الثبات- إسلاميات
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسولﷺ يقول: ((بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)) رواه البخاري و مسلم .
يشبه رسول الله ﷺ الإسلام الذي جاء به بالبناء المحكم، القائم على أسس وقواعد ثابتة، ويبيِّن أن هذه القواعد التي قام عليها وتم هي:
1- الشهادتين: ومعناها الإقرار بوجود الله تعالى ووحدانيته، والتصديق بنبوة سيدنا محمد ﷺ ورسالته، وهذا الركن هو كالأساس بالنسبة لبقية الأركان، وهو المخرج من دائرة الكفر قالﷺ: ((من قال لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة)).
2- إقام الصلاة: والمراد المحافظة على الصلاة والقيام بها في أوقاتها، وأداؤها كاملة بشروطها وأركانها، ومراعة آدابها وسننها، حتى تؤتي ثمرتها في نفس المسلم فيترك الفحشاء والمنكر، قال تعالى:{وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} والصلاة شعار المسلم، وعنوان المؤمن، قال ﷺ: ((الصلاة عماد الدين)) وقال ﷺ: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))
3- إيتاء الزكاة: وهي إعطاء نصيب معين من المال للفقراء والمساكين، ممن ملك نصابا وتوفرت فيه شروط الوجوب الأداء قال الله تعالى في وصف أهل الإيمان: {والذين هم للزكاة فاعلون} وقال سبحانه:{والذين في أموالهم حقٌّ معلوم للسائل والمحروم} فهي عبادة مالية تتحقق بها العدالة الاجتماعية، وتقضي على الفقر وتغني عن العوز وتسود المودة والعطف والاحترام بين المسلمين
4- الحج: وهو قصد المسجد الحرام في أشهر الحج، وهي شوال و ذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، والقيام بما بينه رسول الله ﷺ من مناسك، وهو عبادة مالية وبدنية تتحقق فيه منافع كثيرة للفرد والمجتمع، وهو مؤتمر إسلامي كبير، ومناسبة عظيمة لالتقاء المسلمين من كل بلد، قال تعالى:{وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} ولذا كان ثواب الحج عظيمًا وأجره وفيرًا، قال عليه الصلاة والسلام: ((الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) وقد فرض الحج في السنة السادسة للهجرة بقوله تعالى:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا}
5- صوم رمضان: وقد فرض في السنة الثانية للهجرة بقوله تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وهو عبادة فيها تطهير للنفس، وسمو للروح، وصحة للجسم، ومن قام بها امتثالًا لأمر الله وابتغاء مرضاته كان تكفيرًا لسيئاته وسببًا لدخوله الجنة، قال ﷺ: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))
فمن أتى بهذه الأركان كاملة كان مسلما كامل الإيمان، ومن تركها جميعًا كان كافرًا قطعًا، ومن أنكر واحدة منها كان غير مسلم بالإجماع، ومن اعتقد بها جميعًا وأهمل واحدة منها -غير الشهادتين- كسلًا فهو فاسق، ومن أتى بالأعمال وأقرَّ بلسانه مجاملة فهو منافق
ويستفاد من هذا الحديث أن المراد من العبادات غايتها مع القيام بها، فلا تنفع صلاة لا تنهى عن الفحشاء، ولا صوم لا يترك فاعله الزور والعمل به، ولا حج قصد به الرياء والسمعة، ولا يعني ذلك أن المسلم يترك العبادة إذا لم يحقق ثمرتها، إنما المراد حمل النفس على الإخلاص وتحقق المقصود منها
ويستفاد أيضًا أن الإسلام عقيدة وعمل، فلا ينفع عمل دون إيمان، كما أنه لا وجود للإيمان دون عمل.