بسم الله الرحمن الرحيم
عالم البحار الفرنسي جاك كوستو رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيّدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
الزمان : عام ١٩٧٧ ؛ المكان : أكاديمية العلوم بالعاصمة باريس ؛ الحضور : أكثر من ٥٠٠٠ عالم في العلوم التطبيقية و علوم الأحياء و علوم البحار .
نادوا اسمه ، قام من بين الصفوف ، مشى ببطء نحو المنصة و العيون كلها تنظر بالإعجاب و الحب ؛ فهو أكبر عالم في شؤون البحار و صاحب الدراسات و الاكتشافات الرائدة في هذا الميدان الحيوي من العلوم .
وقف على منصة الخطابة و تمتم بكلمات يفهمها العرب ؛ بينما استغرب أكثرية الجمع ، و لم يفهموا شيئاً ؛ لكن ضجت أصواتهم حينما ترجم كلماته تلك باللغة الفرنسية ؛ أطلق كلماته في فضاء الأكاديمية العلمية و أعلنها بكل قوة و وضوح : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله .
نعم .. أسلم جاك كوستو أشهر و أبرز عالم بحار في القرن العشرين ؛ فما سبب إسلامه ؟
يومها قال كوستو: لقد رأيت آيات الله الباهرة في هذه البحار التي درستها لسنوات طويلة من حياتي ، ثم وجدت القرآن الكريم قد تحدث عنها و ذكرها قبل ١٤ قرناً .
سأله الحاضرون : مثل ماذا ؟ قال : درست هذه القضية و رأيتها بنفسي : مضيق جبل طارق الذي يفصل بين البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي ؛ مضيق باب المندب [ البحر الأحمر ] الذي يفصل بين البحر الأحمر و بحر العرب و المحيط الهندي .
كان من المفترض أن المحيط الكبير يطغى بمائه على البحر الأصغر منه ، مثل الأواني المستطرقة ؛ و لكن هذا لم يحدث و لن يحدث أبداً .
لقد وجدت أن هناك بحراً ثالثاً يفصل بينهما ، هذا البحر له خصائصه التي يتفرد بها عن البحرين ، و هذا التفرد في كل شيء ، في الملوحة و الكثافة و في الأسماك و في درجة الحرارة ؛ بل الأمواج و الأسماك لا تدخل هذا الفاصل أبداً .
و حدَّثت أحد البحارة الزملاء من أهل اليمن فقال لي : إن هذا الأمر الذي ذكرت موجود في القرآن الكريم و تلى عليّ هذه الآيات : { مرج البحرين يلتقيان • بينهما برزخ لا يبغيان } سورة الرحمن - الايتان : ١٩ / ٢٠ ؛ و قوله تعالى : { أمّن جعل الأرض قراراً و جعل خلالها أنهاراً و جعل لها رواسي و جعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون } سورة النمل - الآية: ٦١
إن هذه اللفتات العلمية تدل دلالة واضحة و قاطعة أن الله هو الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هذه الآيات و هذا القرآن العظيم ؛ و إلا فمن أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بأن هناك حواجز مائية بين البحار و المحيطات ؟ إنه الله ؛ إنه الله .
خيّم الصمت و السكون على الحضور جميعاً ، و هم في ذهول مما يسمعون ؛ واصل جاك كوستو حديثه قائلاً : و الأمر الآخر الذي دعاني إلى الإسلام هذه الآية : { و الطور • و كتاب مسطور • في رق منشور • و البيت المعمور • و السقف المرفوع • و البحر المسجور } سورة الطور - الآيات : ١ / ٦ ؛ إنها آية عجيبة و رهيبة .
البحر المسجور : أي البحر يشتعل نيراناً ؛ نعم إن كل المحيطات و البحار الكبرى تخرج من قيعانها النيران ، و قد صورنا هذه الظاهرة ؛ نعم صورناها في أعماق المحيطات و درسناها .
ألم أقل لكم إن هذا القرآن من الله و ليس من عند محمد صلى الله عليه و سلم ؛ ثم قام بعرض هذه الظواهر العلمية على الشاشة المتلفزة و شرحها شرحاً مفصلاً و عميقاً .
قال الله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء قدير . سورة فصّلت - الآية : ٥٣ .
إعداد : الباحث الشيخ يوسف الغوش