نتنياهو: نغيّر الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط! _ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 01 تشرين الأول , 2024 10:13 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

 أعلن رئيس وزراء العدو؛ بنيامين نتنياهو بوضوح ودون التباس "انها أيام رائعة لكنها صعبة"، معلناً اهداف حربه على لبنان، وهو "تغيير الواقع الاستراتيجي للشرق الأوسط" على مستوى الجغرافيا (الاحتلال والتقسيم والتجزئة للدول)، او على مستوى التحالفات بين دول المنطقة او على مستوى توجيه الصراع وتغييره من صراع عربي - "اسرائيلي"، الى صراع بين بين محور الشر الأسوَد (لبنان سوريا والعراق واليمن وايران) ومحور الخير (إسرائيل والأردن والسعودية ومصر والخليج وبقية عرب التطبيع) وفق توصيفه ووفق خرائطه التي رفعها على منبر الامم المتحدة، ومعلناً ان اغتيال "السيد - الشهيد" سيؤسس لتحالفات جديده وحلفاء جدد!
  يعتقد التحالف الاميركي العالمي ان نقطة الانطلاق لتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الاوسط يبدأ بتغيير الواقع في لبنان، والذي يستوجب القضاء على المقاومة وأهلها (كعقاب جماعي)، الذين استطاعوا تأسيس مشروع المقاومة الشعبية لمواجهة واسقاط المشروع الامريكي، والذي تمت استنساخه في فلسطين والعراق واليمن، واصاب المشروع الأمريكي بثقوب متعددة وصلت الى مستوى ان يستطيع "انصار الله" في اليمن اغلاق باب المندب؛ احد المضائق الأربعة التي تتحكم بالاقتصاد العالمي، واستطاع "الحشد الشعبي" الانتصار على الغزو الاميركي الثاني على العراق؛ "غزوة داعش"، فالغزو الأول  2003 أسقط نظام صدام، والغزو الثاني لإسقاط النظام الوريث وتنصيب نظام مطلق التبعية والولاء لأميركا، لضرب ايران وحصارها من جهة وضرب "المعتقد الشيعي" بهدم "كربلاء المقدسة والنجف الاشرف"، لما يمثلان من شعلة عقائدية تنتج مقاومين حسينيين، وبالتالي لابد من هدم مصدر الطاقة الروحية التي تصنع المجاهدين الذين يواجهون المشروع الاميركي "الاسرائيلي"  ويمكن القول إنهم (الشيعة) الوحيدون في العالم الذين يقاتلون هذا المشروع بعد انهيار الاتحاد السوفياتي قبل 30 عاماً.
أعلن نتنياهو ان محور الشر لا يهدّد "اسرائيل" فقط، إنما يهدّد العالم، وأن "اسرائيل" تقاتل نيابة عنه وعلى العالم أن يقاتل معها، وهذا ما يحصل الآن دون خداع او كذب او تضليل..
 تعتقد اميركا ان تغيير الواقع الاستراتيجي في المنطقة وصولا الى العالم، يتمثل بالقضاء على حركات المقاومة الشعبية، والتي تنتمي في معظمها الى الفكر الديني للمذهب الاسلامي "الشيعي"، الذي يتخذ من النهج الحسيني وكربلاء مدرسة عقائدية وقتالية، ولابد من القضاء عليه على مستويين:
-  المستوى الميداني، والقضاء على قدراته العسكرية والسياسية والاقتصادية.
-  تحريف المعتقد، عبر الاختراق الفكري والفقهي، وابقائه في إطار السطحية والطقوس، خصوصاً لجهة عاشوراء وكربلاء، وتحويلها من مدرسه عقائدية جهادية الى فولكلور "طقسي" يعتمد على المظاهر ولا يمس الجوهر، وبعض الاحيان تغيير هذا الجوهر لعدم حمل السلاح او المقاومة.
لقد أعلنها نتنياهو صراحة: "ان حربنا في لبنان لتغيير الواقع الاستراتيجي للشرق الاوسط وليس ارجاع مستوطنين الشمال، وان هيكل محور المقاومة يمكن اسقاطه وهدمه عندما يتم تدمير قلعة المقاومة في لبنان، وان اعاده مشهد اجتياح عام 82 وتنصيب حكم ونظام سياسي في لبنان تابع للمشروع الاميركي يستوجب القضاء على المقاومة واهلها".
ولذا فان المعركة قاسية، وربما تكون طويلة ومتوحشة، وقد بدأت بالمجازر وتهجير كل الشيعة من بيوتهم، واغتيال قائد المقاومة "السيد - الشهيد" مع اغلب أركانه، لاختصار الحرب واسقاط لبنان والمقاومة بالضربة القاضية.
المعركة صعبة مع قلة المناصرين من العرب والمسلمين، لكن لا يمكننا التراجع او رفع الرايات البيضاء، ولا خيار لنا الا المقاومة والقتال، مع وجوب الحكمة والعقلانية والموضوعية، وعدم الانفعال او العاطفة، والمعركة تستوجب حشد اكثر ما يمكن لمواجهة التحالف الاميركي العالمي، ولا تقتصر على تجهيز القدرات العسكرية  مع أهميتها ومحورّيتها، لكن لابد من تأمين اهلنا المهجرين في سبيل الله، والذين شتّتهم العدو على الجغرافيا اللبنانية؛ من طرقات وبيوت وكنائس ومساجد ومدارس وجامعات، ولأن المعركة طويلة لابد من الالتفات الى هذا الموضوع، وهذه مسؤولية الشيعة في العالم وكل الاحرار، لان الآخرين ستكون خناجرهم في ظهورنا، وينتظرون موتنا وقتلنا، ولن يحضروا تشييع جنائزنا؛ للشماتة والفرح.
الحرب الآن تشابه حرب تأسيس دولة "إسرائيل الصغرى"، والتي غيّرت الواقع الاستراتيجي للمنطقة، والان التغيير الثاني "اسرائيل الكبرى".. لكننا بإذن الله تعالى لن ننهزم، وسننتصر رغم كل الجراح.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل