الاشرك" وتهديد كربلاء التي قال عنها "كربلاء المنجسة"، مما استدعى اصدار فتوى "الجهاد الدفاعي" من المرجع السيد السيستاني، للدفاع عن العتبات المقدسة للشيعة، فكانت النتيجة هزيمة "داعش" بعد ما احتلت كل العراق وتأسيس الحشد الشعبي. 
 سيبقى مقام السيدة زينب (عليها السلام) سالماً، وستتعامل جبهة التحرير الشام بوجهها "الناعم"، مع ابقاء القلق والخوف، لخداع العراقيين الشيعة بأن العتبات المقدّسة في العراق والنجف وكربلاء وبغداد وسامرّاء وغيرها ليست مهدّدة، وبالتالي نزع الورقة القوية من يد السياسيين او المقاومين المعروفة بالدفاع عن المقامات والعقيدة.. وبعد إسقاط العراق سيتم تدمير المقامات جميعها، كما فعل الوهابيون سابقاً، وسَيدمّر مقام السيدة زينب؛ كما تم تدمير مقامات الأئمة في البقيع سابقا!  
تقود اميركا الحرب ضد من وصفهم المندوب "الاسرائيلي" على منبر مجلس الامن "الإسلاميون النازيون"،  أي "الشيعة" وقال ان الهدف هو القضاء على الإمبراطورية الشيعية التي تُعرقل السلام في الشرق الأوسط، وذلك بتأسيس حلف ظاهراً عبر الجماعات التكفيرية، وباطنا عبر انظمة الحكم، ليكون الشيعة هدفاً لحرب مركّبة (مذهبياً وسياسياً)، حيث يعتقد الأميركيون ان التخلص من الفكر الشيعي التحرري في لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن سيجعل المنطقة كلها طوع أيديهم وتحت سيطرتهم للانتقال لتفكيك روسيا وحصار الصين.
الحرب طويلة إذا أعاد ما تبقى من محور المقاومة خططه واستراتيجيته للمواجهة وغادر دائرة التردّد وقتال الساحات المنفردة، وإلا ستكون الحرب قصيرة جداً وسيسقط ما تبقى، كما سقطت سوريا في ساعات تحت ضربات التحالف "الإسرائيلي"- الأميركي - التركي وتنفيذ الجماعات التكفيرية.
طرح محور المقاومة شعارات وأهداف شريفة.. لكن إدارته للحرب بحاجة إلى قوة وحزم أكثر، خصوصاً بعد اغتيال "السيد الشهيد".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل