بعد 42 عاماً.. لماذا اعترفت "إسرائيل" بتفجير مقر حاكمها العسكري في صور؟ ــ د.نسيب حطيط

الخميس 27 حزيران , 2024 02:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
كان من اللافت اعلان العدو "الاسرائيلي"، بعد 42 عاماً، تفجير مقر الحاكم العسكري في صور من أحد المقاومين اللبنانيين، والتخلي عن الرواية التي اعتمدها العدو منذ انفجار لأنه ناتج عن تسرب للغاز، واصدر تحالف القوى العسكرية والأمنية "الإسرائيلية" بـــن الـجـيـش "الإســرائــيــلــي" وجــهــاز الأمـــن الــعــام -الــشــابــاك- والشرطة "الإسرائيلية"،  فـــي بــيــان مــشــتــرك ان "الانفجار المميت الذي استهدف مبنى مقر قيادة الجيش فـــي صـــور بــلــبــنــان عـــام 1982 يــعــد هـجـومـا مسلحًا ولـيـس حـادثـا ناتجًا عـن تـسـرب غـاز".
الذي يثير التساؤل الحذر هو لماذا اعترفت "إسرائيل" (العسكرية) الان؟ ولماذا اعتبرته عدوانا ايرانياً مباشراً؛ بمفعول رجعي على "إسرائيلي"؟
لا يمكن محو تفجير مقر الحاكم العسكري في صور عام 1982 من الذاكرة "الإسرائيلية" او اخفاؤه عن منظومة الوعي "الاسرائيلي"، والتي اغتصبها المقاومون في جنوب لبنان بعد الاجتياح "الاسرائيلي" وافقد "اسرائيل" عذريتها؛ لناحية القوة المطلقة والجيش الذي لا يقهر.
في ذروة الحديث عن اقتراب الحرب اللبنانية - "الإسرائيلية"، وتزايد عدد الموفدين بزيارات مكوكية بين لبنان و"اسرائيل"، فإن إعادة تذكير الجمهور "الاسرائيلي" وفتح ملف مقر الحاكم العسكري في صور لعدة تفسيرات متناقضة بسبب البلبلة والارتباك في الداخل "الإسرائيلي"، وتعدد جهات القرار والرأي، وعدم مركزية القرار، والتمايز بين موقف الجيش والقيادة السياسية، ويمكن قراءة هذا الإعلان "الإسرائيلي" بعدة تفسيرات وفق التالي:
- تذكير الجمهور والجيش "الاسرائيلي" والقيادة السياسية والعسكرية ان المغامرة بالحرب على لبنان عام 2024 تختلف عن المغامرة السهلة في اجتياح عام 1982، والتي انتهت "بنكسة إسرائيلية" تمثّلت بالفرار والانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 دون قيد او شرط، ودون اتفاقية سلام، واستولدت مقاومة لبنانيه بدأت متعددة التنظيمات والايديولوجيات؛ من يسارية وعلمانية واسلامية، وانحصرت الان بالفكر الاسلامي التحرري.
الذي كان أكثر قوة واصالة وثباتاً ومبدئية من منظومات المقاومة التي سبقته ويشكّل الان حجر الزاوية في محور المقاومة، وبالتالي يمكن الاستنتاج ان التذكير بهذا التفجير محاولة لفرملة وكبح جماح من يطرح شعار اجتياح جنوب لبنان .
- ان اتهام ايران، هو لمحاولة نقل المعركة من ميدان حلفاء ايران في غزه وفي لبنان واليمن والعراق الى ميدان القائد لهذا المحور، وهو إيران، والذي يمكن تحشيد تحالف دولي ضد ايران بقيادة امريكا، لاختصار المسافات وتجفيف النبع الاصلي بدل الوقوع في مستنقع حرب الاستنزاف التي بدأت منذ ثمانية اشهر، والتي يقوم بها محور المقاومة ضمن استراتيجية "الصبر الاستراتيجي" الذي يتجنب الوقوع في فخ الحرب الكبرى الحاسمة والمراهنة على عامل الوقت والتهشيم البطيء للكيان "الاسرائيلي" حتى لو استمرت معركة الاستنزاف لسنوات، والتي لا يستطيع العدو "الاسرائيلي" تحملها.
-  تعبئة الجمهور "الاسرائيلي"، خاصة جيل الشباب الذي لم يكن قد ولد بعد في عام 82 للخطر والتهديد الكبير الذي تمثله المقاومة في لبنان، وان اهمال توجيه ضربة او تأجيلها سيكون لصالح المقاومة وضد الكيان "الاسرائيلي"، لأنه سيفسح المجال امام المقاومة لزياده قدراتها وتأكل قوة الردع المعنوي والمادي لدى الكيان "الاسرائيلي"، يضاف الى محاولة العدو "الاسرائيلي" تضخيم الخسائر لجهة النازحين او القتلى او الجرحى او البيوت المصابة او خسائر الاقتصاد "الإسرائيلي"، لإظهار "المظلومية" امام الراي العام العالمي، واظهار العدو "الاسرائيلي" بموقف الدفاع عن النفس حتى في حربه الهجومية وتبرير عدوانه على لبنان.
لكن مهما كانت التفسيرات المتناقضة فان إعلان العدو "الاسرائيلي" يمكن اعتباره بمثابة نقطة ضعف له ونقطة قوة لصالح المقاومة، حيث يعترف العدو بعد اربعة عقود بقدراتها وقوتها ويعترف بان ما زرعه المقاومون في جنوب لبنان لا زال يثمر ويزهر بعد 40 عاماً، ويؤكد ان اول مسمار في نعش الكيان الصهيوني ضربه المقاومون اللبنانيون ثم المسمار الثاني عام 2006 وساندهم المقاومون في غزه، بأنهم زادوا عدد اخشاب التابوت "الإسرائيلي".
مع كل ذلك لابد من الحذر والاحتياطي من الغدر "الاسرائيلي" في لحظة جنون وانكسار وفشل لم يتعرض له منذ تأسيسه، ولا يزال مستمراً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل