أقلام الثبات
تصعيد "اسرائيلي" غير مسبوق ضدّ حزب الله في الايام الأخيرة، بدأ بالتزامن مع زيارة ولقاءات وزير الحرب "الإسرائيلي" يؤاف غالنت في واشنطن على وقع مناورة فجائية للجيش "الاسرائيلي" في الجبهة الشمالية اوّل امس الخميس " لفحص مدى الجهوزيّة لحرب شاملة مع الحزب، وسط تلويح "بالإستعداد لدخول لبنان بعد الإنتهاء من عمليّة رفح"-وفق ما افادت هيئة البثّ الإسرائيلية".. هذا بعدما نقلت صحيفة "معاريف" العبريّة عن مسؤولة اسرائيلية ترجيحها "ان تبدأ "اسرائيل" حربا شاملة ضدّ حزب الله خلال الشهرَين المقبلَين".
وفيما ذكرت وسائل اعلام عبريّة وصول ضباط اميركيين الى تل ابيب لوضع وتنسيق الخطط العسكرية حيال معركة رفح، جاء خبر حزمة المساعدات العسكرية الاميركية الجديدة لإسرائيل ليًكذّب الزعم العلني الأميركي بوجود خلافات بين الجانبّين ازاء عملية اجتياح رفح بحجّة"مراعاة الجانب الإنساني"، لتكشف صحيفة "واشنطن بوست" امس الجمعة، انّ ادارة بايدن سمحت خلال الايام الأخيرة بتزويد "اسرائيل" بقنابل وطائرات بمليارات الدولارات، بينها 25 طائرة اف 35 A، واكثر من 1800 قنبلة" ام-كيه 84 بزنة 2000 رطل!..
لماذا قرّرت واشنطن شحنتها العسكرية هذه الى "اسرائيل" في هذا التوقيت؟ اي في الوقت الذي يُفترّض بها ان تمنعها الان تحديدا عنها طالما انها تزعم معارضتها لعملية اجتياح رفح منعا لحصول مجازر اضافية محتّمة في صفوف اكثر من مليون و400 الف نازح باتوا مكدّسين في رفح؟ لمن الرسالة التي آثرت واشنطن تمريرها الان خلف شحنات الاسلحة هذه؟.. على الارجح، هي رسالة الى حزب الله وحركة "انصار الله" اليمنية..
اما وانّ "اسرائيل" تخطّت بشكل كبير الخطوط الحمر مع حزب الله، وخرجت بعيدا عن حدود قواعد الاشتباك لتطال ريف حلب بضربات غير مسبوقة، يصبح السؤال المشروع" هل فعلا تعارض الولايات المتحدة حربا "اسرائيلية" على لبنان؟ وهي التي تدرك انّ هذه الحرب ستتوسّع حكما صوب مواجهة اقليمية؟ اي حرب اقليمية لن توفّر اغلاق المضائق، وقطع امدادات نفط الخليج عن الأسواق الخارجية.. وأحد اكبر اهداف الولايات المتحدة، هو حرمان الصين من الموارد خصوصا نفط الخليج!.
يشدّد المفكّر الروسي الكسندر نازاروف، على انّ الولايات المتحدة لا تعارض -كما تدّعي، حربا اقليمية في منطقة الشرق الاوسط قد تنجم عن توسّع الحرب بين "اسرائيل" وحزب الله، بل هي لا تريد التورّط العسكري المباشر في هذه الحرب التي تسعى "اسرائيل" لجرّها اليها. ويضيف نازاروف" انّ الحرب الاقليمية في الشرق الاوسط لا تضرّ الولايات المتحدة بقدر ما تفيدها، فهي ستصبح حينئذ اكبر مورّد ان لم يكن المرّد الوحيد للنفط والغاز الى اوروبا، وتُحرَم الصين من موارد الطاقة بشكل موثوق.
وإذ يعتبر انّ القَيد الوحيد هنا انّ مثل هذه الحرب ستشكّل صدمة للإقتصاد العالمي -وضمنا الولايات المتحدة نفسها، يوضح نازاروف " انّه اذا كان الاقتصاد مقذّر له ان ينهار على ايّ حال، فإنّ القيام بذلك بطريقة متعمّدة وتحت السيطرة، سيكون الخيار الأفضل لها، أضف الى انّ مصلحة ادارة بايدن هي في إحداث صدمة في الولايات المتحدة اذا فقد الديموقراطيّون الأمل بالبقاء في السلطة في الانتخابات المرتقبة هذا العام-" وهذا هو الارجح".. ويختم نازاروف بتوقُّع "ان نرى حربا اقليمية في الشرق الاوسط هذا العام او اوائل العام المقبل"!
ثمّة من المحلّلين والخبراء العسكريين من يرجّح انزلاق الامور نحو حرب شاملة مع لبنان بناء على التصعيد "الإسرائيلي" الخطير ضدّ حزب الله، والشكوك حيال استمرار الحزب بالحفاظ على صبره الاستراتيجي منعا لهذه الحرب..لكن، بالمقارنة بين تعاطي الجيش "الاسرائيلي" الذي وضع كامل قوّته وقدراته الاستخبارية -بمعية الاميركية في المواجهة الدائرة مع حزب الله التي يخوضها -رغم مرور 6 اشهر على اندلاعها، بجزء من قدراته ونجاحه بجعلها حرب استنزاف. فهو حتى الان لم يستخدم بعد صواريخه الدقيقة وأنفاقه وبناه التحتيّة الهائلة، واستطاع تهجير حوالي 100 الف مستوطن من المستوطنات الحدودية وجعلها مشلولة تماما..
"هذا عدا اعداد القتلى في صفوف قوات الجيش "الاسرائيلي"التي يتكتّم حولها بشدّة بفعل ضربات حزب الله على المواقع والثكنات العسكرية"- وفق اشارة الضابط السابق في "المارينز" سكوت ريتر، والذي اكّد-استنادا الى شهادات ضباط اميركيين كبار، مقتل عدد كبير من الضباط والجنود "الاسرائيليين" منذ بداية المواجهات مع حزب الله.
الا انّ اللافت هو تأكيد ريتر انّ "اسرائيل" ستكون بمواجهة "زلزال" حقيقي ودمار غير مسبوق في حال بدأت الحرب الشاملة مع حزب الله، والذي سيفتح حينها ترسانته الصاروخية التي لم يقربها حتى الان، وحتى عندما ستبادر "اسرائيل" الى استعراض مقاتلاتها الحربية لبدء القصف على لبنان، فإنّ هذه المقاتلات لن تستطيع العودة الى المطارات العسكرية التي انطلقت منها لأنها ستكون دُمّرت بالكامل.. "هذا تزامنا مع بدء تدمير منصّات النفط والغاز جميعها على امتداد اسرائيل"-وفق اشارته..
تُجمع تقارير عن مصادر مقرّبة من محور المقاومة، على مرحلة مرتقبة حافلة بالمفاجآت الميدانية والضربات "الأمنيّة"الهامة بعد الاجتماع النادر و"الاسثنائي" بين حركتَي حماس وانصار الله اليمنيّة-اضافة الى قادة في المحور، خصوصا اذا قرر الجيش "الاسرائيلي" اجتياح رفح.. امّا ما جهزته الحركة اليمنية "لمن يعنيهم الامر"، فقد يكون خارج توقعاتهم..وهو ما لم يُخفه زعيم الحركة السيّد عبد الملك الحوثي في خطابه الاخير.
فالجبهة اليمنيّة لم تعد جبهة مساندة بل في صلب المواجهة، واداء اليمنيين في استهداف السفن الاميركية والبريطانية في البحر الاحمر، استحوذت على متابعة واهتمام كبريات الصحف الغربية العالمية.." الدولة العظمى في العالم وأجهزة استخباراتها تعجز عن معرفة القدرات التي يمتلكها الحوثيون"- حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشل تايمز"، قبل ان تعقّب هيئة الاذاعة البريطانية BBC بدورها بالقول" إنّ حاملة الطائرات التابعة للبحريّة الاميركية تواجه معركة لا هوادة فيها ضدّ الهجمات اليمنية، واليمنيّون اطلقوا صاروخا باليستيّا يتحرّك بسرعة تزيد عن ثلاثة اضعاف سرعة الصوت خلال وجود مراسلنا على متن حاملة الطائرات في البحر الاحمر"..
ولربما حريُّ التوقف عند توقُّع مديرة معهد "روسترات" للإستراتيجيات السياسية والاقتصاديّة الدولية إيلينا بانينا، ب"انّ مقاطع فيديو ستطير قريبا حول العالم، وهذه المرّة ستُظهر مشاهد غرق السفن الحربية التابعة للبحرية الاميركية والبريطانية".
الا انّ اللافت يكمن بترجيح 3 مصادر روسيّة، ان تحمل المرحلة القريبة حدثّين عسكريّيَن كبيرّين في اوكرانيا وسورية على السواء، وتوقُّع ضربات "امنيّة" غير مسبوقة في المرمى "الاسرائيلي" قد تتجاوز الحدود المعروفة -وفق تلميح المصادر.