أقلام الثبات
وقّعت حركة "فتح" (السلطة الرسمية) وحركة "حماس" (المقاومة المسلحة) وثيقة تأسيس "لجنة الإسناد المجتمعي" لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، استجابة للضغوط الأميركية، بلسان "اسرائيلي"، يرفض تسليم السلطة في غزة لكلا الطرفين (فتح وحماس) وفق الشعار الذي رفعه "نتنياهو" (لا فتحستان ولا حماسستان) ووجوب إسناد هذه السلطة الى لجنة أهلية تتشكل من الشخصيات الاجتماعية والعائلية والعشائرية وبعض المستشارين من خارج التنظيمين، وحتى من خارج الاراضي المحتلة او غزة، ومندوب أميركي، وبموجب هذا الاتفاق ستكون هذه اللجنة تابعة للسلطة الفلسطينية (شكلاً) وتتولى إعادة الإعمار ومعبر "رفح".
اللافت في هذا الاتفاق أن مدة عمل هذه اللجنة غير محدد بوقت معين، إنما تم تحديد توقيت مطاط يمكن ان يستمر لسنوات حيث ورد في البند السادس من الاتفاق (استمرار عمل اللجنة حتى زوال الأســبــاب الـتـي أدت إلــى إنـشـائـهـا، أو إجــراء الانتخابات الـعـامـة، أو اعتماد صيغة أخرى متفق عليها)، حيث إن صياغة البند السادس يؤشر الى عدم إمكانية انهاء عمل اللجنة سواء بقرار "إسرائيلي" - اميركي (زوال الأسباب) او بقرار فلسطيني (اجراء الانتخابات العامة او اعتماد صيغة أخرى متفق عليها)!
بعد تكرار نموذج غزة العسكري بنسبة كبيرة في لبنان على مدى شهرين والذي استطاعت المقاومة تقصير مدته الزمنية لشهرين فقط، بدل الوقت المفتوح نتيجة صمودها والخسائر المعنوية والمادية التي الحقتها بالعدو، يبدو ان نموذج غزة السياسي سيتم تنفيذه في لبنان بنسخة معدّلة، لاعتبارات موضوعية وواقعية، سيكون وفق خطة "تحجيم الدور الشيعي" في لبنان التي تمثّله الثنائية وتقليم اظافرها على المستوى السياسي او الإداري او الاجتماعي دون الوصول الى التصادم الداخلي معها الآن وربما في وقت يكون مناسبا للمشروع الأميركي بانتظار مرحلة الشيعة بدون قيادات تاريخية بعد خطف واغتيال ووفاة اغلبية قياداتها الأساسية وعدم وجود قيادات بديلة شبيهة او ذات كفاءة.
ستعمل اميركا، بالتعاون مع العدو "الإسرائيلي"، على إطباق الحصار على "الثنائية الشيعية" كما أطبقت الحصار على الثنائية الفلسطينية (فتح حماس) وبداية هذا الحصار او التدجين والتهجين، سيكون ،إلغاء الدور الرئيسي للثنائية في اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحفاظ على دورها، كمشارك غير مؤثر، لأن اميركا وحلفائها العرب ،قادرون على تأمين أغلبية "الثلثين" في المجلس النيابي التي يحتاجها انتخاب رئيس للجمهورية، تختاره اميركا مباشرة او مواربة وكذلك الأمر، بالنسبة لتسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة واختيار الوزراء والتعيينات الإدارية والعسكرية فيما بعد وربما لن يكون هناك تمثيل تنظيمي حزبي للثنائية الشيعية في الحكومة وربما مداراة لهم سيكون الشعار ، حكومة "مستقلين وتكنوقراط" لكنهم في الحقيقة ينفذون المشروع او الاملاءات الأمريكية مع تعهد أميركي - عربي دعم لبنان اقتصاديا ورفع الحصار عنه والحماية السياسية واسترجاعه للحضن العربي.
تنتظر اميركا والعرب ،إعادة الإعمار وفي حال تقصير إيران بدفع التعويضات الشاملة(أكثر من 50 ألف وحدة سكنية ومحل تجاري وصناعي) ستواجه العتاب الشيعي خاصة انها لم تشارك ميدانياً ولا تتولى اعادة الإعمار الشامل، فيبادر العرب للإعمار مع موجباته السياسية القادمة.
لابد للشيعة ولتنظيماتهم وقياداتهم ان يحسنوا، وبدون مكابرة، إدارة اللحظة السياسية التي يعيشها الشيعة، ومراجعة إدارتهم السابقة، ووجوب الاعتراف ان اللحظة السياسية والميدانية التي يعيشها الشيعة ليست كالسابق، خصوصاً الفترة التي امتدت منذ 2006 حتى حرب "اسرائيل" الرابعة عام 2024 .
صحيح اننا لم ننهزم، لكننا تعرّضنا لصفعات قاسية، كادت ان تقتلعنا من الجذور (ولم تنته بعد) ونحتاج لفترة زمنية لاستعادة ما خسرناه او الحفاظ على ما تبقى وهي الفترة المرتبطة بإعادة الإعمار والتي يمكن ان تطول لثلاث او اربعة سنوات وتجري خلالها الانتخابات النيابية القريبة وسيعاد تشكيل النظام السياسي اللبناني بما يشبه النظام السياسي بعد اجتياح عام 1982 والذي يمكن ان يعمل لتشكيل (لجنة إسناد مجتمعي شيعية) كما تم في غزة مع تعديل في القرار ان يكون هناك شراكة بين "الثنائية" و(لجنة الإسناد المجتمعي) خلافا ًلما سيكزن في غزة، حيث قبلت (فتح وحماس)بالإكراه ان تنازلا عن نفوذهما وسلطتهما وتوقّعان على لجنه الإسناد المجتمعي.
هل سنحسن قراءة الأوضاع بموضوعية؛ دون مكابرة او مغالاة بالقدرات والقوة، للتمكن من إفشال المشروع الأميركي؟!
أميركا.. ولجنة الإسناد المجتمعي "الشيعية" _ د. نسيب حطيط
الخميس 05 كانون الأول , 2024 01:49 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة