الثبات - إسلاميات
التراتبية مطلوبة في كل حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا يمكن للإنسان أن يكون معزولاً عن أي واحدة من هذه، وهذا كله نأخذه من خلال القرآن الكريم، الذي لم ينزل دفعة واحدة، بل نزل على فترات متقطعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رتب بحسب الآيات والسور، ليكون دستوراً للبشرية جمعاء على مر زمانها واختلاف مكانها وتعدد شعوبها، وهذا ما أشار إليه سماحة الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه في ابتداء تفسير سورة المزمل:
سورة المزمل: وهي سورة نزلت بعد سورة القلم, وهي مكية؛ أي نزلت في مكة المكرمة قبل الهجرة, إلا بعض آيات نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم, وللمكية والمدنية اتجاهان اختلف فيهما العلماء: البعض قال بالمكان: أي أن المكية هي ما نزلت في مكة المكرمة سواء كان هذا النزول قبل الهجرة أو بعدها. أما المدنية: فهي ما نزلت في المدينة المنورة سواء كان هذا النزول قبل الهجرة أو بعدها. والبعض الآخر قال في الزمان: فالمكي هو ما نزل قبل الهجرة سواء كان هذا النزول في مكة أو في غيرها. والمدني: هو ما نزل بعد الهجرة النبوية سواء كان هذا النزول في مكة أو في المدينة. ونجد أيضاً ارتباط هذه السورة بما سبقها من نزول, فسورة القلم تكلمت عن العلم وعن الإيمان من خلال العلم, مع العلم أن سورة القلم نزلت بعد سورة اقرأ, فنلاحظ الترتيب بين هذه السور, القراءة ثم الكتابة ثم الانتقال إلى العلاقة مع الله سبحانه وتعالى, فينبغي أن تقرأ في هذا الكون وأن تقرأ في المسطور فتكون بذلك قراءة منظور في الكون ومسطور في الكتاب, وبعدها ترتقي مع نفسك لتزاوج بين الإيمان الروحي والإيمان العقلي؛ لتنطلق بعد ذلك في دنيا الناس لتدعوهم إلى الإيمان سبحانه وتعالى.