الاستيطان والتجنبس المقنّع في سورية .. نذير تكرار مأساة إحتلال فلسطين

الجمعة 06 حزيران , 2025 09:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في لحظة حرجة من التاريخ الحديث، تلوح في الأفق ملامح سيناريو مأساوي قد يبدو مألوفًا. ليس من باب المبالغة أن يُقال إن ما شهدته فلسطين منذ قرن مضى من تغييرات ديمغرافية واستيطان منظم تحت غطاء سياسي وعسكري، قد يجد صداه اليوم في مشهد سوري بات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

فما يجري في سورية يطرح أسئلة كبرى حول مستقبل البلاد وهويتها الوطنية. إذ تشير تقارير عديدة إلى أن مجاميع تكفيرية وافدة من خارج الحدود، جرى دمجها ضمن التشكيلات العسكرية المحلية، وتم منح أفرادها أوراقًا رسمية وترتيبات قانونية تجعلهم جزءًا من النسيج السوري الجديد. هذه المجموعات، التي تضم عناصر من جنسيات متعددة، تم استيعابها في بيئة مشحونة بالتفكك والفراغ المؤسساتي، ما خلق مناخًا يسمح بممارسات تشبه في كثير من تفاصيلها سياسات "تغيير البنية السكانية" التي طبّقت في أماكن أخرى من العالم، أبرزها فلسطين تحت الاحتلال البريطاني.

الأخطر من ذلك، أن هذه التحولات تجري بهدوء، دون استشعار كافٍ لحجم ما يحدث، أو مساءلة مجتمعية حقيقية حول ما إذا كانت هذه القرارات تمثل الإرادة الوطنية أو أنها تُفرض في سياق نزاع إقليمي ودولي تجاوز إرادة السوريين أنفسهم. ما يجعل من المشهد الراهن أكثر خطورة، هو صمت القبول الضمني أو اللامبالاة التي تخيم على قطاعات من المجتمع، رغم أن ما يتم تنفيذه قد يُشكّل نواة لتغيير طويل الأمد لا يقتصر على بُعد أمني أو عسكري فقط، بل يتعداه إلى البُعد الثقافي والسياسي والاجتماعي.

إن ما يحدث ليس مجرد تغيرات مؤقتة فرضتها ظروف الحرب، بل قد يكون مشروعًا استراتيجيًا يعيد رسم الجغرافيا والديمغرافيا السورية بطريقة لا تختلف كثيرًا عمّا حدث في فلسطين، عندما بدأت عمليات الاستيطان تدريجيًا، تحت أنظار العالم، وانتهت بتغييب شعب كامل عن أرضه وحقوقه.

في ظل هذا الواقع، يبرز سؤال ملح: ما هو شكل سوريا القادم مع انضمام عصابات الجولاني من جنسيات متعددة كالايغور وغيرها؟ ومن الذي يصوغ ملامح هذا المستقبل؟ إن الإجابة لن تكون سهلة، لكنها تبدأ بالوعي بخطورة المرحلة، وبأهمية إعادة الاعتبار للقرار الوطني المستقل، قبل أن نجد أنفسنا أمام واقع يصعب التراجع عنه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل