أقلام الثبات
بدأت الأحزاب والتنظيمات تشكيل ما يعرف "بالماكينات الانتخابية" للتحضير للإنتخابات النيابية عام 2022، واللافت ان هذه الأحزاب تتعامل مع الناخبين والوقائع وكأن شيئاً لم يتغير في لبنان سواء على المستوى الشعبي او الإقتصادي او المعيشي وكأن الدولار لم يتضاعف سعره عشر مرات او ان اللبنانيين قد تحوّلوا الى طوابير تنتظر الزيت أو السكر المدعوم ...!
لكل حزب او تنظيم او تيار أهدافه ومصالحه الخاصة، وإن كانت شعاراته تتصف بالوطنية وحماية المصالح العامة كما هو شأنه في الانتخابات السابقة، لكن في قراءة لنتائج الانتخابات السابقة نرى ان أكثرية الأحزاب الا في استثناءات موضعية وقليلة لم تستطع كبح جماح ممثليها من تحقيق المصالح الخاصة بهم ولم تستطع تحويل المنظومة التمثيلية والنيابية والوزارية وحتى الإدارية الى منظومة حزبية تعتمد المصلحة العامة ويصبح الوزير او النائب او الموظف ممثلا لمصالح المواطنين وفق وجهة ومنظومة حزبه وليس ممثلا لمصالحه الشخصية ونزواته مما جعل ممثلي الأحزاب يستقوون باحزابهم لتحصين فسادهم وحماية رشاواهم وفي مرات أخرى يحتمون بالطائفة او المذهب فيتحصنون بمنظومة ثلاثية الأبعاد (التنظيم – الطائفة-ومافيا المصالح).
أولى الخطوات الناقصة والسلبية التي تمارسها الأحزاب تتمثل بعملية ترشيح نوابها ووزرائها فهي لا تعتمد الديمقراطية الداخلية في انتخاب الذين سيمثلون الحزب او التنظيم في الانتخابات النيابية بل يتم التعيين والتسمية عادة من رئيس التنظيم وفي بعص المرات لا يتغير الناب الا في حالات الوفاة او الطرد (مرات قليلة) وسواء كان النائب او الوزير فاشلا او فاسدا او ناجحا او مقصّرا او قاصرا ..فهذا لا يؤثر على استمراريته في مركزه طالما ان زعيم الحزب والتنظيم راض عنه او يحقق له مصالحه وطالما انه مطواع وغير كفؤ حتى يسهل على رئيس التنظيم عزله ساعة يشاء.
وهنا يطرح السؤال...من المسؤول عن الفشل في أداء النواب والوزراء؟
من المسؤول.. عن ما وصلت اليه الأوضاع؟
هل المسؤولية تقع على النواب والوزراء كأشخاص أو أنها مسؤولية الأحزاب والتنظيمات؟
من نحاسب في الانتخابات الأحزاب أم ممثليهم في مجلس النواب والحكومة والإدارة ؟
هل ستحاسب التنظيمات والأحزاب ممثليها على فسادهم او تقصيرهم او فشلهم، أم تحاسبهم الناس في الإنتخابات؟
هل تتحمل الناس المسؤولية الشاملة لأنها لازالت تبايع وتؤيد الأحزاب التي حكمت واستلمت السلطة وفشلت واضاعت ودائع الناس واوصلت الناس الى الجوع والفقر...؟
اعتقد ان المسؤولية الأساس والجوهرية تتحملها الناس الذين بواسطتهم يتم بناء المؤسسات الدستورية عبر انتخاب النواب ودعم الأحزاب وهيكلتها وبناء تنظيمها وحشد جمهورها وتأمين القوة المعنوية والمادية للأحزاب.. وبالتالي فإن عملية التغيير تبدا من دائرة الشخص ودائرة الجماعة لأن الله سبحانه يقول: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) وبالتالي فإن عادت الناس وانتخبت من تتهمه بالفساد او التقصير او القصور .فهي تتحمل مسؤولية فساده وتقصيره وإن عادت الناس وبايعت أحزابها يعني أنها توافق على ما أصابها لأنها تبايع نفس المنظومة الحاكمة التي امسكت بالسلطة واضاعت الأموال وافقرت الناس وبالتالي لا يحق لها ان تتظاهر او تقطع الطرقات او تشتم او تلعن من كان سبب ما تعيشه من أوضاع معيشية صعبة لأنها ستعود لإنتخابه مرة أخرى بنفس الوجوه والأسماء التي لا زالت تمثلها لعدة دورات انتخابية وكـأن الأحزاب قد أصابها سن اليأس في إنجاب الكفاءات أو انها أحزاب عاقرة لا تستطيع الإنجاب ..!
اذا بقيت الثلاثية الخائبة (الشعب والانتخابات والأحزاب) من دون مراجعة نقدية او تصحيح او تصويب او تغيير عناصر تمثيلها ..فانتظروا الأصعب والأسوا..وكما يقول الله سبحانه (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).