الهجرة النبوية الشريفة: أهم أسبابها، وتفاصيلها، ونتائجها

الجمعة 27 حزيران , 2025 10:06 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات- إسلاميات 

 تُعدُّ الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة من أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، وهي ليست مجرد انتقال مكاني، بل مرحلة فاصلة في مسيرة الدعوة، وولادة أول مجتمع إسلامي متكامل جاءت الهجرة نتيجة معاناة طويلة، وسُبل تخطيط دقيقة، وتركت آثارًا عظيمة لا تزال تُؤثّر في المسلمين حتى اليوم

  أولاً: الأسباب التي دفعت إلى الهجرة:  مرت الدعوة الإسلامية في مكة بثلاث مراحل: دعوة سرية، ثم جهرية، ثم صراع علني مع قريش ومع مرور السنوات، تزايد أذى قريش للنبي ﷺ وأصحابه، وشملت الأسباب الرئيسية للهجرة: 

1. شدة الاضطهاد: تعرض المسلمون لأنواع الأذى النفسي والجسدي، من السخرية، والطرد، والتعذيب، وحتى القتل أحيانًا، مثل ما حدث لآل ياسر 

2. حصار شعب أبي طالب: حوصرت قبيلة بني هاشم ثلاث سنوات اقتصاديًا واجتماعيًا، مما أدى إلى مجاعة ومعاناة شديدة 

3. فشل محاولات قريش لاحتواء الدعوة: حاولوا مساومة النبي ﷺ بالجاه والمال والسلطة مقابل التخلي عن الدعوة، لكنه ثبت على رسالته

4. بحث النبي ﷺ عن موطن آمن: بعد رفض أهل الطائف، وجد النبي ﷺ فرصة جديدة حين التقى وفود يثرب (المدينة) الذين أسلموا في بيعة العقبة الأولى والثانية، وعرضوا عليه النصرة 

5. الإذن الإلهي بالهجرة: بعد أن أصبح المسلمون في خطر داهم، أذن الله لرسوله ﷺ بالهجرة إلى المدينة، ليبدأ فيها بناء الدولة الإسلامية 

ثانيًا: تفاصيل الرحلة في طريق الهجرة 

1. مؤامرة قريش لقتل النبي ﷺ: أجمع زعماء قريش على قتل النبي ﷺ ليتخلصوا من دعوته، فتآمروا ليضربه شباب من كل القبائل ضربة رجل واحد. فأخبره جبريل عليه السلام بما دبروا

2. الخروج من مكة ليلاً:  أمر النبي ﷺ علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه، وتسلل ﷺ إلى بيت أبي بكر الصديق، وخرجا معًا خفية  انطلقا جنوبًا إلى غار ثور، خلاف الاتجاه المعتاد نحو المدينة، للتخفي عن أعين قريش

3. الاختباء في غار ثور:  مكثا في الغار ثلاثة أيام، وكانت أسماء بنت أبي بكر تحمل لهما الطعام، وعبد الله بن أبي بكر يوافيهما بأخبار قريش. حتى أن المشركين وقفوا على باب الغار، لكن الله صرفهم، وقال النبي ﷺ لأبي بكر: {ما ظنك باثنين الله ثالثهما} 

4. استئناف الرحلة:  استأجرا دليلاً مشركًا أمينًا اسمه عبد الله بن أريقط، وسلكوا طريق الساحل، وهو غير مألوف وكان أبو بكر يصحب النبي ﷺ، ويخدمه، ويؤنسه 

5. مواقف في الطريق:  سراقة بن مالك لاحقهم طمعًا في الجائزة، لكن الله أوقف فرسه مرارًا، فطلب الأمان، وأخبره النبي ﷺ أنه سيلبس سِواري كسرى يومًا، وقد تحقق ذلك في عهد عمر  مرّ النبي ﷺ في طريقه بخيمات، وبيوت، وكان يُكرَم فيها، ويحدّث الناس عن الإسلام

  ثالثًا: أحداث ما بعد الهجرة إلى المدينة 

1. دخول المدينة واستقبال الأنصار: دخل النبي ﷺ المدينة يوم الاثنين، 12 ربيع الأول، فخرج الناس كبارًا وصغارًا لاستقباله، وكانوا يهتفون: طلع البدر علينا....من ثنيات الوداع...  نزل النبي ﷺ في قباء أولاً، وبنى مسجد قباء، ثم دخل المدينة، واستُضيف في بيت أبي أيوب الأنصاري 

2. بناء المسجد النبوي:  أول عمل جماعي قام به النبي ﷺ هو بناء المسجد النبوي، ليكون مركزًا للعبادة، والتعليم، والإدارة، والاجتماع 

3. المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:  آخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار، فكانوا كالإخوة في المال والمسكن، مما عزز اللحمة الاجتماعية، ووضع أساس التكافل الإسلامي 

4. وضع وثيقة المدينة:  كتب النبي ﷺ وثيقة المدينة، وهي أول دستور مدني في الإسلام، حدد فيها حقوق وواجبات المسلمين واليهود وسكان المدينة، ونظم العلاقات بينهم، وضمن حرية الدين والأمن العام 

رابعًا: آثار ونتائج الهجرة 

1. بداية قيام الدولة الإسلامية: أصبح للمسلمين كيان سياسي مستقل، يُطبق فيه الإسلام عمليًا

2. تغير منهج الدعوة: من الصبر إلى الإعداد، ومن التبليغ الفردي إلى التنظيم الجماعي

3. بداية التقويم الهجري: جعل عمر بن الخطاب الهجرة بداية للتقويم الإسلامي، لما تمثله من تحول كبير

4. نصرٌ بعد صبر: أثمرت سنوات الاضطهاد نصر وتمكين للمسلمين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل