إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (16/4) ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 18 أيار , 2021 08:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

1970 - 1975 لبنان على حد السكين

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

 

تجارب الحوار اللبناني - اللبناني منذ العام 1943 لم تكن كلها ايجابية، حتى أن بعضها كان ايذاناً بتدهور الأوضاع في البلد الصغير وإذا عرفنا بعض جوانب الحوار اللبناني - اللبناني منذ مطلع القرن التاسع عشر حتى نهاية ستينيات القرن الماضي، فإنه منذ العام 1970 ومع وصول الرئيس سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة، بدت الامور تؤذن وكأن البلاد أمام مرحلة جديدة، لكن التطورات الدراماتيكية على المستوى الداخلي والأقليمي كانت تؤشر إلى أن لبنان والمنطقة يدخلان في مرحلة جديدة من التأزم بسبب سلسلة من التطورات السلبية كان أبرزها:
- اندلاع القتال بين المقاومة الفلسطينية والسلطة الأردنية عام 1970 الذي انتهى بإنهاء الوجود العسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية في الأردن عام 1971 فانتقل عمل المقاومة بكل ثقله السياسي والعسكري والاعلامي إلى لبنان.
- وفاة الزعيم العربي الكبير الرئيس جمال عبد الناصر في 28 أيلول عام 1970 مما أفقد لبنان صديقاً عربياً كبيراً وكان الزعيم العربي الوحيد القادر على ضبط الأوضاع.
- العدوان الإسرائيلي الواسع النطاق على العرقوب عام 1972.
وهكذا صارت الاوضاع في لبنان على وتيرة تصاعدية متميزة بحدة الانقسام الداخلي المترافق مع تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية التي ترجمت في 10 نيسان 1973 باغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة: يوسف النجار، كمال عدوان، وكمال ناصر، فكان أن استقالت حكومة الرئيس صائب سلام بعد أن رفض الرئيس فرنجية مساءلة قائد الجيش اسكندر غانم عن التقصير، علماً أن هذه الاستقالة جاءت بعد تظاهرة ضمت أكثر من ربع مليوم متظاهر لبناني وفلسطيني واعقب هذه الاستقالة اشباكات عنيفة بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية لتزداد الامور تعقيداً مع تطور هذه الاشتباكات إلى أزمة حكم، خصوصاً بعد تكليف الرئيس سليمان فرنجية، النائب الدكتور أمين الحافظ تشكيل حكومة جديدة لم يدم عمرها أكثر من خمسة أيام، وفي 25 تموز 1973 شكل الرئيس تقي الدين الصلح حكومة جديدة من 22 وزيراً كانت الأكبر في تاريخ لبنان، لأنه أرادها أن تكون ممثلة لأكبر قدر من الاتجاهات السياسية والمناطق اللبنانية وعلى هذا أطلق عليها "حكومة كل لبنان"، ولابد هنا من الإشارة إلى أن هذه الحكومة ولدت بعد مخاض طويل بسبب الأخذ والرد والفيتوات المتبادلة كان أبرزها وضع فيتو على تسلم كمال جبنلاط وزارة الداخلية، فكان بالنتيجة حل وسط قضى بأن يتولى هذه الوزارة عضوة جبهة النضال الوطني النائب بهيج تقي الدي الذي كان قد تصالح مع كمال جبنلاط قبل الانتخابات النيابية عام 1972، اثر الخلاف الذي وقع بين الاثنين منذ انتخابات رئاسة الجمهورية عام 1970، حيث أيد تقي الدين المرشح للرئاسة الياس سركيس خلافاً لرغبة جنبلاط بتأييد الرئيس سليمان فرنجية.
وظلت الامور على وتيرتها التصاعدية لتصبح الساحة اللبنانية مهيأة للانفجار عند أي شرارة، فبدأ اشتعال لهيب الفتنة في شهر كانون الثاني عام 1975 بالعدوان الإسرائيلي الواسع على الجنوب، ثم اغتيال المناضل معروف سعد في شهر شباط، وفي 13 نيسان انفتح ميدان الحرب الأهلية بشرارة بوسطة عين الرمانة، التي حاول الرئيس فرنجية معالجتها في 23 نيسان بحكومة عسكرية برئاسة العميد المتقاعد نور الدين الرفاعي بدلاً من حكومة الرئيس رشيد الصلح، لكن الحكومة العسكرية انهارت بعد ثلاثة أيام، لتتصاعد الأزمة الدموية حاصدة المزيد من البشر .. والوقت أيضاً.
في 28 أيار 1975 كلف الرئيس رشيد كرامي بتشكيل الحكومة الجديدة، فأصر كمال جنبلاط والقوى الوطنية اللبنانية على أبعاد حزب الكتائب عن الحكومة الجديدة، فيما أصر حزبا الكتائب والوطنيين الأحرار على المشاركة .. وفي النهاية شكلت حكومة جديدة استبعد عنها أي ممثل للكتائب ولجنبلاط.
يتبع ... 

(حلقة جديدة كل ثلاثاء وخميس)


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل