رَدْعان.. في السياسة والميدان ــ يونس عودة

الثلاثاء 25 حزيران , 2024 09:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
من المؤكد ان التحذير الصارم للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله, بان "فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الإسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية جزء من الحرب وستتعاطى معها المقاومة على أنها جزء من الحرب" قد اعطى ثماره المرجوة, على ان يبقى الامر مرهونا بمدى صدقية المسؤولين القبارصة, وعدم خضوعهم للتعليمات البريطانية, او غلاة الاتحاد الاوروبي, الذين لا زالوا يصرون على شراكة الكيان الصهيوني في عدوانه, تماما مثل الولايات المتحدة الاميركية.
في الابعاد الواقعية, استنادا الى قدرات المقاومة التي كشفت غيضا من فيض المعلومات، سواء في ما جاء من "غلة "مدهشة حصدها "الهدهد", او في تحديد الاهداف اللاحقة وبينها "الكرياه", لا بد من ان حلف الاعداء يضرب اخماسا بأسداس, لجهة التدمير الممكن في كل بنية الكيان العسكرية, والاقتصادية, بعدما لحق من تدمير في البنية الامنية والهجومية "الاسرائيلية", وبالتالي يمكن استخلاص ان ما حققته المقاومة وافرج عن بعض منه السيد نصرالله, يظهر ان الثلاثي العدواني الرئيسي, اي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا مردوع, كما بقية الملحقين بهم، من غربيين وعرب, وان كانت نوايا هؤلاء اكثر شدة في الترهيب والقتل.
لا شك ان القيادة القبرصية التي سارعت الى لملمة نتائج التحذير, وهي العالمة ان الجزيرة التي  تبعد نحو مئتي كلم, أي أنها تقع كلها تقريبًا ضمن نطاق الصواريخ العملياتية التكتيكية للمقاومة, ستحل فيها خسائر لا يمكن تعويضها, وهي التي تعتمد على السياحة بشكل شبه كلي في اقتصادها, بعدما تحولت الى مركز المجون الاول في حوض البحر المتوسط, ومركزا محوريا لنشاط الموساد، اضافة الى القواعد البريطانية التي تستخدم في اي عدوان, كما استخدمت مع الولايات المتحدة خلال الرد الايراني المعلن على العدوان على القنصلية الايرانية مطلع نيسان الفائت.
لقد عبر دبلوماسيون اوروبيون بصراحة عن جزعهم من جدية اعلان السيد نصرالله الردعي, وقد اعلن هؤلاء ومنهم من يعمل في قبرص, بعد تبجح بعض المسؤولين الاوروبيين, بان اي هجوم على قبرص بمثابة هجوم على اتحادهم شبه المترنح, أي انهم مرعوبون اذا سمحت قبرص باستخدام اراضيها في اي نشاط يساعد "اسرائيل" في اي عدوان محتمل على لبنان, وقال احد مبعوثي الاتحاد الأوروبي العاملين في نيقوسيا، إن "لدى حزب الله تاريخ في التصرف بناءً على تهديداته"، ما يعني بأن المسؤول الأوروبي يأخذ تحذير حزب الله على محمل الجد, والاهم فيما قاله المسؤول الاوروبي أن "حزب الله يعلم أن قبرص لا تملك القدرة العسكرية للرد، ولذلك فهي هدف سهل".
لقد بررت قبرص المناورات المشتركة مع القوات "الاسرائيلية" المتعددة بانها جرت داخل القاعدتين البريطانيين " أكروتيري وديكيليا"، وهما ضمن السيدة البريطانية منذ كانت الجزيرة تخضع كليا للاستعمار البريطاني, رغم ان كل عناوين المناورات تتعلق بالعدوان على لبنان, وقد انتقلت القوة "الاسرائيلية" عبر الاجواء, والمياه القبرصية, كما استخدمت المطارات المدنية في عملية الانتقال والعودة, اذا ارادت قبرص التي اشترك جنودها في المناورات, التملص من دور مساعد "لاسرائيل", فان القلق الحقيقي سيكون مركزه بريطانيا, وقواعدها في قبرص, حيث القت الحكومة القبرصية الكرة.
من غير المشكوك فيه ان النوايا العدوانية "الاسرائيلية" باتجاه توسيع الحرب تتصاعد, بغض النظر عن التلويح اليومي بان القرار اتخذ, وتم توقيع خطة الغزو على مستوى الجيش بانتظار امر العمليات السياسي من رئيس الحكومة, ولهذا توجه وزير الحرب "الإسرائيلي" يوآف غالانت إلى واشنطن لمناقشة حرب غزة والتصعيد على جبهة الشمال مع لبنان مع تكرار غالانت بان "إسرائيل متأهبة لأي عملية عسكرية". لكن يبدو ان الاشارة الاميركية هي الفيصل, وستكون خلاصة ذلك بعد لقاءت  غالانت مع نظيره الاميركي لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وعدد من المسؤولين, وقد اوضح ذلك بقوله إن الاجتماعات مع كبار المسؤولين الحكوميين حاسمة بالنسبة لمستقبل الحرب", سيما ان المطلب "الاسرائيلي" الاساسي يكمن في تأمين الدعم الاميركي اللازم للانتقال الى مرحلة الـ3 من العملية العسكرية في غزة، وكذلك تغطية ما يتطلبه الوضع على الجبهة مع لبنان.
من الواضح ان اميركا ليست ضد الحرب والعدوان من حيث المبدأ والواقع, لكنها في الحقيقة تخشى من نتائج الحرب على "اسرائيل" التي أعلن غالبية قياداتها انهم يخوضون حرب بقاء ووجود, وقد تبلغ "الاسرائيليون" ذلك خلال اجتماعات مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن, سيما أن المقاومة قادرة على تحييد "القبة الحديدية ", وهي عملياً جرى تحييده بنسبة عالية، من خلال تكتيكات, ورمايات محكمة على قواعدها, وذكرت شبكة "سي إن إن" أن المسؤولين في ادارة بايدن يشعرون بقلق بالغ من أن أنظمة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، بما في ذلك القبة الحديدية، ستنهار في حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله. ولم يتردد الاميركيون في الخلاصة بأن نظراءهم "الإسرائيليين" يشاركونهم هذه المخاوف، ويخططون لنقل الأنظمة حول غزة إلى الشمال؛ استعدادًا لهجوم محتمل ضد حزب الله، واعترفوا أن أنظمة القبة الحديدية من المرجح أن يتم التغلب عليها في سيناريو يطلق فيه حزب الله عددًا كبيرًا من الأسلحة الموجهة بدقة.
لكن المسؤولين الأمريكيين لم يخبروا نظراءهم "الإسرائيليين" صراحة أنهم يعارضون شن هجوم ضد، لكنهم حذروا من أن مثل هذا الهجوم قد يؤدي إلى صراع إقليمي أكبر بكثير، خاصة بمشاركة مباشرة من إيران، كما أعربوا عن شكوكهم في نجاح خطة عسكرية "اسرائيلية" خلاصتها هجوم يشبه الحرب الخاطفة، لكن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن شكوكهم في إمكانية احتواء مثل هذا القتال.
لقد أعلن السيد نصر الله "بلا قفازات" أن "محاولة توسيع دائرة المواجهات الشاملة مع قوى المقاومة قد تشكل فرصة لضرب أسس الكيان المحتل، وستكون بشكل لم يعهده أحد، مكرراً أنها ستكون بلا سقوف وبلا ضوابط وبلا قواعد".
بكل بساطة: العبارة الذهبية التي رفعتها المقاومة منذ اليوم الاول, وهي الكلمة للميدان "لا تزال درة التاج المنتصر".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل