أقلام الثبات
يحاول التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" إلزام لبنان بوثيقة "استسلام" تُشكّل الخيار الوسط بين "اتفاقية سلام" مستحيلة مع لبنان، والقرار 1701 الذي لا تريده "إسرائيل" إلا بعد تعديلات تغيّر جوهر القرار وحيثياته.. ويعتمد التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" لفرض شروطه على فرضية خاطئة؛ أن المقاومة قد انهزمت بعد الضربات القاسية التي تلقتها باغتيال قيادتها ومجزرة "البايجر" ومجزرة تدمير "الصواريخ".
يتصرّف التحالف الأميركي - "الاسرائيلي" وبعض اللبنانيين المرتبطين به على أساس الحالة المشابهة للأشهر الاولى بعد اجتياح عام 1982 وسقوط العاصمة بيروت بيد العدو والمتعددة الجنسيات سياسياً وعسكرياً، وتسليم الحكم "للكتائب" ونفي المقاومة الفلسطينية وترك الفلسطينيين أيتاماً، مما أدّى إلى ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا!
يظنّ التحالف الأميركي - "الاسرائيلي" وادواته اللبنانية ان المقاومة قد انتهت، وتم القضاء عليها بعد تحييد قدراتها ويمكن إخراجها من الحالة السياسية والمعنوية اللبنانية، ويمكن ارتكاب مجزرة سياسية (انتخاب رئيس جمهورية بدون النواب الشيعة ورئيس المجلس)، واجتماعية، وربما دموية بأهل المقاومة، وإلزام ممثلي المقاومة بتوقيع وثيقة استسلام تحكم لبنان لخمسين عاماً قادمة.
تفاجأ التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" بسرعة استيعاب المقاومة للضربات والهجوم البري والجوي "الاسرائيلي"، واستطاعت التصدي للاجتياح الاميركي السياسي ورفض شروط الاستسلام، والبدء بمفاوضات "التفاصيل" والتي ستؤدي - في حال نجاحها - الى توقيع اتفاق غير مباشر برعاية وضمانة أميركية او "وصاية أميركية" لفترة انتقالية ربما تستمر لعشر سنوات، تشابه الوصاية الأميركية في العراق، على الا يكون القرار 1701 هو الحل، بل "مرجعية" الاتفاق الجديد، الذي لن يكون "اتفاق سلام" ولا اتفاق "استسلام"ولا "القرار 1701" ، وفق التالي:
- تثبيت تنفيذ القرار 1701 بتفاصيله، بشكل جدي، خصوصا المنطقة العازلة الخالية من السلاح والمسلحين بين جنوبي الليطاني والحدود اللبنانية الفلسطينية.
-إضافة لجنة مراقبة من خارج القرار 1701 برئاسة "الوسيط" الأميركي
-ونقل مرجعية الشكاوى من الامم المتحدة الى الجنرال الامريكي؛ رئيس اللجنة، لتكون اميركا هي المرجعية الدولية بديلا عن مجلس الامن .
- تحويل القوات الدولية والجيش اللبناني والقوى الأمنية الى أداة تنفيذية للجنة المراقبة لمعالجة أي خرق لبناني للقرار 1701!
- مطالبة العدو "الاسرائيلي" باسترجاع الاراضي المصادرة في مستعمرة "مسكاف عام"، والتي تم استرجاعها اثناء رسم الخط الازرق، مع استعداد "اسرائيل" لمقايضتها بأراض اخرى بديله، نظراً لأهميتها الاستراتيجية عسكرياً.
- تغيير معالم الخط الازرق، خاصة النقاط التي تحفّظ عليها لبنان عام 2000.
-إن تنفيذ القرار 1701 بتفاصيله وبشكل جدي يعني ضمناً تنفيذ القرارات الدولية التي جاءت في مقدمته ومنها القرار 1559والقرار 1680.
- بعض التفاهمات الجانبية في الداخل اللبناني تتعلّق بانتخاب رئيس الجمهورية وبعض التعيينات واجراءات التمديد.
بعد ستين يوماً من الصمود الأسطوري للمقاومة بمواجهة الإجتياح البري والجوي وارتكاب المجازر وتدمير القرى والمدن، للضغط على المقاومة واجبارها ،لتوقيع وثيقه الاستسلام ،تراجع التحالف الأميركي_الاسرائيلي عن شروطه الأولى وقبل ببعض التعديلات ولا يزال يضغط برّياً، لتأمين انتصار معنوي سواء بالوصول الى الليطاني او إسقاط "بنت جبيل" لتثبيت نصر معنوي للداخل الاسرائيلي وفرض شروط اكثر واقسى على لبنان، بينما تعمل المقاومة، بالمقابل على تعزيز الصمود وإلحاق الخسائر بالجيش الاسرائيلي بالمواجهات البرية وبالجبهة الداخلية الإسرائيلية لتحسين شروط التفاوض مع معرفتها بإمكانية دفع خسائر أكبر على مستوى الشهداء والتدمير المادي.
نعيش اليوم تجربة الأشهر الأولى من اجتياح عام 82 وسقوط العاصمة مع تبدّل الاسماء بين "فيليب حبيب" و "آموس هوكشتاين" وبين المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية ولجنة الانقاذ اللبنانية "ولجنة الثنائية" مع إعتقاد ثابت عند المقاومة وأهلها بالقدرة على النهوض من تحت الانقاض وإستعادة زمام المبادرة وكما تم إسقاط اتفاق 17 ايار سيسقط اي إتفاق جديد لا ترضاه المقاومة وأهلها وكما تم تحرير الجنوب، سيتم ايضا تحرير القرى وإعادة البناء وفق استراتيجية الصمود والتفاوض الشجاع، لإلتقاط الأنفاس وإعادة البناء واذا كانت مفاوضات "فيليب حبيب “أخرجت المقاومة الفلسطينية بالبواخر والشاحنات من لبنان الى "أوسلو" فلن تستطيع مفاوضات "هوكشتاين" إخراج المقاومة من المعادلة اللبنانية والإقليمية.
سينسحب المحتلّون.. وستبقى المقاومة وأهلها في لبنان.
"إسرائيل" تريد استسلاماً".. ولبنان القرار 1701 _ د. نسيب حطيط
الأربعاء 20 تشرين الثاني , 2024 11:20 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة