أقلام الثبات
محور المقاومة بعد أن استعاد دوره ، بإرادة صموده وقدرة على مواجهة قوى تحالف العدوان الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. تمظهرت أخر تعبيرات هذا الحضور والدور ، في ذاك التكامل بالأدوار بين أطرافه ، فيما يتعلق بأحد أهم الملفات التي سعى هذا التحالف الاستكباري ولا زال جاهداً على مدى السنوات السابقة من أجل تنفيذه في لبنان ، عبر استهداف حزب الله ، من خلال التضييق والمحاصرة والشيطنة ، وضخ ملايين الدولارات ، وشن حرب في تموز العام 2006 لتحقيق هذا الهدف .
عندما فشلت الإدارة الأميركية ومعها كيانها الصهيوني المصطنع ، وجوقة الرجعيات في النظام الرسمي الخليجي ، في تحقيق هدف دفع حزب الله إلى إحراجه على طريق إخراجه من تركيبة النظام السياسي اللبناني ، كمكون حكومي ونيابي هام ، انتقلوا إلى حرب اقتصادية قذرة ، استهدفت بالمباشر الشعب اللبناني الشقيق ، بكل مكوناته وطوائفه ، دفعاً باتجاه نشر الفوضى الشاملة على كامل الجغرافية اللبنانية ، وتقليب اللبنانيين على حزب الله ، عبر دسيسة أنّه المسؤول عن كل هذا الخراب ، وصولاً إلى حربٍ أهلية ، في انتاجٍ لمشهد أكثر مأساوية وتدميراً من الحرب الأهلية في العام 1975 ، والتي استمرت 15 عاماً لم تبق ولم تذر .
حزب الله وبيئته ، وإلى جانبهم الأحزاب والقوى الوطنية في لبنان ، وقفوا متصدين بكل اقتدار في مواجهة مؤامرة استهداف المقاومة وسلاحها ، من خلال عدم الانجرار أو الإستدراج إلى مربع فتنة الحرب الأهلية التي تعمل عليها غرفة عمليات عوكر ، بكل ما امتلكوه من إمكانيات ووسائل تحريض وشيطنة، كما وقفت أطراف محور المقاومة في كل من سورية وإيران ، إسناداً ودعماً لحزب الله والمقاومة في لبنان ، تحديداً في التخفيف من حدة أعباء وتداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة ، على طريق سقوط لبنان بالقفزة الحرة ، على حدٍّ وصف أحد أعضاء وفد الكونغرس الأميركي الذي زار لبنان مؤخراً .
جديد تكامل الأدوار بين أطراف محور المقاومة ، ما أعلنه سماحة السيد حسن نصر الله عن السفن الإيرانية المُحمّلة بالوقود ، والقادمة إلى لبنان ، بعد استفحال أزمة المشتقات النفطية ، وعلى وجه التحديد مادتي البنزين والمازوت.
في إعلان السيد نصر الله ، وجّه تحذيراً ارتقى إلى مستوى التهديد لكل من الولايات المتحدة الأميركية وكيان العدو الصهيوني ، أنّ سفينة الحياة هي أرض لبنانية . مما دفع بالسفيرة دروثي شيا إلى الاستنفار ، وبدأت بسحرِ ساحر في تفكيك عُقد تسهيل وصول البنزين واستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سورية ، التي تعاني هي بدورها من حصار أميركي ظالم ومدان ، من خلال ما سمى ب" قانون قيصر " .
إعلان السيد نصر الله ، حرّك ما لم يقو أحدٌ على تحريكه ، فبعد أن أرغم سفيرة الولايات المتحدة في لبنان على التحرك ، الحكومة اللبنانية بدورها أرسلت وفداً كبيراً إلى دمشق للقاء المسؤولين السوريين للبحث في ترتيبات نقل الغاز والكهرباء عبر أراضيها . وفي سياق متصل استضافت الحكومة الأردنية اجتماعاً وزارياً ضم وزراء من سورية مصر ولبنان والأردن للبحث في سبل توريد الغاز والكهرباء إلى لبنان .
والنفط العراقي الذي كان من المفترض وصوله إلى لبنان في وقت سابق ، لكن الضغوط الأميركية وأدواتها المحلية منعت ذلك . هو بدوره أيضاً سيصل إلى لبنان خلال هذا الشهر حسب ما سربته وسائل الإعلام . سورية في هذا السياق تمثل حجر الزاوية كطرف ثانٍ ، والتي من دونها لن يحصل شيء ، لكنها وهي التي تصرفت على الدوام ، انطلاقاً من قناعاتها والتزاماتها ومسؤولياتها وإيمانها العميق بإرثها القومي والعروبي ، وعلى عكس ما تشتهيه الرياح الأميركية ، وإذ وافقت القيادة السورية على الطلب اللبناني باستجرار الغاز والكهرباء عبر أراضيها .
وفي تقديري أنها خطوة منسقة ومتفاهم عليها بالكامل مع قيادة حزب الله . وبذلك أسقطت سورية ما كانت تتمناه الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها من التلطي والتخفي وراء الموقف السوري إذا ما رفض السماح باستخدام أراضيه . ولعلّ هؤلاء الحاقدين على سورية تناسوا ، ما مررته سورية من أطنان الأوكسجين عندما فرغت المشافي منها ، انطلاقاً من مقولة شعبٌ واحدٌ في بلدين . أما إيران التي تُفرض عليها العقوبات والضغوط الهادفة إلى إركاعها وفرض الاستسلام عليها ، بهدف التخلي عن طموحاتها وتطلعاتها في التطور والتقدم والازدهار ، كدولة تملي ولا يملى عليها ، وكصاحبة مشروع تحرري من قيود دول الاستكبار العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، هي أيضاً الطرف الثالث المكمل في معادلة كسر الحصار الذي تقوده الإدارة الأميركية وحلفائها ضد لبنان ، والهادفة النيل من المقاومة بقيادة حزب الله . فأخذت إيران الجمهورية الإسلامية على عاتقها تحمل أعباء وصول المشتقات النفطية من أراضيها وعلى سفنها وطواقمها ، كما فعلت مع فنزويلا وسورية ، بهدف كسر الحصار الأميركي . مع إعلان السيد نصر الله ، ووصول سفينة الحياة الأولى إلى وجهتها ، ومن ثم اجتماع الوفد اللبناني مع القيادة السورية في العاصمة دمشق ، والاجتماع الوزاري في عمان ، ومن قبله وصول وفد من الكونغرس الأميركي على عجل لاستطلاع المواقف ، وإبداء المرونة غير المعهودة لتقديم المساعدة في تأمين البنزين والمازوت والكهرباء ، من دون الحاجة إلى النفط الإيراني .
بكل ذلك، يكون محور المقاومة قد أضاف إلى انتصاراته وانجازاته في سياق المواجهة المفتوحة مع دول العدوان ، انتصاراً جديداً بفضل تكامل الأدوار بين دوله وأطرافه ، في وقتٍ تجرعت الإدارة الأميركية ومعها كيانها الصهيوني المصطنع كأس الهزيمة في معركة الحصار ضد المقاومة في لبنان ، وسورية وإيران ، على طريق الهزيمة الكبرى في المنازلة الكبرى على أرض فلسطين.
من تستهدفهم “إسـرائيل” لا يحتاجون بيانات… بل فضحاً كاملاً للجريمة
ألمانيا... الصدمة المزدوجة ــ د. ليلى نقولا
أسوأ من 17 أيار ــ عدنان الساحلي
عملية أستراليا... بين "تبييض" الصورة "الإسرائيلية" والتحضير لاعتداء مقبل ــ د. نسيب حطيط