الثبات - إسلاميات
مصائب الأمة المحمدية تكثر، فقر وضياع ووباء وقحط، وبركة مفقودة في المال والوقت والأبناء، وهذا كله لأجل تركنا لصلاتنا في المساجد، وأهمها صلاة الفجر، تلك الفريضة التي لا يسارع إليها إلا القليل القليل، والباقي إما نيام أو أنهم يفضلون الصلاة في البيت على المسجد. لقد حث الشرع الحنيف على الصلاة، وشدد عليها في المسجد، وقد جاء في الأثر عن مكانة صلاة الفجر حاضراً في المسجد، ومنها:
أولها: البشارة العظيمة التي بشرنا إياها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بشرط الاجتهاد والاستيقاظ إلى صلاة الفجر، بقوله: (بَشِّر المشَّائينَ في الظُّلَم إلى المساجدِ بالنُّورِ التّام يومَ القيامة).
ثانيها: الأجر الكبير الذي يناله الساعي لصلاتي العشاء والفجر في جماعة، بقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلَّى العشاءَ والفجرَ في جماعةٍ كانَ كقيامِ ليلةٍ).
ثالثها: إقبال الله سبحانه وتعالى إليك، وكم نحن بحاجة اليوم إلى كسب رضا الله سبحانه وتعالى وإقباله إلينا، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن خرجَ من بيتِه متطَهرًا إلى صلاةٍ مَكتوبةٍ فأجرُه كأجرِ الحاجِّ المحرمِ، ومَن خرجَ إلى تسبيحِ الضُّحى لا ينصبُه إلَّا إيَّاهُ فأجرُه كأجرِ المعتمرِ وصلاةٌ علَى أثرِ صلاةٍ لا لغوَ بينَهما كتابٌ في علِّيِّينَ).
رابعها: حفظ الله -عزّ وجل- لك، وضمانته على ما تملك، صل الفجر في جماعة وأنت في حفظ الله سبحانه وتعالى وضمانته، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاثةٌ في ضمانِ اللهِ عزَّ و جلَّ: رجلٌ خرج إلى مسجدٍ من مساجدِ اللهِ عزَّ و جلَّ، و رجلٌ خرج غازيًا في سبيلِ اللهِ تعالى، و رجلٌ خرج حاجًّا).
خامسها: كلنا يحلم بمرافقة أو مواكبة تؤمن لك الطريق وتزيل عنه العثرات، فما بالك بملائكة يرافقونك وأنت ذاهب لأداء صلاة الفجر في المسجد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن خارجٍ يَخرُجُ -يَعني مِن بَيتِه- إلَّا بِبابِه رايتانِ: رايةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، ورايةٌ بِيَدِ شيطانٍ، فإنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبُّ اللهَ عزَّ وجَلَّ؛ اتَّبَعَه المَلَكُ بِرايتِه، فلم يَزلْ تحتَ رايةِ المَلَكِ حتى يَرجِعَ إلى بيتِه، وإنْ خَرجَ لِمَا يُسخِطُ اللهَ؛ اتَّبَعَه الشيطانُ برايتِه، فلم يَزلْ تحتَ رايةِ الشيطانِ، حتى يَرجِعَ إلى بيتِه).
سادسها: عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء، تمشي إلى المسجد ولك في كل خطوة تخطوها عشر حسنات كاملات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تطَّهَّرَ الرَّجلُ ثمَّ أتى المسجِدَ يَرعى الصَّلاةَ، كتَب لهُ كاتِباه أو كاتبُهُ بكلِّ خُطوةٍ يَخطوها إلى المسجِدِ عشْرَ حسَناتٍ).
سابعها: تحسين الوضوء عند الفجر، بحيث تتوضأ بشكل جيد، ثم تخرج من بيتك قاصداً بيته للصلاة فيه، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن توضَّأَ فأسبَغَ الوضوءَ، ثمَّ مشَى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فصلَّاها، غُفِر له ذنبُه).
أحاديث كثيرة تحث على صلاة الفجر حاضراً في وقتها، وأحاديث أخرى تبين ثواب الصلاة في المسجد جماعة؛ لهذا حرص سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه على أداء صلاة الفجر جماعة في مسجد كلية الدعوة الجامعية، يأتي كل يوم جامعاً إيانا صباحاً، يسأل: من صلى الصبح في المسجد؟ ومن صلاه في السكن الداخلي للكلية؟ فارضاً أشد العقوبات على طلاب العلم، قائلاً لنا: "ليس من المعقول أن يأتي مصل من خارج المسجد ليأدي صلاة الفجر جماعة مع المصلين، وأنتم طلاب علم تصلون في غرفكم لا في المسجد".
كان رضوان الله عليه حازماً في موضوع صلاة الفجر جماعة، لدرجة أنه يركب السيارة قبل الفجر بنصف من وسط بيروت، ويأتي إلى الكلية ليرى من جاء المسجد للصلاة من قبل الطلاب ومن بقي نائم، علماً أن الشيخ عبد الناصر جبري رضوان الله عليه كان يضع في بداية كل عام موظفاً يوقظ الطلاب على الصلاة.