السياسة الأميركية .. دخول الذئاب وخروج الأرانب ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 06 تشرين الأول , 2021 10:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا يكفي تقييم مغادرة الجيش الأميركي بلداً ما، عبر النظر فقط الى إيجابية الرحيل، منذ نكبة ذلك الجيش في فيتنام لغاية انسحابه من أفغانسان، مروراً بكل أرضٍ وطئها الأميركيون كما الذئاب وهربوا منها كما الأرانب، سيما عندما يُعلِن الديبلوماسيون ومن أمام البيت الأبيض صراحةً، أن التواجد العسكري تحكمه أولويات المصلحة الأميركية، وتنسحب القوات الأميركية من منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا على سبيل المثال، لأن المواجهة المقبلة هي في بحر الصين، بما يعني، أن صناعة الحروب بالمنظور الأميركي لا تلحظ تداعيات ما تمّ ارتكابه بحق الشعوب التي احتلَّتها واستعبدتها، سواء تلك  التي راهن بعضها على أميركا أو قاومها البعض الآخر.

ونفهم أن أميركا غادرت أفغانستان بصفر نتائج بعد عشرين عاماً من الإحتلال، الذي قُدِّرت كلفته بأكثر من 2 تريليون دولار، والجيش الأفغاني الذي جهَّزته ودرَّبته أميركا لم يصمد لساعات أمام زحف طالبان، لا بل تبخَّر عديداً وعتاداً، بين من هربوا وبين من التحقوا بالتنظيم، والمُتابع لتداعيات الإنسحاب الأميركي من أفغانستان على المستوى المعيشي المسحوق، يستطيع التفريق في النتائج قياساً لإنسحابها من العراق أو سورية حيث التداعيات محدودة نوعاً ما.

وأن تكون أميركا ذئباً هنا وأرنباً هناك، فهذا يرتبط دائماً بحجم الرفض لوجودها والقُدرة على مقاومتها، وتمارس تحت سقفٍ إقليمي واحد سياسة الذئب والأرنب معاً، وها هي تُبقي أنيابها على لبنان وتتنازل في سورية، وتعطي الضوء الأخضر الأميركي لإعادة تطبيع العلاقات العربية معها، وتختار من قانون قيصر ما يُلزمها بكسر حصار حرب الجيل الرابع على لبنان منعاً للمجاعة الكبرى، نعم المجاعة الكبرى التي أنتجها ظلم "قيصر" على لبنان قبل سورية، ولم تتحرَّك أميركا لكسره سوى عندما أطلقت الباخرة الإيرانية الأولى صفَّارة الإنطلاق لتزويد لبنان بشحنة مازوت، وفي غضون ساعات قليلة كانت السفيرة دوروثي شيا تستحضر موافقة إدارتها على تزويد لبنان بالغاز المصري والكهرباء الأردنية.

أن نُجري مقارنة بين إجبار أميركا على سحب قواتها من أفغانستان وبين تخفيف حربها الإقتصادية جزئياً على لبنان، فلأن القاسم المشترك موجود.دخلت الى افغانستان بعد أحداث 11 أيلول التي هزَّت هيبة أمنها، بهدف القضاء على الإرهاب وعلى طالبان، وحاصرت لبنان إقتصادياً لتجويعه كما فعلت في فنزويلا، بهدف تطويع المقاومة ومنع عهد الرئيس ميشال عون من الحُكم، لكنها غادرت أفغانستان مطرودة من طالبان، وها هي تتراجع عن الحرب الكونية غير المُجدية على سورية ومعها لبنان، وعودة العلاقات الطبيعية بين الأردن وسورية هي أقوى ضوء أخضر أعطته أميركا في تاريخها المعاصر إعترافاً بالهزيمة، بما يعني أن سحب أميركا يدها من العبث بأمن المنطقة نتيجة الصمود السوري/ الإيراني ومحور المقاومة لا يقلّ أهمية عن انسحاب الأرانب الذي نفذته في أفغانستان...
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل