المسلم أخو المسلم ... سلسلة خطب الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه

الثلاثاء 14 أيلول , 2021 06:46 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102. أما بعد عباد الله:

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} سورة الحجرات-الآية13، الحمدلله على نعمة الإسلام وتوفيق الإيمان، والحمدلله الذي جعل بين الأخوة رابطاً قوياً و أواصر شديدة ومحبة متينة، بناء لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، منطلقها القرآن الكريم بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} سورة الحجرات-الآية10، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).

لقد أكرمني الله سبحانه وتعالى في زيارة جاكرتا وهي مدينة في أندونيسيا، وصليت الجمعة في أحد المساجد الكبيرة في تلك المدينة، فكان عنوان الخطبة (فلسطين وحق أهلها بها)، لأجد بأن المسلمين الأندونيسيين يتألمون لألم الشعب الفلسطيني المظلوم، داعياً الحكومة الأندونيسية في المطالبة بعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم واستقلالهم من العدوان الصهيوني، ليردوا شيئاً من فضل الفلسطينيين عندما دعا المفتي الفلسطيني أمين الحسيني مطالباً باستقلال أندونيسيا من المستعمر الهولندي، ناسجين بذلك وحدة الأمة الإسلامية ووقوفها إلى جانب بعضها البعض. مسجد يتسع لأكثر من نصف مليون مصلي، ممتلئ بالمصلين، يسودهم الترتيب والتركين والنظام والنظافة، وعندما انتهينا من الصلاة وقفوا يسألوني:

- ما هي أخبار العرب مع مشاكلهم؟

- لماذا هذه المذابح بين أبناء البلد الواحد؟

- إلام الخلاف بينكم إلام؟

عندما تسمعهم يقولون: قلوبنا معكم، وعقولنا عندكم، فماذا نستطيع أن نقدم لكم لإيقاف هذه المجازر؟ ماذا نقول لهم؟ بماذا نرد عليهم؟ ألا نستحي من هذا الاقتتال الداخلي بيننا؟. مئتان وخمسون مسلماً، يدرسون ويتعلمون، يتعايشون بدون حقد أو حسد أو غش أو اقتتال، يتعلمون العربية ويحاولون إتقانها لأنها لغة القرآن. أنجيبهم أننا اقتتلنا من أجل خلاف مذهبي، أو طائفي، أو عرقي، أو قومي، أو حزبي، أو عشائري؟ الأخ يقتل أخاه، والابن يقتل أمه، والوالد يكفر ذويه، إلى أين وصلنا؟ أولنا نطفة وآخرنا للتراب، لنبتعد عن الغش والاحتيال والاقتتال، وعن الذبح والاجرام، وعن الغيبة والنميمة، وعن الاستعلاء والتكبر، كفانا اقتتالاً وكذباً وعبثاً بشؤون الآخرين، ولنعرف عدونا الحقيقي الإسرائيلي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل