جرائم الحرب "الإسرائيلية".. وخيارات المقاومة _ د. نسيب حطيط

الإثنين 11 تشرين الثاني , 2024 01:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يشن العدو "الاسرائيلي" حربه الرابعة على لبنان منذ السابع عشر من أيلول بما عُرف بمجزرة "البايجر"، التي اعترف نتنياهو يوم أمس بمسؤوليته عنها، والتي أصابت آلاف الشباب اللبنانيين وأفقدتهم ابصارهم وبَترت أيديهم وجعلتهم من المعوّقين المشوّهين بجريمة حرب لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب، والتي تؤسس للحروب الإلكترونية النائمة الخطيرة، مادامت كل صناعات التكنولوجيا والالكترونيات ليست بأيدي حركات المقاومة ومحورها.
ارتكبت "إسرائيل" جرائم الحرب والإبادة الجماعية في لبنان ضد المدنيين ومطاردة النازحين في لبنان وصولاً الى سوريا، واعتبرت ان كل مدني "شيعي"، مقيماً او نازحاً، لم يرفع صوته او سلاحه بوجه المقاومة فهو هدف عسكري، حتى لو كان طفلاً رضيعاً او عجوزاً مقعداً وبيته ومدرسته وقبور اهله ومستشفاه ومصنعه مواقع عسكرية.
فجّر العدو "الإسرائيلي" أكثر من 10 قرى حدودية يتجاوز عدد المنازل والمنشآت فيها ال 10,000 بيت ومسجد ومحل تجاري، حيث ان أكثر من 60 ألف لبناني لن يكون لهم منازل عندما سيعودون إليها بعد انتهاء الحرب، وربما سيكون العدد أكبر من ذلك مادامت الحرب مستمرة .
ان تفجير القرى وتجريفها مع مقابرها سابقة في الحروب اللبنانية - "الإسرائيلية" منذ عام 1948، ولم يمارسها العدو "الإسرائيلي" حتى مع احتلاله الجنوب أكثر من 20 عاما إلا بتدمير بيوت المقاومين، مما يؤشر إلى ان هذه الحرب ليست كسابقاتها، وتجاوزت كل الاجتياحات من ناحية الخطر والاهداف، (اعتبار كل الشيعة مقاومين مسلحين)، مع تكرار نموذج المفاوضات في غزة، لإلهاء الراي العام عن الابادة الجماعية، والتي ولا زالت تحت الحصار والإعدام البطيء.
السؤال الذي ينتظر اهل المقاومة جواباً عليه، ويدعون الله تعالى ان يكون ايجابياً: هل ستنتهي الحرب؟ ومتى بعد 55 يوما من القتل والقصف والتهجير والتدمير وانعدام أي إسناد ميداني حقيقي ومؤثر ما عدا الإسناد التذكيري الرمزي والمعنوي للأخوة في العراق واليمن، فإن المقاومة تقاتل وحيدة، وتحت الحصار الدولي والعربي والداخلي، ولا زالت تقاتل بشجاعة ومنهج استشهادي، واستطاعت منع 50 ألف جندي "اسرائيلي" من الوصول الى الليطاني او حتى بنت جبيل، التي تبعد 4 كيلو مترات فقط عن الحدود.
وقف النار الذي لا تريده "اسرائيل" وحلفاؤها، وحتى بعض العرب، إلا بشروط قاسية، يمكن وصفه بالاستسلام، مع تلطيف مصطلحاته، لمصادرة كل الانجازات منذ عام 1982، وهدر التضحيات، ومصادرة حتى الأحلام، وتثبيت عودة عصر الهزائم وانتهاء عصر الانتصارات، وضع المقاومة وأهلها ومفاوضيها أمام ثلاثة خيارات:
- الخيار الأول: مواصلة القتال وحيدة دون نصير، مع خسائر بشرية ومادية هائلة والتهديد الوجودي للطائفة. 
- الخيار الثاني: الموافقة على شروط الاستسلام، ومحو انتصارات وإنجازات الماضي وخسارة، وبيع المستقبل وتقييد الأجيال القادمة.
- الخيار الثالث: الصمود في الميدان، لتحسين شروط التفاوض واستيعاب الحرب لالتقاط الانفاس في هدنة طويلة، مع بعض التنازلات الثانوية غير الجوهرية، التي يمكن تعويضها فيما بعد، وذلك لحفظ الوجود وحفظ الأساسيات من إنجازات وانتصارات الماضي وتامين الصمود والبقاء في المستقبل (واستطاعت المقاومة حتى الآن تجميع رصيد مهم في الميدان). 
لابد لأهل المقاومة ان يساعدوا المقاومة ويحتضنوها كما احتضنوها منذ انطلاقتها وولادتها، ولا يُشعروها بمسؤوليتها عن ما تعرّضوا له، ومساعدتها على قبول بعض التنازلات، بل ويناشدوها لحفظ نفسها ومقاوميها الشجعان الذين لم يقصّروا في الميدان بل يقوموا بمقاومة استشهادية عظمى.
الوقت الآن وقت العقل والحكمة وليس وقت الانفعال والعاطفة، وقت الواقعية والموضوعية، وقت حفظ الهوية والمستقبل مادامت المقاومة وأهلها لم يقصروا، وقاتلوا ولا زالوا ببسالة وشجاعة، لكن يجب ان يعودوا الى نهج رسولهم الكريم (صلى الله عليه وآله)، وأئمتهم (عليهم السلام) بعنوان "تعدد الأدوار والمواقف ووحدة الهدف" وهو حفظ الدين، فنحن أنصار الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، وهما إمامان إن قاما او قعدا، وعلى المقاومة واهلها ان يكونوا "حسنيين وحسينيين" وفق الظروف والوقائع، لحفظ الدين وأهله، وربما احتاج حفظ الدين ان نكون ضمن المنهج السجّادي، لو اقتضى الأمر الذي اتّبعه الامام زين العابدين بعد كربلاء، و كما فعل الامام الخميني عندما تجرّع كأس السم والقبول بالقرار الدولي 598 لحفظ الثورة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل