إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (17) ـ أحمد زين الدين

الخميس 08 تموز , 2021 10:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

41 جلسة حوار في عين التينة بين الحزب وتيار المستقبل.. وحوارات أخرى

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

انطلقت أولى جلسات الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل مساء الثلاثاء في 23 كانون الأول 2014، بعد 197 يوماً من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وقد مثل المستقبل: وزير الداخلية في حينه نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري،  نادر الحريري.
في حين مثل حزب الله: وزير الصناعة انئذٍ حسين الحاج الحسن والنائب حسن فضل الله والمعاون السياسي لأمين عام حزب الله الحاج حسين الخليل، كما حضر أيضاً معاون الرئيس نبيه السياسي، الوزير علي حسن خليل.
وبعد هذه الجلسة صدر بيان عن المتحاورين جاء فيه:
"في بداية الاجتماع رحّبَ الرئيس بري بالحضور عارضاً لمخاطر المرحلة التي تمرّ بها المنطقة ولبنان، والتي تستوجب أعلى درجات الانتباه والمسؤولية في مقاربة القضايا المطروحة والحاجة لمساهمة كلّ القوى في تحصين وصيانة العلاقات الداخلية وتنقيتها بهدف حماية لبنان واستقراره وسِلمه الأهلي والحفاظ على وحدة الموقف في مواجهة الأخطار، لا سيّما في ظل التصعيد المتمادي على مستوى المنطقة نحو تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي.
وأكّد الطرفان حرصَهما واستعدادهما البدء بحوار جاد ومسؤول حول مختلف القضايا، وفي إطار تفهّم كل طرف لموقف الطرف الآخر من بعض الملفات الخلافية، وعلى استكمال هذا الحوار بإيجابية بما يخدم تخفيف الاحتقان والتشنج الذي ينعكس على علاقات اللبنانيين بعضهم مع بعض وتنظيم الموقف من القضايا الخلافية وفتح ابواب التشاور والتعاون لتفعيل عمل المؤسسات والمساعدة على حلّ المشكلات التي تعوق انتظام الحياة السياسية.

كما شدّد المجتمعون على انّ هذه اللقاءات لا تهدف الى تشكيل اصطفاف سياسي جديد على الساحة الداخلية، وليست في مواجهة أحد أو للضغط على موقف ايّ من القوى السياسية في الاستحقاقات الدستورية، بل هي من العوامل المساعدة لاتفاق اللبنانيين بعضهم مع بعض".
وقد تزامن بدء هذا الحوار الثنائي مع حديث عن لقاء وحوار مسيحي - مسيحي محتمل، بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، للبحث في الانتخابات الرئاسية وسط غياب أي ملامح لثوابت معينة.
وبعد 41 جلسة حوار ونحو سنتين ونصف، عقدت جلسة الحوار الأخيرة بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة في التاسع من تموز 2017، بعد أن كان قد انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016، وتشكيل سعد الحريري حكومة العهد الأولى.
وكانت حوارات ثنائية أخرى تجري بعيداً عن الأضواء بدأت من باريس بين رئيسي تيار المستقبل سعد الحريري والمردة سليمان فرنجية أفضت إلى الاتفاق على ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، ويقول الوزير نهاد المشنوق عن هذا الترشيح في حديث مع "LBCI"  في 2/5/2016: "ترشيح سليمان فرنجية، الذي احترمه وأقدره، لم يأت من قبل الرئيس الحريري، هذا الترشيح أتى من وزارة الخارجية البريطانية، ثم انتقل إلى الأميركان، ومن الأميركان إلى السعوديين، ومن السعوديين إلى الرئيس الحريري، وذلك لم يحدث بين ليلة وضحاها".
أضاف: "حصل ذلك نتيجة قراءة سياسية لديهم تقول بأن حزب الله سيخرج من سوريا بعد عام أو عامين، ولن يكون رابحاً، وبالتالي سأقول لك التعبير الذي استخدم بدقة، سيكون حزب الله كالفيل الذي يدخل إلى مكان من الزجاج ويكسر كيفما تحرك، فالأفضل أن يكون هناك رئيس يطمئنه ويجعله أكثر انسجاماً مع النظام اللبناني وطبائعه، من دون أفكار مؤتمر تأسيسي وتعديل دستور وحرب أهلية".
ويقول المشنوق: "هناك بالسياسة أكبر بكثير مما نراه، نعم هكذا تمت تسمية سليمان فرنجية، هذا ماحدث فعلاً". وأشار إلى أن "كل ذلك جاء نتيجة توافقات عربية ودولية كبرى وليس نتيجة قرارات شخصية، لا أحد يذهب إلى الشام نتيجة خيارات شخصية، ولا أحد يختار رئيساً للجمهورية من 8 آذار نتيجة خيارات شخصية، هذه نتيجة خيارات وطنية لها علاقة بأمن وسلامة البلد وضمانة الدول الكبرى للاستقرار والأمن في هذا البلد".
وأكد أنه "يجب أن تعرف الناس أن القرارات التي اتخذت لم تكن نتيجة تشاور بين الرئيس الحريري والسنيورة وبيني، لا، هي نتيجة خيارات سياسية دولية كبرى". الآن لن يُنتخب رئيس لنفس الأسباب التي لم ينتخب لأجلها منذ أشهر وسنوات أي رئيس، ألم يرشح الرئيس الحريري في وقت من الأوقات العماد عون؟ ما ذا كانت النتيجة؟ ماذا فعلت به السياسة السعودية السابقة في ذلك الحين؟ فعلت ما لا يفعل، قالت ما لا يقال. لا يستطيع أحد القول أنه لا يتأثر بأحد، في كل العالم الناس تتأثر ببعضها فكيف يمكن أن لا نتأثر بالقوى الكبرى.
مسألة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كانت قد ولدت تقريباً في شهر آب 2015، وينسبها البعض إلى السفير الأميركي السابق في بيروت ديفيد هيل، الذي كان قد دعا في منتصف الصيف فرنجية إلى لقاء عقد في ضيافته وبقي سرياً، نوقشت في التطورات المحيطة بالاستحقاق الرئاسي.
عقب اللقاء أسر هيل بفكرة ترشيح فرنجية، وخصوصاً بد سقوط معادلة ترشيح جعجع في مواجهة العماد ميشال عون.
هيل نقل الفكرة إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي نقلها إلى الحريري الموجود في الرياض في تشرين الأول 2015، وتم التداول بالأمر على أنه مجرد خطوة يمكن أن تخضع للنقاش، وهكذا توسعت الاتصالات حول هذه الفكرة، إلى أن تلقف صديق مشترك للحريري وفرنجية وهو جيلبير شاغوري الفكرة ووجه لهما دعوة لاستضافتهما في منزله في باريس".
وفعلاً حصل اللقاء في باريس، وتم الاتفاق بين الرجلين، على أن يبقى هذا الاتفاق سرياً، ريثما تنضج طبخته ويتم تسويقه، لكن خبر اللقاء تم تسريبه، ووفق المعلومات، فإن من سرب أخبار هذا اللقاء هو شخصية أمنية وديبلوماسية سابقة على علاقة وثيقة بعائلة الحريري، ويكره آل فرنجية.
ورغم بيانات النفي، إلا أن الجهة المسربة كانت تؤكد اللقاء وحصول الاتفاق، وبهذا كانت "دعوة سعد الحريري إلى قادة "المستقبل" ومستشاريه ومدير مكتبه لزيارة الرياض بعد يومين على لقاء بيت الوسط الثاني بهدف التشاور في ما آل إليه اللقاء مع فرنجية وما يجب اتخاذه من خطوات لاحقة.
وفي 17 كانون الأول 2015 يقول رئيس تيار المردة: "تفاهمنا مع الحريري في باريس على عدد من الأمور، وقررنا أن يكون اللقاء سريا ليتشاور كل منا مع فريقه، والسيد نصرالله كان دائماً على علم بكل الأجواء، ولا يمكن للمبادرة أن تصبح رسمية من دون الاتفاق عليها نهائياً".
وعلى هذه الخلفيات، دار الحديث عن حال من الغليان تعيشها أوساط معراب، فيما غابت ردات الفعل الكتائبية عن اللقاء، بعدما تردد أن النائب سامي الجميل قصد العاصمة الفرنسية للقاء الحريري بناءً لدعوة شخصية منه تزامنت والدعوة المعلنة لجنبلاط الذي قصدها برفقة وائل أبو فاعور، على متن طائرة خاصة أوفدها الحريري لهذه الغاية.
وأكثر من ذلك، أكدت الأوساط السياسية الضيقة التي واكبت اللقاء بين الحريري وفرنجية وما سبقه وما تلاه أنه دق أبواب التضامن الهش في مابين قوى "14آذار" وهددت بردات فعل أكبر، خصوصاً بعد أن فسرتها أوساط "القوات اللبنانية" بأنها العملية الثانية التي يقدم عليها الحريري من دون علم حلفائه المسيحيين بعدما عادوا بالذاكرة إلى مسلسل اللقاءات السرية التي عقدت بين الحريري وعون والوزير جبران باسيل في روما وباريس والرياض، وكان جعجع في حينه ما يزال المرشح الوحيد لــ "المستقبل" وقوى "14آذار" في تلك المرحلة. 
بأي حال بقيت حالة الفراغ الرئياسي سائدة، واكتشف سمير جعجع أن لاحظ له بالوصول إلى الكرسي الأولى فاعلن عن تأييد ترشيح العماد عون بعد الوصول مع التيار الوطني الحر إلى ما أطلق عليه "تفاهم معراب".
وفيما بات واضحاً أن حظوظ رئيس المردة سليمان فرنجية للوصول إلى السدة الأولى مسدودة، أمكن لشخصين مقربين من تياري المستقبل والوطني الحر من أن يلعبا دوراً هاماً في فتح كوة في الجدار السميك بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ولعبا دوراً بارزاً في توفير الأسباب والإمكانيات للقاءين بين قياديين بارزين من الطرفين، بقيا بعيدين عن العيون والأذان، لكنهما كانا كفيلين في انفتاحهما على بعضهما، وبالتالي الوصول إلى تبني اختيار العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فكان إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في 20 تشرين الأول 2016 رسمياً تأييده ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وعليه كانت الجلسة السادسة والأربعين في مجلس النواب في 31 تشرين الأول لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث انتخب العماد عون بعد 888 يوماً من الشغور الرئاسي في جلسة انتخابية دامت أكثر من ساعتين تخللها أربع دورات انتخابية وانتهت بفوز العماد بــ 83 صوتاً مقابل 36 ورقة بيضاء و7 أوراق ملغاة وورقة وضع عليها اسم ستريدا طوق جعجع.

يتبع ... 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل