أقلام الثبات
بعد ساعات من إعلان سقوط النظام في سوريا وسيطرة المعارضة، أعادت "إسرائيل" احتلال جبل الشيخ والقنيطرة واعلنت نيّتها اقامة شريط أمني عازل، ثم بادرت لتدمير مخازن السلاح المصانع العسكرية والمطارات وبطاريات الدفاع الجوي، وكل ما تفترضه "إسرائيل" تهديداً لها فيما بعد وذلك، كخطوة أولى لتفكيك وحل الجيش السوري، كما حدث في العراق، وإذا بقي الجيش قائماً فسيكون جيشاً على مستوى شرطة محلية بدون اسلحة ثقيلة ولا سلاح جو ولا بحرية..
تقدّمت "اسرائيل" خطوة كبيرة على طريق "اسرائيل الكبرى"، ووصلت الى الفرات السوري مقدمة للوصول للفرات العراقي، واصبحت حدودها من النيل الى الفرات قاب قوسين او أدنى من التحقيق.
أعلنت المعارضات السورية عدم العداء "لإسرائيل"، واستعدادها لتوقيع معاهدة "سلام"، ليكتمل حزام النجاة و"السلام لإسرائيل" من كل دول الطوق التي وقّعت معها معاهدات "سلام"، ولم يبق إلا سوريا ولبنان، وبعد سقوط سوريا لن يبقى الا لبنان بدون معاهده سلام (مرحلياً)!
وصلت "إسرائيل" الآن الى حدود العراق، وصار العراق مُحاصراً بين "اسرائيل" السورية وتركيا - الناتو واقليم كردستان - الأميركي، بالإضافة إلى الجماعات والطوائف المناهضة للمقاومة داخل العراق، ومن قال إن ما يجري في سوريا شأن داخلي فلم يصب الحقيقة وسيذوق الكأس المرّة عاجلاً ام اجلا.
من تأخر او قصّر في حماية سوريا المقاومة سيدفع الثمن غالياً، والذي لا يمكن تعويضه، فروسيّا ستفكّك قاعدتها في "حميميم" وستغادر المنطقة كما كانت قبل العام 2015، وستخسر دورها و مصالحها في منطقه الشرق الاوسط، وستبقى في حرب استنزاف مع أوكرانيا، ومعارك لاحقة مع الجمهوريات الإسلامية الآسيوية (طاجكستان واوزباكستان و....) كما حصل مع أفغانستان وصولاً إلى تفكيك الاتحاد الروسي، كما تم تفكيك الاتحاد السوفيتي.
اما إيران فقد خسرت الدولة العربية الوحيدة التي وقفت معها عند انتصار الثورة وأثناء الحرب العراقية عليها، بعدما وقف العرب مع صدام حسين ضدها، وخسرت محطة توزيع السلاح المقاوم، وعقدة محور المقاومة، ويُتوقع تراجُع حضورها العربي ودورها في القضية الفلسطينية، وأيضاً خسرت طريق الإمداد للمقاومة في لبنان، وقول إن المقاومة تملك من السلاح ما يكفي هو قول باطل، وتبريرٌ فاشل للخطأ الاستراتيجي في سوريا، واذا كانت حجّة عدم الدعم لسوريا المقاومة بسبب فساد النظام او ظلمه، فإن هذا النظام لم يتغيّر منذ 20 عاماً ومع ذلك دعمته ايران وقاتلت معه طوال 11 عاماً، فما الذي تغير؟
لقد تغيّر الموقف الإيراني بعد فوز الاصلاحيين الذين يطرحون شعار "إيران اولاً"، ويرفعون شعار عدم تصدير الثورة الذي اطلقه الإمام الخميني (رحمه الله).
لقد أُصيبت المقاومة في لبنان في ظهرها وهي التي لم تلتئم جروحها من الحرب "الإسرائيلية" المتوحشة عليها، والتي اغتالت قائدها وقياداتها، واصابت الشيعة في لبنان ب 23,000 شهيد وجريح، وعشرات آلاف المنازل، والآن اصيبت بخسارة عمقها الاستراتيجي وطرق الإمداد السّهلة، وخسرت مخازن السلاح السورية التي كانت طوع يدها وفي خدمتها بقرار الرئيس الأسد، وحتى انها حملتها لحركة "حماس" الخصم لسوريا، المهم ان هذه الصواريخ ضد "اسرائيل"، لكن هذه الصواريخ الآن في مرمى الطائرات "الإسرائيلية"، لتدميرها بعد تدمير القيادة السياسية التي كانت تتحكم بها!
بعد سقوط سوريا المقاومة وإبادة غزة وإنهاك وحصار المقاومة في لبنان، صارت "اسرائيل" حرّة، ولها القدرة على ضرب إيران وبرنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
من تأخر عن حماية دمشق ستقاتله "اسرائيل" في بغداد وطهران وموسكو، ومن ساهم بإسقاط الأسد سيسقط مشروعه معه بعد حين...
نحن المقاومين في لبنان الأكثر خسارة بسقوط الأسد؛ صرنا مُحاصرين كما غزة، فإسرائيل تحيطنا من الجنوب والشرق والشمال والبحر، وسيكون المستقبل اكثر سواداً وصعوبات وخسائر.. لكننا سنصمد ولن ننهزم.
"إسرائيل" تستبيح.. وتحتل سوريا _ د. نسيب حطيط
الإثنين 09 كانون الأول , 2024 03:47 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة