الثبات ـ إسلاميات
مَنّ الله تعالى على عباده في شهر رمضان المبارك بكثيرٍ من النِّعَم والعطايا؛ ولا شكّ بأنّ تلك النِّعم تُشكّل حافزاً للمسلم يحثُّه على بذل المزيد من الجهد في الطاعة، والعمل؛ ابتغاء مرضاة الله سبحانه؛ ففي شهر رمضان تتجلّى معاني الرحمة الإلهيّة، والمغفرة للذنوب والخطايا، والعِتق من النيران، ودخول الجِنان، وقد ضاعف الله أجور الصائمين؛ إذ إنّ عبادة الصيام لا يَطّلع عليها أحدٌ إلّا الله، ومن النِّعم التي تتحقّق للعباد في شهر رمضان أيضاً مغفرة ذنوب الصائمين من رمضان إلى رمضان الذي يليه، كما أنّ الصِّيام من العبادات التي تشفع للعباد يوم القيامة، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ:أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ).[١][٢]
وتتجلّى مظاهر رحمة الله سبحانه بعباده بالعديد من المظاهر، بيان وتفصيل البعض منها فيما يأتي:
تيسير أداء العبادات؛ فمن بركات شهر رمضان، ومظاهر رحمة الخَلْق فيه إقبالُ المسلمين على أداء العبادات، والطاعات؛ من فرائض، ونوافل، فتُقبل النفوس على العبادة بمَحبّةٍ ورغبةٍ من غير قيادةٍ، كأنّها تُساق إلى ما يُحقّق لها رضا الله سبحانه؛ فتمتلئ المساجد بالطائعين القائمين المستغفرين، وفي المقابل تَحجِم النفوس العاصية عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، وترجع إلى ربّها طائعةً، دون عنادٍ، أو تفريطٍ.[٣]
فتح أبواب الجِنان، وغَلق أبواب النيران، وتصفيد الشياطين؛ فمن مظاهر رحمة الله بالخَلْق في شهر رمضان إعانتهم على أداء العبادات والطاعات؛ بفَتْح أبواب الجنّة، وغَلق أبواب النيران، كما تُسلسَل الشياطين وتُقيَّد، وفي ذلك عونٌ للمسلم على الصيام وفضائل الأعمال، وتصفيد الشياطين يكون بتقييد حركتها، وبالتالي تُكبَح جماح الشهوات، ويُفسَّر ارتكاب الذنوب في شهر رمضان تزامُناً مع تصفيد الشياطين بعدّة تأويلاتٍ؛ فقد قِيل إنّ التصفيد لا يكون إلّا للعتاة من الشياطين دون غيرهم، بالإضافة إلى عدم حصر مصدر الذنوب في الشياطين؛ فتُضاف إليهم النفوس الأمّارة بالسوء، والرغبة في اتّباع الهوى، وغيرها من الأسباب الباعثة على ارتكاب ما لا يُرضي الله، وربّما يُراد بتصفيد الشياطين عدم ارتكاب الذنوب في رمضان التي تُرتكب غالباً في غيره من الشهور؛ لفضل رمضان، وحُرمة وقته.[٤]
فتح باب التوبة للعباد؛ ففي شهر رمضان يتقرّب العباد من ربّهم، ويتوبون إليه من ذنوبهم؛ لنَيل المغفرة والعفو، فرمضان شهر التوبة والإنابة؛ إذ إنّ الله -سبحانه- يجود على عباده، ويصفح عنهم، ويعتق عدداً منهم من النار في كلّ ليلةٍ من ليالي الشهر.[٥]
مضاعفة أُجور الصائمين؛ فالأُجور المُترتّبة على الأعمال والطاعات في شهر رمضان مختلفة عمّا سواه من الشهور؛ فأجر الصائم يُؤدّى بلا حسابٍ، فينال المسلم في رمضان مضاعفة الأعمال والعبادات، ومضاعفة الأُجور المُترتّبة عليها.[٦]