تطورات عسكرية خطيرة وسياسية متسارعة.. ماذا ينتظر شمال أفريقيا؟ ـ فادي عيد وهيب

السبت 26 حزيران , 2021 07:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

شهد الشهر الجاري تركيزاً كبيراً جدا على شمال افريقيا، الذي حمل تطورات عسكرية خطيرة وسياسية سريعة، وبات من الواضح أن المخطط الذي يستهدف إيران بالدرجة الأولى صار يستهدف الجزائر أيضا، في معادلة واحدة أولها إيران شرقا وأخرها الجزائر غربا.
فالأولى وان كانت هي الشغل الشاغل للموساد الذي يستشرف شكل المستقبل في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة على أثر معركة "سيف القدس"، ثم فوز إبراهيم رئيسي برئاسة إيران، وما كان تسريب وثائق تدمير المفاعل النووي العراقي "تموز" إلا رسالة إسرائيلية لطهران، أما الثانية أي الجزائر فقد وصلت في تعاونها العسكري مع كل من تركيا وروسيا لمرحلة أزعجت واشنطن وباريس بشدة.
وقبل ذلك لا ننسى التعاون الجزائري الإيراني نفسه في ملفات عدة وفي مقدمتها دعم جبهة البوليساريو، مما يضرب استقرار أبرز حلفاء إسرائيل إلا وهي المغرب، لذلك تعمدت المغرب توجيه انذار لكل من الجزائر واسبانيا معا، بعد أن استقبلت مدريد زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بحجة العلاج بتنسيق مع المخابرات الجزائرية، قبل ان تقوم مدريد بتحشيد البرلمان الأوروبي لرفض ممارسات المغرب بعدما سمحت بدخول آلاف المغاربة الشهر الماضي الى سبتة ومليلية، فجاءت مناورات "الأسد الأفريقي 2021" (7الى18يونيو/حزيران الجاري) على الأراضي المغربية لتكون أشبه ببروفة لإستهداف الجزائر.
وهنا أردوغان لم يتردد في استغلال الصدام بين اسبانيا والمغرب كحال القبطان العثماني خير الدين بربروس خلال حرب اسبانيا والجزائر 1519م، فبدأ أردوغان مشوار تعميق علاقاته مع المغرب بكلمة السر بحروبة في ليبيا والصومال وإقليم ناغورنو كارباخ، عبر إهداء الرباط طائرات "بيراقدار" المسيرة.
فجاء الرد من رئيس أركان الجيش الجزائري خلال مشاركته في المؤتمر التاسع للأمن الدولي بموسكو 24يونيو، منددا بالاحتلال المغربي للصحراء (حسب وصفه)، قائلا: "إن الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في إفريقيا".
ومن جهة أخرى، أخذ المغرب على عاتقه تغيير دفة مسار الخريطة المرسومة لقطاع غزة من قبل القاهرة، بالتعاون مع تركيا تحت مظلة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمون، بعد أن التقى رئيس وزراء المغرب المحسوب على حزب "العدالة والتنمية" المغربي مع وفد حركة حماس الأسبوع الماضي بقياد إسماعيل هنية قادما من إسطنبول، وهو اللقاء الذي جاء بدعم تركي، بعد أن باءت المصالحة الصورية بين إسطنبول والقاهرة بالفشل جراء استمرار تركيا في دعم الفوضى بليبيا، وبعد جولة من الصراع المكتوم بين مصر والمشير خليفة حفتر من جهة، وتركيا وعبد المجيد تبون من جهة أخرى على أرض ليبيا.
فقد طلبت القاهرة من تركيا تعهداً بسحب مرتزقتها من الغرب الليبي، فجاء الرد بزيارة وفد تركي ضم أغلب وزراء الحكومة التركية وفي مقدمتهم وزيري الدفاع والداخلية ومدير المخابرات الى طرابلس 12يونيو/حزيران، كي ترد مصر بزيارة مدير مخابراتها اللواء عباس كامل لطرابلس وبنغازي معا 17يونيو/حزيران.
وبعد أن شبه الرئيس الجزائري الجيش الوطني الليبي بالمرتزقة عبر لقائه بقناة الجزيرة 8 يونيو/حزيران، قرر الجيش الوطني الليبي إغلاق الحدود الجنوبية الليبية مع الجزائر في 21يونيو/حزيران، ومنع التحرك فيها، وان كان الهدف الظاهري هو التصدي للتكفيريين هناك، إلا أنها في حقيقتها تهدف لوقف عمليات التنقيب الجزائرية عن الغاز على الحدود مع ليبيا بشكل أفقي، بجانب توجيه رسالة لقصر المرادية مفادها نفس ما هدد به حفتر الجزائر منذ أربعة أعوام بنقل الحرب من ليبيا الى الداخل الجزائري.
وفي "مؤتمر برلين2"، جاء دور المانيا في الملف الليبي بالإنابة عن بريطانيا، كي تتفرغ الأخيرة لقيادة المواجهة ضد روسيا في البحر الأسود، ومن البداية، المانيا تلعب دور مشبوه في ليبيا، وكذلك تونس أيضا لتثبيت الفوضى في الغرب الليبي، وهي لها يد طولى في ملفات الهجرة، ومنظمات المجتمع المدني، والتأكيد على عدم خروج عبد الحميد أدبيبة من عباءة فايز السراج، وقبل كل ذلك إضعاف جهود فرنسا لمجابهة النفوذ التركي في شرق المتوسط وليبيا، ففي الوقت الذي كانت ترفض فيه تركيا مقررات برلين، كان الإتحاد الأوروبي يجري مشاورات مع تركيا حول الأمن والدفاع.
وعلى غرار خط الـ "رورو البحري" بين تركيا ومصر في عهد المعزول محمد مرسي، نفذت شركة "كرانفيل" التركية أول رحلة نقل رورو من ميناء أمبارلي في إسطنبول إلى ميناء مصراتة الليبية، حيث تقوم الشركة بنقل الحاويات من موانئ إسطنبول وسامسون وإسكندرون  وإزمير ومرسين وقوجه إيلي بتركيا إلى مصراتة الليبية.
ونظام “رورو/Ro-Ro” هو نظام بحري يتم استخدامه لنقل البضائع بين الدول، حيث يتم تصدير المنتجات عبر شاحنات تحملها عبّارات تُعرف بـ”سفن الدحرجة” المصممة لحمل السيارات والشاحنات من ميناء إلى ميناء.
خلاصة القول تشهد منطقة شمال افريقيا إحتدام والصراع بين أغلب دولها، والأخطر هو دخول الأقطاب الدولية والقوى الإقليمية الى قلب تلك المنطقة كي تزيد الأمور إشتعالا، وهو ما ينذر بأحداث كبرى ستشهدها تلك المنطقة في المستقبل القريب، بعد ان وصل الصراع الدولي على النفط الليبي الى ذروته، وبعد تعنت روسيا وتركيا بالبقاء في ليبيا رغم المطالبات الدولية لخروج المرتزقة الأجانب من هناك، وهو ما يهدد المسار الديموقراطي في ليبيا والانتخابات المزمع عقدها نهاية العام الجاري، كي ترجح كفة استمرار الفوضى في ليبيا وربما انتقالها للجوار لاحقاً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل