رسالة الى أهلنا الشرفاء: الصبر ليس ذلّاً _ نسيب حطيط

الإثنين 09 حزيران , 2025 08:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يعيش أهلنا الصابرون المُحاصرون حرباً استثنائية من الترهيب الأمني والنفسي والمعنوي (مرحلة القرابين) لشراء الوقت، بعدما احتشد العالم ضدهم، وهم الفئة القليلة المؤمنة والصابرة والشجاعة التي لا زالت تقاوم رغم جراحها النازفة، وترفض رفع راية الاستسلام للعدو الذي يعتقد بعد تجربته مع المقاومة وأهلها في لبنان منذ اجتياح عام 1982 انه يواجه جماعة استثنائية لا تشبه أكثر العرب والمسلمين ،وتتحصّن بعقيدتها ولا تتنازل عن ثوابتها، مهما كان الترغيب لها او الترهيب بالقتل والتدمير والتهجير.
يستمر التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" بحربه العسكرية والإعلامية والنفسية ضد الطائفة المقاومة في لبنان، فلم يُوقف الاغتيالات للمدنيين بحجة أنهم مقاومون يقومون بترميم القدرات العسكرية التي قصفها الاحتلال، ولا يزال وبرعاية أميركية، يقوم بترهيب المدنيين عبر الإنذارات والقصف وتدمير المباني السكنية (ليلة العيد) الخالية من أي مخزن سلاح او اي شبهة عسكرية ،بتأكيد الجيش اللبناني ووصلت الغطرسة "الإسرائيلية" - الأميركية للتهديد بقصف أبنية مدمّرة عبر إجبار الجيش اللبناني الوطني الذي يتحمّل هذه الضغوط التي تسعى لإذلاله ولإشعال الصدام مع المقاومة وأهلها، لكنه آثر ان يضحّي بجنوده ومعنوياته ،حفظاً لأهله، وهذا هو الموقف الوطني والشجاع، وليس عيباً ان يتحمّل من أجل شعبه ووطنه... 
لا شك أن ما يعيشه أهلنا وابناؤهم المقاومون يثير الغضب والحزن والحسرة، ممزوجاً بالخيبة من القتال وحدهم وقد استَفرد بهم العدو دون نصير أو حليف من العالمين، لكننا لسنا وحدنا، فالله سبحانه معنا، ما دمنا نعمل في سبيله، وما خاب من كان الله معه، ولن يخيب ظننا، لأننا سنقاتل في سبيله وليس من أجل أحد.
عاش أهلنا أربعة عقود من المقاومة والمجد والفخر والعزة والمعنويات حتى صاروا قوة يهابها العدو ويلتزم بشروطها ولا يستطيع أهلنا الآن، تقبّل استباحته للبنان وفرض شروطه، وكادوا  يختنقون حسرة على الشهداء وعلى ما وصلنا إليه وهذا حقّهم ولا نعيب عليهم ذلك.
لكن، أيها الأحبة، لا تحزنوا ولا تشعروا بالذل والمهانة وأنتم الأعلون.. لم يبق في الأمة غيركم  وبعض الشرفاء خارج فلسطين على جبهات المواجهة البرية والميدانية، يحمل بندقيته ويدافع عنها ولا يستطيع العدو انتزاعها منه بالقوة حتى الآن، ولن يستطيع بإذن الله، لو كنتم ضعفاء أذلاء لما احتشد العالم ضدكم.
الصبر والحكمة ليستا ذلًّا، بل جزء من استراتيجية وخطط الحرب، ولكم في رسول الله(صلى الله عليه وآله) أسوة حسنة، وفي منهج الأئمة (عليهم السلام)، والذين تنوّعت أدوارهم واتّحدوا في الهدف (حفظ الرسالة) فإذا كان حفظ الرسالة يقتضي قتالاً واستشهاداً وبذل دماء ،كنا أول المجاهدين العلويين والحسنيين والحسينيين (والميدان يشهد بذلك) وإذا كان حفظ الرسالة، يقتضي صبراً وحكمة وتحمّل أذى وعذاب ، كنا أول الصابرين وأهل الحكمة ولنا  في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسوة وقدوة عندما أهانه كفّار مكة والطائف ورموه بالحجارة والقذارات وأهانوه، لكنه تحمّل لنشر الرسالة.. فهل كان ذليلاً ام مجاهداً في سبيل الله سبحانه وعاد منتصراً وفاتحاً لمكة؟
هل كان الإمام علي (عليه السلام) ذليلاً عندما قال: "لأسَالِمن ما سلِمت أمور المسلمين"، او كما تقول الروايات إنه تم تقييده بحبائل سيفه، فاختار ان يضحي بمعنوياته لحفظ الرسالة، وهو الشجاع دون منازع.
هل كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) ذليلاً أم مقاوماً وهو الأسير عند قاتل أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) وانصاره، لكنه  صَبر ، لأن مسؤوليته حفظ الرسالة، واضطُر لعدم تأييد الثورات ضد الأمويين علانية، واعتمد استراتيجية الدعاء الرسالي الحركي ،حتى هدّد حكم بني أمية ،فبادر الحجّاج للتحريض على قتله لحفظ حكم الأمويين.
ألم تسمعوا أن بعض الخلفاء العباسيين كانوا يقتادون بعض الأئمة مخفورين ووصلت الوقاحة بأحد الخلفاء ان يطلب من أحد الأئمة إنشاده الشعر في مجلسه، وكانت مسؤولية الأئمة حفظ الرسالة وتحمّل العدوان المادي والمعنوي؟
الأهل الأحبة والشرفاء: 
مسؤوليتنا جميعاً حفظ المقاومة، والجماعة، وعدم الوقوع في الفخ "الإسرائيلي" - الأميركيي باستدراجنا الى حرب وفق توقيتهم المناسب، وعلينا الصبر والإعداد (كما حالنا اليوم) إلى حين التمّكن من خوض الحرب التي لم تنته بعد، وفق توقيتنا المناسب .
لسنا أذلّاء ولسنا مهزومين، والدليل ان أميركا و"اسرائيل" ومن معهم لا زالوا خائفين من السلاح الذي نملك وأهمّه وأخطره (عقيدتنا الإسلامية) وفق المنهج الحسيني التي لا تساوم ولا تستسلم، ولا تعترف "بإسرائيل" بعدما اعترف بها بعض الفلسطينيين وأغلب العرب والمسلمين.
واجبنا وهدفنا حفظ المقاومة، لحماية لبنان، وهدف سلاحنا الدفاع عن أهلنا وعقيدتنا .
لا تحزنوا لأننا بقينا وحدنا، فالرسل والأنبياء والصالحون بقوا وحدهم دون نصير، وأهل الكهف بقوا وحدهم واهل الأخدود، لكنهم انتصروا... وسنصبر بالتلازم مع الإعداد، وسننتصر بإذن الله سبحانه.
تباهوا وتفاخروا واشكروا الله الذي اصطفاكم للقتال ضد اعدائه... فأنتم أهل الصبر والشجاعة والميدان...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل