الثبات ـ إسلاميات
الحديث عن ذكرى ميلاد صاحب الذكر الرحيم وقرة الأعيان وملجأ الشفعاء ومن أضاء الغيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يغاير كل الأحاديث، فلا يوجد مسلم على وجه الأرض لا يفرح بمولد خير البرية، الذى كان مولده مشهودا وبعثه الله رحمة للعالمين، وأرسله للناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فذكرى مولد المصطفى مجمع الأفراح وملتقى الأحباب وذهاب الأحزان.
لقد كان ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة، وكان له تأثير عظيم فى مسيرة البشرية وحياة البشر طوال أربعة عشر قرنا من الزمان وسيظل يشرق بنوره على الكون ويرشد بهداه الحائرين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لذا فإن إعلان الفرح بشهر ميلاد الحبيب، من أفاض الكون بنوره وهديت القلوب بعلمه وطهرت القلوب برسالته، واجب وضرورة، وفرصة لابد من اغتنامها، وأن نهتدى بهدى النبى صلى الله عليه وسلم، وأن نتذكر الرسالة السامية التي بعث بها نبى الرحمة لتعيش بها البشرية في أمن وسلام ورحمة وقيم.
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مناسبة لكثرة الصلاة عليه، وللتعبير عن الفرح به صلى الله عليه وسلم، فقد قال الحافظ السيوطي رضي الله عنه في كتاب الوسائل في شرح الشمائل: "ما من بيت أو محل أو مسجد قرأ فيه مولد النبى صلى الله عليه وسلم إلا حفت الملائكة أهل ذلك البيت أو المحل أو المسجد وصلت على أهل ذلك المكان وعمهم الله بالرحمة والرضوان، واما المطوَّقون بالنور وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل والصافون والحافون والكروبيون أي المسرعون في طاعة الله تعالى فإنهم يصلون على من كان سببا في قراءته".
أرى أنه بحلول شهر ربيع الأول من كل عام، يتجدد الحديث حول حكم الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ويخرج علينا البعض لإصدار فتاويهم ومنشوراتهم التي تملأ منصات التواصل الاجتماعى وتندد بالاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف ويعتقدون أن الاحتفال بذكرى مولد سيد البشرية "بدعة"، لكنهم لا يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحتفل بيوم مولده، ففي يوم سأله أحد الصحابة لماذا يصوم يوم الاثنين، فقال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم إنه يحتفى بهذا اليوم قائلا: "لأنه يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه ويوم أموت فيه"، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفل بيوم مولده فلماذا لا نحتفل نحن به؟، وخرجت دار الإفتاء المصرية لتؤكد جواز الاحتفال بالمولد النبوى وقالت إنه ورد في السنن دليل على جواز احتفال الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ وأنه لو كان ذلك بدعة ضلالةٍ ما أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه أن جارية أتت النبي فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ صلى الله عليه وآله وسلم بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» أخرجه الترمذي.
خلاصة القول.. الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر القرآن من قوله تعالى "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا"، فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم الرحمة، ففى مولده فرحت الأرض و تزينت السماء، وعلينا أن نهلل فرحا بذكرى ميلاد شفيعنا، فالاحتفال بالمولد النبوى الشريف لا يحتاج لأحاديث صحيحة بل يحتاج لقلوب صحيحة، فالتعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان، فقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ" متفق عليه.
محمد السيد ـ اليوم السابع