إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (16/11) ـ أحمد زين الدين

الخميس 17 حزيران , 2021 10:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

الحرب على لبنان في تموز - آب 2006 أوقفت الحوار وكشفت الأقنعة

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

 

لم تتوصل جلسة الحوار الوطني في 3 نيسان إلى اتفاق حول مسألة الرئاسة، وخصوصاً أن تداعيات الانقسام في قمة الخرطوم، حيث ذهب الرئيس فؤاد السنيورة إلى القمة من خارج الوفد الرئاسي اللبناني برئاسة الرئيس إميل لحود، وحاول أن يطرح نفسه كممثل للبنان، لكن لحود حسم المسألة، وأكد رئيس القمة الرئيس السوداني عمر البشير الأمر، بأنها قمة رؤساء دول، فألقت هذه المسألة بظلها على المناخ السياسي العام في البلاد، وهنا عمل الرئيس نبيه بري على تبريد الأجواء بتأجيل الحوار إلى يوم الجمعة في 28 نيسان 2006، حيث شهدت الجلسة نقاشاً مطولاً حول مسألة الرئاسة فطرح فريق 14 آذار استقالة الرئيس إميل لحود.
وفي الفترة الواصلة بين 3 نيسان و27 نيسان، حصل المزيد من السجالات بين مختلف الأفرقاء، لم تخل من الحدة، ولذلك كانت جلسة الحوار هذه حافلة بالعتاب انتهى إلى توضيحات من هنا وهناك، ليفاجئ الرئيس بري الجميع بسؤال، ما إذا كان عند أي طرف إشكالية ما حول القرارات السابقة المتفق عليها منذ الجلسة الأولى للحوار، كمسألة المحكمة الدولية والعلاقات اللبنانية - السورية والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات ... فلم يسجل أحد أي ملاحظة، وهنا نقل الرئيس بري الحوار إلى الموضوع الرئاسي، مؤكداً أن هناك رئيس جمهورية موجود، ونحن لسنا في صدد إجراء انتخابات، ولذلك يجب أن ينطلق النقاش من هذه النقطة بالذات، أي يجب وجود توافق، فهذا الاستحقاق لا يتحول إلى استحقاق لبناني إلا من خلال التوافق.
وحسم رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون بإعلانه ترشيح نفسه للرئاسة، مما جعل الجميع يدخل في صلب الموضوع، لكن بطريقة غريبة، بإعلان فريق 14 آذار، أن لهم أيضاً مرشيحهم ومنهم: نسيب لحود، بطرس حرب، نائلة معوض، شبلي الملاط وغيرهم ...
وتراوحت النقاشات بين الحدة والهدوء، وتوسعت مروحة الاتهامات، وبعد أخذ ورد تم تأجيل الحوار إلى 16 آيار.
في تلك الجلسة، أي في الجولة السابعة من الحوار لم يتفق قادة الحوار حول الموضوع الرئاسي، فاتفق إذا جاز التعبير على الخلاف حول هذا الموضوع الرئاسي، لتصبح هذه النقطة خارج طاولة الحوار الرئيسية.
وإذ أعلن قادة 14 آذار على طاولة الحوار أن هذا الاتفاق لا يعني تراجعهم عن العمل السياسي في سبيل إسقاط الرئيس إميل لحود أو إقالته، أكد رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الدين الحريري استمرار الموالاة العمل لإسقاط الرئيس لحود.
بأي حال، بعد تنظيم قادة الحوار خلافهم حول مسألة الرئاسة لم يبق على طاولة الحوار سوى سلاح المقاومة، حيث طرح أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بعد أن أدلى عدد من المتحاورين بدلوهم في هذا المجال، مطالعة اسكتت الجميع، وكأن على رؤوسهم الطير، وبعد أن استعرض نشوء المقاومة وتطور دورها وعملها وإنجازاتها، سأل السيد نصرالله من يحدد العدو؟ وسأل هل إسرائيل عدو أم لا؟ فإذا كانت عدوة فمن أين سنتسلح؟ وهل يكون السلاح على نمط اتفاقية الهدنة عندما اعطتنا الدول أسلحة تتفتت قبل استعمالها، ثم من سيمول عملية التسلح طالما أن الجيش عاجز عن فعل ذلك والدولة ليس في مقدورها أن توظف فكيف بعملية تسلح؟ وتساءل السيد نصرالله عن الدول الغربية منطلقاً من زيارة الرئيس السنيورة الأخيرة إلى أميركا وبريطانيا، حيث لم يتفوه أحد هناك بموضوع دعم الجيش والتسلح، وسأل السيد نصرالله من سيضمن عربياً أو دولياً عدم قيام اسرائيل بالاعتداء علينا إذا لم تكن هناك مقاومة، فالمبعوث الأميركي فيليب حبيب نفسه ولدى حركته المكوكية على الخط اللبناني أتى بضمانات أميركية ودولية، وإذ به يموت قهراً لأن الضمانات خرقت والفلسطينيين ذبحوا بمراقبة دولية، ولما كانت راجمات شارون تنزل على رؤوس اللبنانيين كالمطر كنا نحن مجرد صور في تلفزيونات العالم أما الضمانات فقد ذهبت هباء. وأعطى السيد نصرالله وفق المعلومات شرحاً وافياً في التعريف والفرق بين المقاومة والميليشيا، حيث أن المقاومة هي التي تدافع عن الحدود أما الميليشيا فتتألف من ميليشيات مسلحة تقاوم المقاومة والدولة معاً، وسأل أيضاً ماذا فعلت المقاومة بلبنان سوى أنها قاومت العدو وانتصرت عليه. وتحدث السيد نصرالله عن ثلاثة طرق للدفاع عن لبنان وهي إما عبر المقاومة أو الجيش أو المزج بينهما، فالمزج يكون إما بوجود تنسيق بين الجيش والمقاومة كما هو حاصل الآن، وإما أن تكون المقاومة بأمرة الجيش وهنا يصبح الجيش مكشوفاً لأي اعتداء إسرائيلي في حال حصول أي مواجهة، أما أن يكون وحده في وجه إسرائيل فالجميع يقر باختلال موازين القوى لصالح قوات الاحتلال صاحبة أكبر ترسانة في الشرق الأوسط، فتبقى المقاومة الشعبية التي حققت النصر وأثبتت جدواها على مر السنين. 
وفي مداخلته أعلن السيد نصرالله  أن المقاومة ستتخذ كل التدابير من أجل إطلاق الأسرى اللبنانيين في سجون العدو بما فيها أسر جنود صهاينة. وأمام المطالعة البليغة للسيد نصرالله طلب الجميع مهلة للتفكير وخصوصاً أن أحداً لم يجد ما يعقب عليه أمام قوة المنطق والحجج، فطلب قادة الحوار مهلة وعلى ذلك حدد الموعد الجديد للحوار في 8 حزيران 2006 لكن هذه الجولة من الحوار لم تسفر عن نتيجة سوى الاتفاق على هدنة إعلامية ليؤجل الحوار إلى 29 حزيران، فكان كل ما توصلت إليه هذه الجلسة هو تشخيص للعدو ليس إلا. وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده مدير الحوار الرئيس نبيه بري في نهاية هذه الجولة (التاسعة) اكتفى بوصف المناقشات بأنها كانت جيدة ومطمئنة، مؤكداً على استمرار الجميع في الالتزام بميثاق الشرف، وأعلن رفع جلسات الحوار إلى 25 تموز لاستكمال البحث في الاستراتيجية الدفاعية.
.. وفي 12 تموز 2006، استطاعت المقاومة بعملية جريئة ونوعية من أسر جنديين اسرائيليين، لتشن إسرائيل حربها الواسعة على لبنان، والتي لقيت دعماً دولياً غير مسبوق، وأوضحت ناظرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس أهدافها، بإعلانها من بيروت ون السراي الحكومي، أنه من رحم هذه الحرب سيولد الشرق الأوسط الجديد، فاستمرت هذه الحرب التي حققت فيها المقاومة انتصارها الكبير، مدة 33 يوماً، وبالتالي مر الموعد المحدد للحوار ليعلن مبتدع الحوار الرئيس نبيه بري في 25 تشرين الأول، عن إطلاق طاولة التشاور في 6 تشرين الثاني ... .

يتبع ... 

(حلقة جديدة كل ثلاثاء وخميس)


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل