أي حلف خبيث تُحيكه واشنطن؟ ـ يونس عودة

الأربعاء 19 حزيران , 2024 09:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في الوقت الذي تشهد حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني مزيدا من الاحباطات الصهيونية – الأميركية, ويقيناً من القيادات العسكرية والسياسية والاقتصادية، سواء في الولايات المتحدة او الكيان الغاصب بان اهداف العدوان مستحيلة التحقق بفعل صمود المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مدعوما بتضحيات محور المقاومة على جبهات متعددة، توقف مراقبون باستهجان غير عادي امام خبر اجتماع رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"، هرتسي هليفي، بقادة جيوش خمس دول عربية في لقاء عقد في البحرين تحت رعاية قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الجنرال إريك كوريلا.
بلا شك انه اجتماع يحمل في طياته الكثير من المعاني السلبية تجاه قضية الشعب الفلسطيني أولا بعد ان عادت الى السطوع بفعل عملية "طوفان الأقصى" والقوى المساندة للطوفان الذي تحول طوفان نار على الكيان الذي شخص غالبية استراتيجييه بانها باتت حرب وجود ونهاية.
الابعد في مشهد, الاجتماع السباعي الخبيث, هو الهدف الاستراتيجي من وراء الاجتماع المكشوف في مراميه وما تحيكه الإدارات الأميركية والبريطانية و"الإسرائيلية"، بعد افشال كل المخططات التي حاكوها للمنطقة، ووفقاً لموقع "اكسيوس" الأميركي، فإن إحدى القضايا الرئيسية التي عملت عليها القيادة المركزية للجيش الأمريكي، والبنتاغون مع جيوش المنطقة في السنوات الأخيرة هي "التعاون في مجال الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي، الذي اتخذ أهمية خاصة على ضوء الرد الإيراني (على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان الماضي)، ومحاولات التصدي، وهو الأمر الذي تم بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن".
وذكر "اكسيوس" أن واشنطن تعتبر أن التصدي للهجوم الإيراني الذي استهدف "إسرائيل" مطلع نيسان الماضي، "إنجاز عظيم لم يكن ليتحقق دون هذه الجهود".
وقال مسؤولون أميركيون إن التعاون مع "إسرائيل" ودول عربية بالمنطقة مكّن من جمع معلومات استخباراتية حول الهجوم وتوفير إنذار مبكر من المسيرات والصواريخ. وأضافوا أن هذا التعاون يشمل أيضًا المشاركة الفعالة للأردن والسعودية في اعتراض الصواريخ والمسيرات التي تطلق من إيران والعراق واليمن باتجاه "إسرائيل"، وتمر عبر مجالهما الجوي.
بالطبع تجاهل مسربو الاجتماع بان ايران أعلنت مسبقا انها سترد وحددت وسائل الرد, وساعة الرد، وحققت الأهداف التي وضعتها وأعلنت عنها جهارا نهاراً, وهي تدرك يقينا ان الولايات المتحدة صنفتها عدواً تاريخياً كما بريطانيا, و"إسرائيل" صنفتها العدو الأكثر والاكبر تحديا, ولذلك تدرك ان الثلاثي الخبيث لن يتوانى عن البحث عن وسائل لمواجهتها بما فيها انشاء احلاف ضدها، كما دأبت واشنطن منذ انتصار الثورة الإسلامية, وصنفت اميركا بالشيطان الأكبر، ورفض إسرائيل كفكرة.
ان الاجتماع عقد لبحث "التعاون الأمني ​​الإقليمي"، بمشاركة قادة جيوش "إسرائيل" والسعودية والبحرين ومصر والإمارات والأردن، وذلك "بعيدا عن الأضواء ودون الإعلان عن اللقاء ​​بسبب الحساسيات السياسية الإقليمية المتعلقة بالحرب" على غزة، وفق تعبير مسؤول أميركي كاف لوحده ان يكون مشينا, وباهداف كريهة.
من دون ادنى شك ان الدول المشاركة في الاجتماع العسكري الأمني، والمقصود الدول العربية، لا قدرة لها على المجاهرة بفعلتها المشينة, كي لا تزداد الفجوة اتساعاً بين الشعوب العربية وحكامهم، سيما ان ابواقاً كثيرة تعمد الى  تبريرات ساذجة لا محل لها من الواقع، ولن يتقبلها الجمهور حتى المغلوب على امره، وهو يشاهد المذابح بحق الفلسطينيين، الذين لا ظهير لهم سوى محور المقاومة، وفي المقدمة ايران.
ليست المرة الأولى التي تحاول الولايات المتحدة فيها تشكيل احلاف عدوانية يندمج فيها العرب، او بعضهم مع "إسرائيل" بمواجهة كل من يواجه المخططات الأميركية الخبيثة، والبريطانية و"الإسرائيلية" المستمرة منذ انشاء الكيان على ارض فلسطين،  لكنها هذه المرة تكتسب وقاحة اكثر , وهمجية عالية, والسبب الأساس بان تلك المخططات  اصطدمت بجدار منيع  هو محور المقاومة، أن اللقاء وفق التقرير  يعتبر "إشارة للتاكيد على أن الحوار العسكري والتعاون بين إسرائيل وتلك  الدول العربية مستمر تحت مظلة القيادة المركزية للجيش الأميركي، على الرغم من الانتقادات الصوتية التي تصدر عن هذه الدول ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة".
طبعا هذا الامر يذكر بمحاولة واشنطن السابقة انشاء حلف "ناتو عربي" مخصص ضد ايران، مستمد من تشكيل حلف الناتو – الأطلسي، ولكن هذا الحلف يمول عربياً، وتقوده اميركا مع دمج الجيش الأكثر فاشية وانعدام أخلاقية فيه، أي جيش العصابات الصهيونية.
ليست المسألة حربا نفسية، وان كانت موجودة في جانب منها, بل هناك توجهات وقرارات ,أميركية – بريطانية – "إسرائيلية" لانشاء احلاف هدفها ضد ايران، وتلك القوى تقدر ان بعض الدول العربية، باتت مطواعة كليا او شيه كلي لمشيئتها، وقادرة على الاستثمار فيها، ولو لحين, سيما وان هناك تحولات عالمية صاخبة سيسقط خلالها الكثيرون، وان سقطت تلك الدول العربية، وتحولت أنظمتها الى اكباش على المذبح الأميركي – البريطاني – "الإسرائيلي", فليس مهماً.
من المفترض ان يعي اهل المنطقة ما يجري في العالم, سيما ان درس ما سمي ب"الربيع العربي" ما زال ماثلا في تدمير اوطانهم ونسيجهم الاجتماعي، وان يدركوا مصالحهم، ومن وقف الى جانب قضاياهم، وفي المقدمة القضية الفلسطينية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل