أقلام الثبات
بكل بساطة والمشهد جلي بلا اغشية، الصراع مع الكيان الصهيوني لن ينتهي بنهاية الجولة الحالية من حرب الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني, فالعنصريون يعلمون ذلك, واباؤهم في الغرب هم اكثر المدركين لذلك, وهؤلاء باتوا اكثر يقينا من اي وقت سبق، ولم يكن طوفان الاقصى الا شهادة حركت العالم, وايقظته من سبات, وليست الانتفاضة الاجتماعية في الغرب التي اطلقها طلاب الجامعات ضد الحرب على الانسانية التي يرعاها الغرب بقيادة الولايات المتحدة الاميركية, الا احد الفصول المهمة في تحدي كل منظومة الاضاليل الغربية "الصهيونية" الفاشية, والخروج من شرنقتها, رغم الايحاءات بان هناك خلاف اميركي - "اسرائيلي" على ما يجري, من دون اسقاط وجود طفيف الاختلاف في كيفية استمرار الحرب مع القيادة "الاسرائيلية" المسيطرة حاليا على القرار، وفي كيفية تنفيذ عملية التمادي الجريمة. بالتوازي مع ترويج بضاعة اميركية فاسدة تتعلق بــ"تعليق" دعم الترسانة "الاسرائيلية" ببعض انواع العتاد الاكثر تدميرا.
ربما هناك من صدّق فعلا, ان ادارة الرئيس جو بايدن جدية في وقف توريد وسائل القتل, اي ابعض الذخائر الاميركية الى القتلة, الا ان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اطاح بالامنيات الموهومة باعلانه أن واشنطن لم توقف بعد تزويد "إسرائيل" بالذخائر الموجهة الدقيقة، لكنها تدرس هذا الاحتمال. وشدد على ان واشنطن لم توقف ولو مؤقتا توريد أي ذخائر أخرى إلى "إسرائيل"، بما في ذلك الذخائر الموجهة الدقيقة، بالإضافة إلى 3500 قنبلة جوية.
وبعبارات اوضح قال السفير الأمريكي لدى تل ابيب؛ جاك ليو، إنه "لم يتغير شيء بشكل جذري في العلاقة الأساسية"، وفي إشارة إلى أن الدعم العسكري الاميركي زاد منذ الحرب على غزة أن كل شيء آخر يستمر في التدفق"، وفقط تم تجميد "مجموعة واحدة فقط من الذخائر.
اما بريطانيا, وهي اصل العلة في انشاء الكيان الصهيوني, فعبّر وزير الخارجية ديفيد كاميرون بلا حياء, بل بفجور، ومن دون التلاعب بالكلمات قائلاً إن بريطانيا في "وضع مختلف تماما"، وقف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل" من شأنه أن يزيد من قوة حركة "حماس".
ليس من قبيل المصادفة ان تطلق هذه التصريحات في الوقت الذي كانت فيه الامم المتحدة حيث مسرحيتان هزليتان مكللتان بالسواد والعنصرية.
اولهما استعانة واشنطن بمستعمرات لها في المحيط الهادئ بعد ان وظفتها كدول غب الطلب في المنظمة الدولية للتصويت ضد مقترح عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة الدولية, لكن 143 دولة وافقت على المقترح, مع توصية لمجلس الأمن وفيه "يقرر أن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة وفقا للمادة 4 من مـيثاق الأمم المتحدة و"ينبغي بالتالي قبولها عضوا" في المنظمة. ويوصي مجلس الأمن بأن يعيد النظر بشكل إيجابي في هذه المسألة.
لم يكن هناك اي رهان على امكانية موافقة الولايات المتحدة على القرار, فهي عارضته بعد ممارسة فيتو على قرار مماثل في مجلس الامن, لكنها هذه المرة لم تستطع حشد معارض للقرار سوى من سبع "دول" بينها دول مجهرية اذا صح القول مثل، ميكرونيزيا، التي تبلغ مساحتها فقط "21 كلم 2" وعدد سكانها لا يتجاوز 18 الف نسمة, اي بما يوازي حيا صغير في اي بلدة من فلسطين, وكذلك، دولة بالاو، وهي اصغر من السابقة, وثالث اصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان وموناكو اذ يبلغ سكانها 10 الاف نسمة ومساحتها 40 كلم 2, وطبعا هذه" الدول "وهي عبارة عن جزر متفرقة في المحيط الهادئ, وكانت حتى وقت قريب تحت السلطة الاميركية المباشرة, وجعلتها دولا لمزيد من الاصوات في المحافل التي تحتاجها واشنطن.
اما المسرحية الاكثر هزالة, وسط صمت الدول المجتمعة, حين مزق مندوب الكيان الصهيوني جلعاد إردان صفحات من مـيثاق الأمم المتحدة. وقال قبل التصويت على مشروع القرار إنه يريد أن يتذكر العالم أجمع هذا "العمل غير الأخلاقي"، مضيفا أن الدول الأعضاء "تمزق ميثاق الأمم المتحدة بأيديها"، وينهي بعبارة "عار عليكم"،
من المفترض بعد تلك الحركة الاستخفافية بالحضور, وبدولهم طبعا, ان تسقط "اسرائيل" من عضوية المنظمة الدولية, ليس فقط لأنها اقدمت بصلافة على تمزيق الميثاق, بل ومزقت انتماءها القانوني للامم المتحدة, وكذلك لعوامل اخرى ايضا داست عليها منذ انشأها:
يقول قرار منح الدولة السارقة والمارقة: "إن الجمعية العامة وقد تسلمت تقرير مجلس الأمن حول طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأمم المتحدة".
إذ تلاحظ أن "إسرائيل" بحسب تقدير مجلس الأمن، دولة محبة للسلام وقادرة على تحمل الالتزامات الواردة في الميثاق وراغبة في ذلك.
إذ تلاحظ أيضًا تصريح دولة إسرائيل أنها تقبل دون تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد بأن تحترمها منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة.
إذ تشير إلى قراريها الصادرين في 29 ت2- 1947، وفي 11 ك1 سنة 1948 وإذ تحيط علماً بالتصريحات والإيضاحات التي صدرت عن ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة السياسية المؤقتة، فيما يتعلق بتطبيق القرارات المذكورة.
فإن الجمعية العامة، عملاً بتأدية وظائفها المنصوص عليها في المادة 4 من الميثاق والقاعدة 125 من قواعد سير العمل.
تقرر أن إسرائيل دولة محبة للسلام راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في ذل.
السؤال, الذي لم يطرحه اي من الاعضاء, ولم يجب عليه العرب تحديدا, وانغمسوا الى مستوى هدر الكرامة والشرف, هل "اسرائيل ", دولة محبة للسلام؟ وهل نفذت الالتزامات الواردة في الميثاق, او قرارات المنظمة التي منحتها الجزء الاكبر من فلسطين بموجب قرار التقسيم 181 قبل 76 عاما؟ وهل نفذت حتى الاتفاقات الثنائية مع دول عربية؟
لم ينفذ الكيان المؤقت اي من القرارات الدولية, الا تحت ضربات المقاومة، ولنا في لبنان مثال لا يمكن لاحد تجاهله , وهو الاندحار من بيروت عام 1982, الى الجنوب في ايار عام 2000 حيث يقترب عيد المقاومة والتحرير في 25 ايار, ولا تزال نار الحرب متوقدة.
من الواضح ان الصراع سوف يكون أكثر حدة في المراحل المقبلة, ليس فقط لان الكيان المؤقت سوف يكون اكثر فاشية فقط, بل لان رعاته في الغرب يجاهرون في صهيونيتهم كالرئيس الاميركي جو بايدن, وانما لأسباب اخرى ايضا تتمثل في استنهاض الفاشية الاستعمارية في الغرب ككل من جهة, وفي حركة الوعي المتصاعدة في العالم, بفعل تعاظم فعل المقاومة وروحيتها, ولهذا ادرك رئيس حكومة العدو بنيامين, كما غالبية قادة الاحتلال, بان حرب وجودية, ما يدفع الكيان للتمادي في المجازر. كما ان الاميركيين باتوا أكثر ادراكا باقتراب نهاية الاحتلال, ليطلقوا افكارا تعكس عنصريتهم ونازيتهم, وتبرير جرائم الغرب ضد الانسانية ,ولا سيما الولايات الاميركية في السياق,
كان السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أكثر وضوحا, بشأن الحرب على غزة من خلال دعوته لقصفها بقنابل نووية مثلما فعلت الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية بقصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالقنابل الذرية ،معتبرا تلك الجريمة غير المسبوقة بانها قرار صحيح
وقال: "هل يمكنني أن أقول هذا؟ لماذا من المقبول أن تقوم أمريكا بإسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغازاكي لإنهاء حرب التهديد الوجودي بينهما؟ لماذا كان من المناسب لنا أن نفعل ذلك؟ لذا، إسرائيل، افعلي كل ما عليك فعله للبقاء على قيد الحياة كدولة يهودية. كل ما عليك القيام به". وأضاف: "أعطوا إسرائيل القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب. لا يمكنهم تحمل الخسارة".
غاب عن بال الاميركي البشع, ان الحرب العالمية الثانية ,كانت بين جهتين استعماريتين, في الصراع على النفوذ والثروات, وليس بين غاز محتل, وبين ابناء الارض, وكان هناك امبراطور لا يريد خسارة العرش, بينما هنا مقاومة تسعى الى تحرير الاوطان ,ووقد حروب الابادة, وليس بقاء عروش, او التربع عليها.
ان اداء محور المقاومة من الميدان الى السياسة الى الثقافة الملهمة, بدأت تحفر في وجدان الاجيال ولا سيما الصاعد, وليس ادل على ذلك, بان
أظهر استطلاع جديد وصفته صحيفة "نيويورك بوست" بالـ"صادم"، لأن غالبية طلاب الجامعات في الغرب عموما, يدعمون الاحتجاجات المناهضة "لإسرائيل" التي تجتاح الجامعات الأمريكية في جميع أنحاء البلاد. حتى ان نسبة 1 من عشرة تؤيد ازالة "اسرائيل" من الوجود.
الصراع متنامٍ.. والمشهد يتكلم ــ يونس عودة
الأربعاء 15 أيار , 2024 09:29 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة